أغانى «التيترات» بين الفلامنكو و المهرجانات

لانزال نستكمل الحديث عن أغانى موسم رمضان 2020، بعد أن تحدثنا فى المقال السابق عن أغنية «حسن شاكوش» فى مسلسل (البرنس) لـ«محمد رمضان»، وكيف لم تلقَ الأغنية انتشارًا جماهيريًا مثل باقى أغانى «شاكوش»، وكأن أعماله عندما أصبحت تعامل بالشكل الرسمى دون حالة جدل، لم يعد هناك رواج لها كما كان يحدث فى الماضى.
من أهم مسلسلات هذا العام، مسلسل (الاختيار) الذى يجسد بطولة الشهيد «أحمد المنسى»، فى مواجهة الإرهابيين. هنا نجد أن أغنية (متدمعيش يا امايا) للفنان «وائل الفشنى» والتى عُرضت فى الحلقة الأولى، قد تركت تأثيرًا قويًا فى نفوس المشاهدين، وهذا نستطيع أن نستدل عليه من خلال غضب لجان الإخوان على وسائل التواصل الاجتماعى من مشاهد المسلسل وبالتحديد الحلقة الأولى، وهذا إن دل على شىء فهو يؤكد على القوة الجماهيرية المشاهدة للمسلسل.
قوة أغنية «الفشنى» تأتى من كونها عنصرًا من العناصر المكملة لمشاهد المسلسل، فهى ليست أغنية منفصلة عن العمل ومصنوعة بغرض الدعاية، أو أنها مقحمة فى الأحداث بشكل غير مبرر بغرض التواجد فقط، بل على العكس تمامًا، فقد تم توظيف الأغنية بشكل أكثر من رائع لتخدم الحالة الدرامية للمسلسل، بعد استشهاد أبطالنا فى رفح لحظة الإفطار فى رمضان منذ سنوات قليلة، وبالتزامن مع نهاية الحلقة الأولى للمسلسل والتى عرضت أيضًا فى أول أيام رمضان بعد الإفطار بدقائق بسيطة.
المخرج «بيتر ميمى» كان موفقًا للغاية فى الربط بين صور الأبطال الشهداء بعد انتهاء المشهد التمثيلى، وبالتزامن مع غناء «الفشنى»، حتى إن كان الموقف الدرامى يتحدث عن لحظة الغدر التى تدل على خسة العناصر الإرهابية، فكانت الأغنية حزينة ولكنها لم تكن تتحدث بصيغة مستضعفة، فصوت «الفشنى» القوى، كان له تأثير شديد الدلالة على قوة وإرادة المصريين، حتى فى أصعب الظروف وفى أصعب اللحظات المتزامنة مع الموت، لا ننكسر ونغنى بأحزاننا من مصدر قوة وليس من لحظات ضعف أو يأس، وهو ما نجحت به الأغنية بامتياز.
أيضًا الأغنية لم تستخدم بعد ذلك فى باقى الحلقات، لتكون متماشية مع فلسفة المسلسل باستخدام أهم رموز السينما كضيوف شرف فى الحلقات بتوظيف درامى يتماشى مع طبيعة الأحداث لكى يكون هناك نوع من التشويق، وأيضًا بغرض الحشد الجماهيرى لمشاهدة المسلسل اعتمادًا على نجومية ضيوف الشرف مثل: «آسر ياسين، محمد عادل إمام، إياد نصار وكريم محمود عبدالعزيز»، وقطعًا «وائل الفشنى» وأغنيته التى صنعت خصيصًا لتكون متماشية مع حادثة رفح.
ومن «وائل الفشنى» إلى «نانسى عجرم» وأغنية (العمر) تيتر مسلسل (سكر زيادة) بطولة النجمات «نادية الجندى، نبيلة عبيد، سميحة أيوب وهالة فاخر». كانت هذه الأغنية معبرة عن طبيعة أحداث المسلسل والتى تدور حول ثلاث سيدات يقعن ضحايا لعملية نصب بسبب فيللا قمن بشرائها، وعليهن اﻵن التعايش مع الوضع الراهن فى السكن فى الفيللا نفسها فى إطار كوميدى.
هذا المسلسل بمجرد أن تم الإعلان عنه، وجدنا بعض الانتقادات الجماهيرية لفكرة الاستعانة بهذا الفريق النسائى لبطولته بحجة تقدم عمر البطلات. لتأتى كلمات «تامر حسين» التى غنتها «نانسى عجرم» من ألحان «وليد سعد» والتى تقول: «العمر عمره ما كان سنين بنعدها، وتاريخ بينكتب على الورق، العمر رحلة بحلوها وبمرها، داخلين مع الأيام سبق، والشاطر اللى يعيش وما تشغلوش أيام» هى أبلغ رد على تلك الانتقادات، ولتكون الأغنية معبرة عن واقع المسلسل، وعلى الجانب الموسيقى فسنجد «أحمد إبراهيم» كعادته لا يخرج كثيرًا عن شكل «الفلامنكو» فهو واحد من أكثر الموزعين العرب استخدامًا له.
وبمناسبة الحديث عن «الفلامنكو» سنجد أن «نادر حمدى» هو الآخر قدم التوزيع الموسيقى لتيتر أغنية مسلسل (لما كنا صغيرين) من غناء الفنانة الكبيرة «سميرة سعيد» على نفس القالب الموسيقى، والأغنية من كلمات «أمير طعيمة» وألحان «مدين»، ورغم جودة الأغنية وقوة الأسماء اللامعة المشاركة فى صناعتها، فإننا لا نلاحظ اختلافات كبيرة بين نوعية الأغانى التى تقدمها «الديفا» فى ألبوماتها، وبين هذه الأغنية.
موسيقى «الفلامنكو» متواجدة بقوة هذا العام فى تيترات مسلسلات رمضان، وهذه المرة مع الفنان «رامى صبرى» وأغنية مسلسل (فرصة ثانية). الأغنية من كلمات «تامر حسين» وألحان «مدين» وتوزيع «نادر حمدى»، وأيضًا عند الاستماع للأغانى التى يصنعها هذا الثلاثى والأغانى التى يقدمها أيضًا «رامى صبرى» فى ألبوماته الغنائية فسنجد أنه لا يوجد أى اختلاف بين أغنية المسلسل وأغانى الألبومات العاطفية، علمًا بأنه من المفترض أن الأغانى المصنوعة خصيصًا للأعمال الدرامية من المفترض أن تكون مختلفة نظرًا لاتساع المساحة التى توفرها الأعمال الدرامية لصناع الاغنية للحديث عن موضوعات مختلفة عما يقدم فى الأغانى العاطفية.
وبما إننا تحدثنا عن الأغانى الدرامية التى تشبه إلى حد كبير نفس الأغانى التى يقدمها المغنون فى ألبوماتهم، فسنجد الفنان «مدحت صالح» يسير على هذا النهج فى تيتر مسلسل (ونحب تانى ليه) من كلمات «أمير طعيمة» وألحان وتوزيع «خالد عز»، وأيضًا بالتنفيذ الموسيقى لـ«الفلامنكو»، ولكن هذه المرة ربما يكون الأمر مبررًا لأن المسلسل فى الأساس تدور أحداثه فى إطار عاطفى ورومانسى، والأغنية بالفعل معبرة عن طبيعة أحداث المسلسل.
أما «أنغام» فى أغنية مسلسل (جمع سالم) من كلمات «أمير طعيمة» وألحان «إيهاب عبدالواحد» وتوزيع «أمير هداية»، فسنجد أن الفكرة الأساسية لصناعة الأغنية تدور حول فكرة «النوستالجيا» والذكريات العائلية، ولولا أن الأغنية مصنوعة لتيتر مسلسل لكنا تصورنا أنها ضمن حملة إعلانية كالتى تصنع خصيصًا لشهر رمضان وتتحدث عن نفس الفكرة «الحنين للماضى»، وتفاصيل «لمة العائلة» وما إلى ذلك من المعانى المستهلكة التى تتكرر كل عام فى شهر رمضان حتى أصبحت أشبه بـ«الكليشه».
وإلى أغانى المهرجانات وتواجدها هذا العام فى مسلسلات رمضان 2020، حيث التواجد الأول لأبرز فريق يقدم «المهرجانات» فى مصر وهو «المدفعجية»، وهذه المرة يشتركون فى الغناء مع «آسر ياسين» و«نيللى كريم»، وهذه ليست المرة الأولى التى يقدم فيها «المدفعجية» أغنية فى موسم دراما رمضان، فقد فعلوا الأمر نفسه قبل ذلك فى موسم 2017 وبالاشتراك الغنائى مع «أحمد مكى وشيكو وهشام ماجد» فى مسلسل (خلصانة بشياكة).
(مليونير) هو عنوان أغنية مسلسل (بـ 100 وش)، من كلمات «شيندى وكنكا» وألحان «ديزل» وتوزيع «المدفعجية»، وهى معبرة عن طبيعة أحداث المسلسل الذى يتحدث عن النصب والبحث وراء الأموال بأى طريقة ممكنة فى إطار كوميدى.
أما الأغنية الثانية من أغانى المهرجانات هذا العام فهى لـ«أحمد فهمى وأكرم حسنى» فى مسلسل (رجالة البيت) بعنوان (اتنين بس احنا واحد)، وهى أغنية تسير على نهج «المهرجانات» بشكل نموذجى، بنفس الأسلوب ونفس طريقة الغناء واستخدام المؤثرات الصوتية، وأيضًا من حيث مضمون كلمات الأغنية التى تتحدث عن علاقة الصداقة، والأغنية متماشية بشكل كبير مع أحداث المسلسل.