الجمعة 23 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

آدم وحواء.. طاعة الزوج والأب من طاعة الرب

لو حذفنا المقدمة المقروءة بصوت «حسين صدقى»، مؤلف الفيلم ومنتجه ومخرجه، وصاحب التوجه الذكورى المنسوب إلى الدين الإسلامى قرآنًا وحديثًا. لأنه من دون هذه المقدمة وما بداخل الفيلم من استشهاده بآيات قرآنية، لوجدنا أنه فيلم اجتماعى لا يختلف عن أفلام مصرية سبقته وتلته فى المفاهيم عن علاقة الرجل بالمرأة. «ليلى مراد، فاطمة» الزوجة، بلا عمل، ولديها خادمة وتجد أن من حقها أن تخرج للتسوق مثلاً دون إخباره، هو يخرج إلى عمله ويعلمها بذلك كما تعلم موعد عودته.



 

يقدم الفيلم نموذجًا آخر لزوجين، أختها «سميحة توفيق» وزوجها «إسماعيل يس»، اختار الكاتب اسمًا غير شائع للزوجة المتسلطة «عزات» التى تصف علاقة الزواج بأنها تقوم على راكب ومركوب، المركوب هنا زوجها «مختار» فاشل فى عمله كمدير، بينما الزوج المسيطر «سامى» ناجح فى عمله، وهو صاحب جريدة ورئيسها، خرج صباحية زواجه ليرعى مصالحه بينما حصل عديله «مختار» على أسبوعى شهر عسل، مما أثر على عمله الخاص أيضًا. اختار «صدقى» نموذجًا لصاحب عمل مختلفا تمامًا عن الموظف المسئول فى (العزيمة)، فيلم الواقعية الذى نحترمه، كما اختار ربة بيت لدور «ليلى مراد» وليست مدرسة فى مدرسة بمطروح كفيلمها البديع (شاطئ الغرام) هنا يخاطب كمنتج طبقة رأسمالية ويعطيهم درسًا فى كيف تعامل زوجتك وقيادة بيتك. 

يستخدم ورقة الطلاق لتأديبها كرد فعل على طلبها النفقة. غناء «ليلى مراد» يخفف من ثقل المواعظ، وهناك مفارقة فى شكل الفساتين وموديلات الشعر المرسل فى تضاد مع الشعارات الدينية، ويبدو أنه لم يلتفت لهذا الأمر وإلا كان ألبسها خمارًا أو عباءة، كما أن اختيار أماكن السهر فى كازينو حيث الراقصة «كيتى»، وعشاء على أنغام موسيقى غربية ناعمة، يتناقض مع البطل وتوجهاته الدينية، ولكنها شروط التوزيع التى تفرض وجود كل توابل السينما المصرية من سهرات وتعاطى خمور وراقصة شرقية، وأيضًا حفلة زار، مما يؤكد أنه لم يكن ملتزمًا حقيقيًا كما أراد أن يرسم صورة لنفسه.

أتفهم حجم كراهية الناقد الكبير «سمير فريد» للنجم «حسين صدقى» الذى يتأكد أن تدينه لم يكن أكثر من قشور لتاجر يريد الحصول على دعم لينتج فيلمًا، هو خليط من التركيبة التقليدية للفيلم المصرى مع رشة من الحكم والمواعظ الدينية، وبعض النصائح للتجار، منها ألا ينفقوا من رأس المال كما يفعل عديله «مختار».

«سامى» هو النموذج الوحيد المثالى كما يرى هو، حماه سلّم أمره لزوجته، «مارى منيب» فى نمط للحماة التى تخرب على بناتها، الأب الوالد «شريف بيه» يصحو من غفلته ويقول لزوج ابنته: بحبك وباحترمك، ثم يثأر لرجولته ويطلق زوجته بعد خضوعه لها سنين، تعالج نفسها بالزار وتسقط ميتة، ماتت «علوية» وسامى «يخطب»، لايزالون يعتقدون فى الخرافات!!، والأب نادم، ياريتنى ما زعلتها، «عزات» تفشل فى إدارة عمل زوجها وسيعلن إفلاسه، «سامى» يذكر أن الطلاق أبغض الحلال كمقال يمليه على مساعده عبر تسجيل مفتوح، «سعيد أبوبكر» فى دور «جميل»، الأخ المدلل، يحرضه «صلاح نظمى» الثرى الطامع فى الزواج من «فاطمة» على قتل «سامى»، فيتم تسجيل محاولة القتل وتثبت الجريمة على «جميل». يحفظ التحقيق وينتهى الفيلم بموعظة من «سامى» إلى حماه، لازم تفهم «فاطمة» إن طاعة الزوج والأب من طاعة الرب، «فاطمة» كزوجة صالحة، تعتذر وتعترف بغلطتها، تقول ببلاهة تجيد «ليلى مراد» التعبير عنها: «أنا جايالك علشان أرجع آدم الجنة تانى». 

«حسين صدقى» كانت تربطه صداقة بالشيخ «محمود شلتوت»  الذى وصفه  بأنه «رجل يجسد معانى الفضيلة ويوجه الناس عن طريق السينما إلى الحياة الفاضلة التى تتفق مع الدين». 

(آدم وحواء) 1951، به الكثير من الرقص الشرقى والغربى، ورش حكم وآيات قرآنية مجتزأة من سياقها ليقدم «حسين صدقى» فيلمًا برؤيته الكاملة كتابة وتمثيلاً وإخراجًا،أما أفلامه التى لم يخرجها فما زلنا نشاهدها ونتحمل سماجته بفضل الإخراج الجيد والغناء الجميل لفنانة لا أعرف أين كان عقلها حين شاركت معه هذا الفيلم بمواعظه المباشرة.>