الإثنين 11 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عملية «رأس الأفعى» لتطهير وزارة الثقافة!

عملية «رأس الأفعى» لتطهير وزارة الثقافة!
عملية «رأس الأفعى» لتطهير وزارة الثقافة!





حملة التطهير التى بدأها د. «صابر عرب» وزير الثقافة باللواء «حسن خلاف» رئيس قطاع مكتبه تبشر بالخير، وتؤكد أن هناك نية هذه المرة من «عرب» تختلف عن المرة السابقة التى تولى فيها الوزارة لأسابيع معدودة قبل خروجه منها فيما يشبه التمثيلية  ليتمكن من الحصول على جائزة الدولة التقديرية - التى من المفترض أنها لاتمنح لمن يتولى منصباً رفيعاً لاسيما وإن كان وزيراً ، المعلومات التى لدينا تفيد أن «عرب» لم يتقدم باستقالته من الوزارة فى المرة الأولى إلا بعد تأكده من حصوله على الجائزة ومن هنا كان وصفنا للاستقالة بالتمثيلية.
 
الغريب أن اسم «عرب» هذه المرة لم يكن مدرجا ضمن المرشحين للوزارة، بل كان الشاعر «فاروق جويدة» هو المرشح الأقوى الذى تم اختياره بعد تصعيد النخبة ضد ترشيح د.«أسامة أبو طالب» الذى طرح اسمه بمحض الصدفة  فثار المثقفون واعترضوا على هذا الترشيح فتم استبعاده.
 
«جويدة» الذى كان يعتبر الأفضل للوزارة فى تلك المرحلة الحساسة لم تعجبه الشروط التى فرضوها عليه وهى تكميم الإبداع وتقييد حرية الرأى وعدم نشر الكتب التى تتجاوز الخطوط الحمراء - من وجهة نظرهم - فرفض أن يكون عبداً لإملاءاتهم،فى الوقت الذى قدم لهم «عرب» كل صكوك الولاء والطاعة.
 
قيام «عرب»  - رغم وجود علامات استفهام عليه أيضا - بعملية تطهير الوزارة من الفساد والفاسدين يبدو أنها كانت من ضمن الشروط التى فرضوها عليه - وقد تكون هى الحسنة الوحيدة لهم جميعا - والتى بدأها بـ«حسن خلاف» وساعده فى ذلك نيته المبيتة ضده على خلفية مشادة قديمة حدثت بينهما وصلت إلى حد الاشتباك بالأيدى أيام كان «عرب» رئيسا لدار الكتب والوثائق القومية، ولذلك اعتبره عرب ثأرا لابد من الرد عليه، وجاءته الفرصة -التى لم تسنح له فى المرة الأولى - ليستبعده ويلزمه بالبقاء فى البيت - فيما يشبه الإقالة - بمنحه درجة مستشار «أ» وهى فى حد ذاتها ركنة. «صابر» لم يصبر على «خلاف» حتى تنتهى مدة التجديد له فى 21 أغسطس - أى قبل الاستبعاد بأسبوع - ويتخلص منه، بل تعجل القرار بعد أن حذرته جهات رقابية - رغم أن حسن خلاف كان واحدا  منها بطبيعة عمله السابق فى الرقابة الإدارية - من انتشار رائحة فساده ولابد من حسم موقفه، ووجدها «عرب» فرصة لتصفية حساباته معه.
 
رحيل «خلاف» أشهر القيادات الفاسدة فى الوزارة والذى يطلقون عليه «رأس الأفعى» كان مطلباً جماعياً بسبب فساده المالى والإدارى الذى لا حصر له رغم إنه لم يمض على وجوده فى هذا المنصب أكثر من عامين بعد أن أتى به د. «عماد أبو غازى» وزير الثقافة الأسبق-الذى قيل أنه أحد أقربائه - بعد توليه الوزارة عقب ثورة يناير، وجعله ذراعه اليمنى التى يعتمد عليها اعتمادا كبيرا، تبقى  الذراع اليسرى و«رأس الأفعى» الثانية د.«سامح مهران» رئيس أكاديمية الفنون الذى يجب القضاء عليه هو الآخر، بعد سلسلة التجاوزات والمخالفات المالية والإدارية والمهنية والعلمية التى ارتكبها فى حق الأكاديمية والذى لا يجب عدم التخلص منه فقط بل محاكمته أيضاً ويكفى أنه عين نفسه بالمخالفة القانونية كأستاذ بمعهد النقد الفنى بخلاف سكوته وتواطؤه فى تزوير درجات بعض طلاب الأكاديمية ومنح الدرجات العلمية سواء الماجستير أو الدكتوراه لمن لا يستحق بما يمثل هتكاً لعرض العلم فى الأكاديمية،  وقد سبق أن حذرنا من كل هذا ولم يستجب أحد وتعاملوا مع الأمر بـ «ودن من طين وودن من عجين» رغم أننا عددنا كل هذه المخالفات ووضحنا خطورتها  وأبرزها عملية التزوير المتعمد لمنح شهادة الدكتوراه لـ «عمرو الليثى» فى فلسفة النقد الفنى من المعهد العالى للنقد الفنى والتى تم تمريرها رغم أنف الجميع بالزور، بعد أن تمت معادلة شهادته الوهمية التى حصل عليها من كيان مجهول يسمى جامعة «آدم سميث» بدرجة الماجستيرفى الوقت الذى لا ترقى فيه هذه الشهادة إلى درجة الدبلوم التى يمنحها المعهد و تؤهل صاحبها  للتسجيل للماجستير فى حال حصوله على تقدير عام جيد على الأقل، هذا بخلاف المخالفات الجسيمة فى إجراءات تسجيل خطة البحث المقدمة من «الليثى» بدءاً من القيمة العلمية الحقيقية للشهادة التى تمت معادلتها بالماجستير ومروراً بالإجراءات التحايلية لتمرير التسجيل عن غير طريق القسم العلمى المختص، وهو ما يعتبر بنص القانون جريمة تحيل مرتكبيها إلى محكمة الجنايات بتهمة التزوير.
 
د.«شاكر عبد الحميد» وزير الثقافة السابق كانت لديه - أثناء توليه منصبه -الشجاعة الكاملة للاعتراف بوجود فساد كبير فى أكاديمية الفنون لكنه لم يتمكن من اتخاذ قرارات حاسمة بشأنها بحكم تقييد صلاحياته وتواطؤ المسئولين وقتها مع «مهران» مجاملة لـ«سامى مهران» أمين عام مجلس الشعب - فى عهدى «فتحى سرور» و«سعد الكتاتنى»- الذى ادعى «سامح» أنه تربطه به صلة قرابة،فإذا كان «عرب» قد اتخذ خطوة جريئة بتطهير الوزارة من الفساد والفاسدين باستبعاد «خلاف».. فهل من الممكن أن يكون أكثر جرأة ويحصل على موافقة د.«مرسى» بإقالة «سامح مهران» باعتبار أن إقالته لابد أن تتم بقرار من رئيس الجمهورية حسب نص القانون الذى لابد أن يتغير ويمنح صلاحيات محاسبة أو إقالة رئيس الأكاديمية إلى وزير الثقافة باعتباره المسئول عن هذا الكيان العلمى والفنى والثقافى.. خاصة أن معظم أعضاء هيئة التدريس بالأكاديمية تقدموا ببلاغات عديدة إلى النائب العام ضد فساد وتجاوزات رئيس الأكاديمية؟!.
 
أم أن الوزير سيغض الطرف عن «مهران» لما يربطهما ببعض من علاقات ومصالح شخصية قديمة منها التفريط فى تراثنا الشعبى والمخطوطات والوثائق النادرة لجهات أمريكية وإسرائيلية أيام كان «عرب» رئيساً لدار الكتب والوثائق القومية و«مهران» رئيساً للمركز القومى للمسرح والفنون الشعبية.
 
«عرب» بسبب تورطه فى التفريط فى المخطوطات النادرة اصطدم بكثير من قيادات دار الكتب وقتها التى بسببها ترك منصبه ليحل محله د.«زين عبد الهادى» أحد القيادات الذى اختلفت معه ولذلك بمجرد أن جاء وزيراً للثقافة فى المرة الأولى بدأ مهام منصبه بتصفية حساباته مع «زين» وأقاله من منصبه وعين بدلاً منه أحد رجاله «عبد الناصر حسين».
 
أيضاً من المصالح المشتركة بين «عرب» و«مهران» ترأس الأول مجلس الأكاديمية وهو ما يعنى أنه يبارك خطوات «مهران» رغم فساده.. فهل تستمر المباركة طويلاً فى ظل مجلس فاسد ومعظم قراراته السابقة واللاحقة فاسدة،أم أنه سيتجرأ ويدخل عش الدبابير ويهدم المعبد على هذا الفساد ؟!
 
على «صابر عرب» إن لم يكن بحكم منصبه كوزير فبحكم كونه أستاذاً جامعياً وبما لديه من قدرة بحكم السلطة المخولة إليه أن يستجيب أولاً لمطالب أعضاء هيئة التدريس بالأكاديمية لتحديد موعد لمقابلتهم والاستماع إلى شكواهم والاستجابة لها وأولها وقف نزيف الدرجات العلمية الممنوحة لغير مستحقيها، وخاصة إذا كانت بالتزوير ثم محاسبة المتورطين فيها وتحويلهم إلى المحكمة الجنائية وسحب الرسائل العلمية المتدنية التى لا تليق بتلك الدرجات العلمية سواء الماجستير أو الدكتوراه وعلى رأسها رسالة «عمرو الليثى» التى باعتراف وكيلى المعهد د.«وائل غالى» ود.« نيڤين الكيلانى» بأنها دون المستوى وأن شهادته الوهمية التى تمت معادلتها  بالماجستير  لا ترقى لدرجة الدبلوم، كذلك الاهتمام بالمناهج التعليمية بالأكاديمية التى وصلت فى العشر سنوات الأخيرة إلى حالة قصوى من التدنى وخاصة الدراسات العليا التى تمنح درجاتها بسرقة رسائل علمية من آخرين أو سلقها أو بالتدليس والرشاوى. لابد من تطهير الأكاديمية باستبعاد معظم قياداتها كخطوة أولى قبل الدخول فى التحقيقات فى وقائع الفساد الكثيرة، هذا إذا أراد «عرب» بالفعل أن يصلح من أحوال الأكاديمية لتعود إلى ريادتها وتأثيرها ليس فى مصر فقط بل فى المنطقة العربية كلها كما كانت من قبل عندما أسهمت فى تخريج الكثيرين من رموز الفن والفكر والثقافة فى العالم العربى، كما يجب النظر بعين الاهتمام فى موضوع طلبات التفرغ التى يحتكم إليها بنظام الخيار والفاقوس فعلى سبيل المثال تم رفض طلب التفرغ الذى تقدم به د.«ناجى فوزى» أستاذ النقد السينمائى والتليفزيونى بمعهد النقد الفنى رغم أن مكافأته الشهرية نظير التفرغ لا تزيد على 750 جنيها بعد الخصومات لكنه لم يلتفت إلى المقابل المادى بقدر التفاته إلى المقابل الإبداعى الذى يحققه من وراء المشروع. مشروع التفرغ الذى بدأه «فوزى» العام الماضى بعنوان«السينما والقانون فى مصر» والذى انتهى  من كتابة 180 صفحة منه، رفضوا أن يستمر فى استكماله بمنحه سنة أخرى حتى لو كانت من باب الاستثناء، ليكمل مشروعه المتبقى منه 320 صفحة وهو ما يمثل إهداراً للمال العام. المسألة ليست مجرد تسول أو حسنة - كما وصفها «صابر عرب» لـ«فوزى» وأن هناك من هو أولى بها، وإنما المسألة مسألة إبداع وبحث عن منفذ لتأطير ماتم إنجازه  من خلال طبع المشروع وخروجه إلى النور.
 
الأمر المهم الآخر الذى على وزير الثقافة «صابر عرب» التدخل فيه وتصحيح مساره هو ما يتعلق بجوائز الدولة والتى تمثل كارثة - على حد تعبير صديقنا الناقد السينمائى «محمود قاسم» - بكل المقاييس حيث تمت الاستعانة دوماً بأسماء بعينها التى تصور المسئولون أنها على قدر كبير من الثقافة. هؤلاء أصحاب الحظوة تدخلوا بشكل كبير فى إدارة جوائز الدولة التى تمنحها وزارة الثقافة والتى أفسدوها على مدار ربع قرن وخاصة الجوائز الأدبية التى تمنح  بنفس الآلية دون تطوير أو إضافة والتى تتدخل فيها الحسابات الشخصية والشللية لتذهب فى معظم الأحيان لمن لا يستحق فى الوقت الذى تهرب فيه قسراً ممن يستحق.فى العالم المتحضر تمنح هذه الجوائز عن طريق أكاديميات محترمة يزيد عمرها على المائة عام، مثل الأكاديمية الفرنسية التى يزيد عمرها على 3 قرون، وأعضاؤها من المبدعين وليسوا من الموظفين ولا أشباه المثقفين ولا تخضع لوزارات أو هيئات بل لها استقلاليتها الخاصة لتكون حيادية ولا تناصر أحدا على حساب الآخر، بل يتم التقييم من خلال دراسة وافية وقراءة متأنية لإبداعات المرشح للجائزة وبعناية فائقة ليكون تقييماً سليماً لا صورياً أو من خلال الإكتفاء بالسيرة الذاتية فقط بحجة أن أعضاء الجائزة ليس لديهم الوقت الكافى  لقراءة أعمال المرشحين الذين فى أغلب الأمر يكون قد تحدد مسبقا من سيفوز ومن سيستبعد كل حسب الأهواء والمصالح الشخصية
 
.
د. شاكر عبد الحميد

فاروق جويدة