
تحية عبدالوهاب
«ماما» أمريكا
مشهد مأساوى بكل المعايير، أسوأ ما فيه أنه فصل متكرر فى سلسلة من الممارسات العنصرية بجميع أشكالها من الدينية والمحاباة وكذلك لون البشرة والتمييز فى كم الثروات. هذه العنصرية التى تجلت فى دولة تتباهى أمام العالم بأن مواطنيها ينعمون بحقوق الإنسان دون تمييز بين مواطن وآخر، إلا أن هذه الدولة جاء منها هذا المشهد المأساوى الذى شاهده العالم ولم يكن الأول، وإنما ربما من آلاف المشاهد بل ملايين من قبله لم تحظ بتلك المشاهدة. أمريكا التى تتشدق وهى ورئيسها ترامب يمارسون تلك العنصرية على مواطنيهم الضعفاء والفقراء وشعوب من دول العالم الثالث مثل ما يحدث مع الشعب الفلسطينى المحتل أرضه من الصهاينة فتراق دماؤهم كل يوم دون رحمة، المشهد جاء بعد مقتل المواطن الأمريكى «جورج فلويد» بمدينة مينيابوليس التابعة لولاية مينيسوتا وسط الولايات المتحدة الأمريكية، الواقعة تم رصدها وتصويرها على الهواء أثناء حدوثها لحظة بلحظة ولمدة 9 دقائق، جسد خلالها بشكل شديد الكثافة والوطأة الواقع الذى نعيشه جميعا واقع التوحش واختلال التوازن الإنسانى بين عناصر الخير والشر التى طغت وبلغت الذروة متمثلة فى صرخة «فلويد» المواطن الأمريكى ذو الأصول الأفريقية بعد القبض عليه دون سبب واضح بالشارع من ثلاثة ضباط شرطة ذوى البشرة البيضاء، حيث جثا أحدهم بركبتيه على رقبة فلويد المقيد الأيدى والمطروح أرضا ولا يمثل تهديدا وظل يضغط على رقبته وفلويد يصرخ ألما واستغاثة صارخا أننى لا أستطيع التنفس، بينما يقف باقى أعضاء الحملة يتابعون المشهد دون حراك حتى لفظ فلويد أنفاسه الأخيرة وهو ينادى على أمه. مشهد مأساوى متكرر فى سلسلة من الممارسات العنصرية فى دولة تتباهى بحقوق الإنسان الأمريكي. المدهش أكثر هو ما حدث بعد نشر المشهد المأساوى عبر مواقع التواصل الاجتماعى، حيث اندلعت إثر ذلك المظاهرات والاحتجاجات العارمة فى أكثر من 400 مدينة أمريكية وأخرى مساندة فى مدن خارجها رغم القيود المفروضة بسبب الكورونا أغلب تلك المظاهرات شباب بخلفيات عرقية مختلفة حاملين شعارات مناهضة للممارسات العنصرية ووحشية الشرطة، الأمر الغريب أن الشرطة قامت بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطى بل تصاعد الأمر إلى نزول الجيش بناء على أوامر الرئيس ترامب والذى يأخذ قراراته دائما دون تعقل سياسى وغياب للعقلانية ولايفكر إلا فى كيفية الاستيلاء على أموال وثروات دول العالم الثالث والأمر المدهش أن أمريكا المتباهية دائما والمتعالية دستورها يتضمن حق المواطن فى التعبير والتظاهر والمساواة فى الحقوق والجميع سواسية أمام القانون دون عنصرية فى لون البشرة أو اختلاف الأديان. الواقع أثبت أن المجتمع الأمريكى لاتزال به مشكلات عرقية مزمنة وممارسات عنصرية ضد السود تعود جذورها لما يقرب من أربعة قرون ورغم انتهاء العبودية رسميا، فإن التمييز مازال قائما سواء كانوا من الأفارقة أو اللاتينيين أو الأسيويين. أمريكا تتحدث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان كصناعة للتصدير للعالم الثالث لكن لديها العنصرية مباحة. تحيا مصر