الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مبارك وفايتسمان.. واقعة حقيقية أمْ مختلقة؟

مبارك وفايتسمان.. واقعة حقيقية أمْ مختلقة؟

هذه حكاية خطيرة، ودلالاتها مهمة وكاشفة إذا كانت صحيحة، أمّا إذا كانت غير دقيقة فلا بُدّ أن يَرُدَّ أحدٌ من رجال الرئيس الأسبق حسنى مبارك ويُصححها حتى لا تلتصق به. الواقعة نشرتها صحيفة «الأخبار» يوم الثلاثاء الماضى، وتفاصيلها غريبة وصادمة، ووقائعها جاءت فى مذكرات الصحفى الإسرائيلى يهودا ليطانى ونشرها فى صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية قبل وفاة «مبارك» بأيام، وقام الزميل محمد نعيم بترجمتها. وإليكم القصة كما نُشرت باختصار غير مُخل: «مع بدايات حُكم مبارك عام 1982م حل وزير الدفاع الإسرائيلى فايتسمان ضيفًا على مبارك فى فيللا متاخمة لقصر المنتزه بالإسكندرية، ووفقًا لما ذكره الصحفى الإسرائيلى أنه رافق فايتسمان لتغطية محادثات بين القاهرة وتل أبيب، وفوجئ بفايتسمان يقتحم عليه غرفته بالفندق وقد علت وجهَه تهاليلُ الفرحة واصطحبه للقاء شخصية ما. أضاف: ركبتُ بجوار فايتسمان وانطلقتْ خلف سيارتنا المرسيدس السوداء سيارةٌ أخرى يستقلها طاقم حراسة مصرى، واقتربنا من فيللا تحيطها أسوار  خرسانية عالية، وضغط فايتسمان جرس الإنتركوم وجاء صوتٌ متسائلًا: مَنْ؟ وأجاب الطارق: فايتسمان. بعد دقيقتين تقريبًا انفرج الباب على الرئيس المصرى مبارك وفوجئتُ بإطلالته البسيطة، إذْ كان يرتدى ملابس صيفية خفيفة عبارة عن قميص وبنطلون من القطن، ووسط ذهول الصحفى قدّمه فايتسمان إلى مبارك على أنه صديقه المُقرّب والصحفى المتخصص فى الملف الفلسطينى، استقبلهما مبارك بحفاوة بالغة وجلسوا فى شرفة واسعة تطل على البحر، وظل ليطانى صامتًا أمام حديث مبارك وفايتسمان حول معارك الطائرات الحربية بين مصر وإسرائيل ولم يتوقفا عن الكلام إلّا بَعد نصف ساعة تقريبًا، حينما خلد فايتسمان إلى نُعَاس مفاجئ وعميق فتكوَّم فى زاوية الأريكة التى يجلس عليها، وغاب تمامًا عن الوعى. ويضيف الصحفى الإسرائيلى: قال لى مبارك دعه ينام. ودعانى إلى جولة فى الفيللا أطلعنى خلالها على التحف ومجوهرات الملكة ناريمان زوجة الملك فاروق. وقال لى مبارك: هل تعلم كيف كان من الممكن توفير طعام لآلاف الجوعى بثمَن حجر واحد من تلك الأحجار الكريمة أنا نفسى أنتمى إلى أسرة من هؤلاء الفلاحين. وفجأة كما يقول ليطانى قال مبارك: لم أدعك إلى طعام أو شراب، أنت اتغديت؟ فأجبتُ: نعم يا سيدى. فرَدّ سريعًا: يبقى تشرب قهوة. واصطحبنى إلى المطبخ وأعَدّ بنفسه القهوة وكان محترفًا فى إعدادها، وعاد مبارك والصحفى إلى فايتسمان فى الشرفة وربت على كتفه فاستيقظ واعتذر عن استسلامه للنوم واعتذر مجددًا عن تأخير مبارك عن نومه حتى الساعة الواحدة والنصف بَعد منتصف الليل، ولكن مبارك طلب منهما اللقاء مجددًا للحديث عن القضية الفلسطينية والاستماع إلى رأى الصحفى المتخصص».



 

انتهى ما نُشر فى الأخبار، ولا أدرى مدى دقة الواقعة، وإن كنتُ شخصيّا أشكّ فيها، فليس معقولًا أن تكون الصّلة بين مبارك وفايتسمان بهذا العُمق والحميمية الذى يسمح للأخير باصطحاب شخص دون دعوة خلال لقائه برئيس دولة كانت فى حرب مع دولته قبل هذا التاريخ بعَشَر سنوات فقط، كما أنه من الصعب تصديق أن «مبارك» استقبلهما بكل هذه البساطة ودون حراسة أو سكرتارية أو مساعدين، وأن وزير الدفاع الإسرائيلى ينام بكل هدوء فى حضرة رئيس مصر دون خوف أو خجل ودون احترام للتقاليد والأعراف الدبلوماسية، كما أن رئيس مصر يُعد بنفسه القهوة لصحفى إسرائيلى لا يعرفه ولا يعلم عنه أى معلومات ويتجول به فى الفيللا كما لو كان مرشدًا سياحيّا، وكل هذا حدث بعد تولى «مبارك» الحُكم بعام واحد!!، أتمنى من كل قلبى لو أن الحكاية تكون غير صحيحة وأن الصحفى الإسرائيلى بالغ فيها.

 

ورُغم أننى من الذين يرون أن 25يناير ثورة رائعة أطاحت بحُكم ديكتاتورى فاسد من أجل الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية ؛ فإننى لا أحب أن يكون رئيسُ مصر الأسبق بطلًا لواقعة تكشف مدى عمق علاقته بالمسئولين الإسرائيليين منذ بدايات حُكمه وتؤكد زعمَهم بأنه كان كنزًا استراتيجيّا لهم، ولهذا أرجو ممن عاصروا «مبارك» فى هذه الفترة أن يقولوا لنا مدى صحة الواقعة. لقد قال «مبارك» عن نفسه عند التنحى: «وسيحكم التاريخُ عليَّا وعلى غيرى، بما لنَا أو علينا...»، فإذا كانت الواقعة صحيحة فهى له أمْ عليه؟ الحُكم لكم.