الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كيف نستفيد من قضايا التحرش؟

كيف نستفيد من قضايا التحرش؟

انفجرت قضايا التحرش الجنسى،  وظهرت إلى النور، بعد أن كان يحيطها الظلام من كل الجوانب، الجريمة فى الغالب تتم داخل أماكن مغلقة، وبلا شهود على الوقائع، والضحية  تلوذ بالصمت خوفا من قسوة المجتمع عليها، وتأنيبها ولومها وإدانتها  بدلا من الجانى، ولكن  بفضل شجاعة بعض الفتيات وسلاح السوشيال ميديا ظهر مؤخرا عدد من الوقائع والتى لن أتكلم عن تفاصيلها ولن أخوض فيها حتى تنتهى التحقيقات والمحاكمات بالإدانة أو البراءة،  ولكن ما يهمنى الآن هو كيف يستفيد المجتمع  من ظهور هذه الحوادث للعلن؟ بالطبع من الضرورى أن  يتم تشجيع الضحايا على التقدم ببلاغات ضد المتحرشين، وأن ينزعن نقاب الخوف من المجتمع والأسرة، يواجهن التقاليد البالية التى تفضل ما يطلق عليه- زورا- الستر على العدالة، وأن يتغلبن على الشعور بالعار من ذنب لا يد لهن فيه، ولكن بجانب ذلك يجب أن نعرف كيف نوقف هذه الجرائم ونمنعها من الأصل؟ أو على الأقل نحد منها، الأمر فى اعتقادى يحتاج إلى تحرك جهات عديدة وعلى رأسها المجلس القومى للمرأة والجمعيات الحقوقية المعنية بالقضايا النسوية، بجانب عدد من الوزارات والمؤسسات، والنقابات المهنية والعمالية، الكل عليه عبء توعية المرأة والفتيات بكيفية التصرف لوقف التحرش الذى يتعرضن له خاصة فى أماكن العمل، والأخطر لو كان الجانى رئيسا للضحية أو له نفوذ عليها، يقتضى الأمر جلسات تعريف   ما هو التحرش؟ وما هو القول واللفظ والفعل الذى يقع تحت هذا التعريف؟ وعندما تتعرض الفتاة أو المرأة لإحدى هذه الممارسات كيف يكون رد فعلها؟ وما هى الطريقة التى توقف بها المتحرش وتمنعه من التمادى فى جريمته؟ ثم ما هو الإجراء القانونى الذى يجب اتخاذه حتى لا تضيع الأدلة ويضيع معها حق الضحية؟ كل هذا يتطلب جهدا كبيرا، من الجهات المعنية والمهتمة بالقضية، والتى عليها الاستعانة  بمتطوعين ومتطوعات، خاصة من المحامين والأطباء النفسيين، ولا بد من إقناع  ضحايا  التحرش لكى يحكين تجربتهن حتى يتم الاستفادة من هذه التجارب، مثلا كيف تم استدراجهن؟ وما هى الظروف التى أتاحت للجانى الفرصة للقيام بالجريمة؟  وكيف تنتبه  الفتاة  الى أن الرجل يحاول اصطياد الفريسة؟ وما هو الفارق بين الكلمات  واللمسات العفوية والمقصودة؟ كل هذه الخبرات إذا تم نقلها يمكن أن تعطى الفتيات خاصة الصغيرات فرصة للإفلات من المجرم قبل أن ارتكاب جنايته، ولأنه من المستحيل  تنظيم هذه الندوات وجلسات التدريب وورش العمل  فى كل المؤسسات والهيئات والوزارات وأماكن العمل العام والخاص فيمكن الإعلان عنها ومواعيد إقامتها ويتم تكليف المسئولين عن المؤسسات بوضعها فى أماكن واضحة مع دعوة الموظفات والعاملات لحضور هذه الدورات باعتبارها مهمة عمل، الأمر يمتد أيضا إلى المدارس والجامعات حيث تواجه الطالبات أحيانا تحرشا من أساتذتهن وزملائهن، بجانب ربات البيوت واللاتى يتعرضن للتحرش فى الشوارع، وسائل الإعلام أيضا لها دور مهم ويمكن للمجلس القومى من خلال الفضائيات المختلفة عمل برامج تشرح فيها كل ما يتعلق بالتحرش،  وقد نحتاج إلى خط ساخن تتصل به الضحية وتلجأ إليه لمساعدتها فى الحصول على حقها فور حدوث الجريمة، الرجل أيضا يحتاج إلى التوعية بخطورة هذه الأفعال، وعليه أن يدرك حدود علاقته مع زميلاته حتى لا يقع فى فعل يعد من أفعال التحرش،  أما ألأطباء النفسيون فلهم دور مهم  فى  مساعدة الضحايا على  تجاوز المحنة وعودتهن إلى الحياة الطبيعية بأقل الخسائر النفسية، ويمكن أن ندرس تجارب الدول الأخرى ضد التحرش وكيف تعاملت مع القضايا المماثلة للاستفادة منها، ومطلوب أيضا التأكيد على حماية الضحايا اللاتى يتقدمن ببلاغات والحفاظ على سرية أسمائهن ما يشجعهن على القيام بهذه الخطوة القانونية، علينا أن نستفيد مما حدث ليس فقط فى إدانة الجناة ولكن فى حماية المجتمع من المتحرشين  ومنعهم من ارتكاب الجريمة فالوقاية خير من العلاج.