الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
عجائب الثانوية العامة

عجائب الثانوية العامة

من يتابع أخبار نتيجة الثانوية العامة ويحلل أرقامها لا بد أن يصاب بالدهشة، هل هذه الأرقام تعبر بالفعل عن واقع التعليم المصرى؟ وهل لدينا كل هذا العدد من  النابغين؟  كل واحد من  المتفوقين هو مشروع عالم كبير طبقا للدرجات التى حصل عليها، مثلا لدينا 14 طالبا حصلوا على الدرجات النهائية فى جميع المواد  منهم 12 من قسم العلمى علوم واثنان من العلمى رياضيات، وأعتقد أنه فى الدول المتقدمة من يحصل على هذه النتيجة  يتم الاهتمام به باعتباره نابغة، وتتنافس الجامعات المختلفة على إغرائه للالتحاق بها والدراسة فى المجال الذى يحبه ويتفوق فيه، ظاهرة المتفوقين لدينا تطرح عدة أسئلة: هل هم بالفعل عباقرة أم أنهم حصلوا على هذه الدرجات المرتفعة بسبب سياسة التعليم عندنا والتى لا تثمر تفوقا حقيقيا؟ وأين أوائل السنوات السابقة؟ وهل واصلوا نبوغهم فى الجامعات؟ ومن تخرج منهم هل أصبح من العلماء الكبار وله مكانة علمية تتفق مع تفوقه فى الثانوية؟ إذا كانت الإجابة لا، هل العيب فى الجامعات ونظامها التعليمى الذى لم يستطع تبنى هؤلاء الطلاب  والاستفادة من استعدادهم  العلمى، أم العيب فى دراسة ما قبل التعليم  الجامعى، أم فى الاثنين معا؟ من المؤكد أنه كان من بين هؤلاء المتفوقين فى السنوات السابقة مشروع عالم حقيقى، ولكنه لم يجد الاهتمام الكافى، ولا أسلوب الدراسة الكفيل بالاستفادة من اجتهاده،  ولا المناخ الذى يضعه على طريق العلم  الحقيقى، وهو ما سيتكرر مع أوائل هذا العام، عجائب الثانوية لا تقف عن العدد الكبير الذى حصد الدرجات النهائية، فهناك عدد أكبر نقص مجموعهم نصف درجة أو درجــة  فقـط، بـل إن عدد من حصلوا على 95 % فأكثر يصل إلى 18 % من إجمالى طلاب الثانوية العامة، وهو رقم  كبير جدا، فهل لدينا كل هؤلاء المتفوقين السوبرمان أم  أن النظام التعليمى يؤدى إلى أرقام وهمية وغير حقيقية؟، ومن بين عجائب الثانوية أيضا حصول 112 طالبا على الدرجة النهائية فى اللغة العربية، مما يعنى  أنهم لم  يقعوا فى خطأ واحد نحوى أو لغوى، وأن  قدرتهم على فهم النحو والشعر والأدب والتعبير كبيرة جدا، وذلك رغم الشكاوى المستمرة من ضعف مستوى الطلاب فى كل مراحل التعليم بما فيها الجامعى  فى  اللغة العربية، ومن العجب أيضا حصول 486 طالبا على الدرجة النهائية فى الفيزياء و1762 فى الكيمياء وهؤلاء من المفترض أن تتلقفهم كليات العلوم لنبوغهم فى هذين العلمين الصعبين وأن نجد عددا منهم  بعد سنوات من العلماء فى هذين المجالين المهمين، وأيضا من الأرقام الملفتة حصول 912 طالبا على 100 %، 100 فى الجولوجيا، و809 فى الأحياء، وهى مواد علمية نحتاج إلى دارسين نابغين فيها، إن صحت هذه النتائج، وأما فى الرياضيات فهناك 400 حصلوا على النهائيات فى الاستاتيكا ومثلهم فى الديناميكا و236 فى الرياضة التطبيقية، وهؤلاء من  المفترض أن يبرزوا فى المستقبل فى الهندسة والرياضيات، أما القسم الأدبى فقد وصل عدد المتفوقين إلى 1158 فى الفلسفة والمنطق و856 فى الجغرافيا،  لقد عاصرت زمنا كان فيه المتفوق  يحصل على 70 % أو أكثر قليلا، ويلتحق بكليات القمة، ولا ننسى أن فاروق الباز ومجدى يعقوب وأحمد زويل وغيرهم من العلماء الكبار  لم يحصلوا على الدرجات النهائية  ولكنهم وجدوا فى الخارج من يلتفت إلى مواهبهم ونبوغهم، فأصبحوا علماء نفتخر بهم وتفخر بهم الإنسانية، نحتاج حقيقة إلى دراسة ظاهرة الدرجات النهائية  فى الثانوية العامة لأنها  فى كل الأحوال كاشفة لخطايا التعليم عندنا.