الثلاثاء 1 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

القصة الكاملة لاغتيال يوسف السباعى

القصة الكاملة لاغتيال  يوسف السباعى
القصة الكاملة لاغتيال يوسف السباعى


فى 18 فبرير 1978، تم اغتيال الأديب يوسف السباعى، بعد اختطافه ضمن عشرات الرهائن فى قبرص، والتى كان متواجدًا فيها لحضور مؤتمر أفرو أسيوى.
فور علم القيادة المصرية بالاختطاف أصدر الرئيس أنور السادات أوامره بأن تقوم قوات الصاعقة بمهمة تحرير الرهائن، وفى الذكرى الـ41 لهذه العملية، تحاور «روزاليوسف» أحد أبطالها وهو اللواء عبدالحميد خليفة.


قال اللواء خليفة إنه رغم كثرة أعداد الضحايا فى العملية إلا أن العملية كان لابد منها لأنها تتعلق بكرامة مصر.
وأضاف «خليفة»: أنه فخور بإصابته بـ5 رصاصات و27 شظية فى العملية، كما نفى أى مشاركة لفصائل فلسطينية فى العملية.
 بداية..أين كنت وقت إصدار التعليمات للمجموعة صاعقة بعملية مطار «لارنكا»؟
- كنت فى هذا التوقيت قائدًا لإحدى مجموعات مقاومة الإرهاب المحلى والدولى وكان البطل يحيى عزب رحمه الله قائدًا للمجموعة الثانية، وحينما سمعت خبر استشهاد الأديب يوسف السباعى من وسائل الإعلام، كنت فى زيارة لشقيقتى بحلوان فى مناسبة المولد النبوى،فقطعت الزيارة لأجهز نفسى ورجالى لإدراكى لما سوف يحدث من ضرورة تتبع هؤلاء القتلة أينما كانوا، وحدث ما توقعته تفصيلاً تسلمنا المهمة وكان الحماس بداخلنا جميعًا للأخذ بالثأر، وضبط المجرمين.
 كيف كانت استعداداتكم لتحرير الرهائن؟
- قبل إقلاعنا لتنفيذ المهمة وصلت أخبار أن القتلة اقتادوا الرهائن إلى مطار «لارنكا» وأخذوا طائرة (DC 8)، وحاولوا التوجه إلى دولٍ أخرى، ولم تأذن لهم أى دولة بالهبوط، إلا جيبوتى التى سمحت لهم بالنزول خارج مطارها فقط للتزود بالوقود، فانتظرنا فى مطار شرق القاهرة حتى يتحدد وجهتهم التى تحددت بالعودة مرة أخرى إلى مطار لارنكا بقبرص.
وكنا وضعنا خطة الهجوم واحتمالاتها، وأقلعت الطائرة «C 130» العسكرية وبداخلها العربة الجيب التى سوف نستخدمها لتقليل زمن الوصول إلى الطائرة التى على متنها الرهائن والإرهابيين بمطار لارنكا.
 ماذا بعد وصول قوات الصاعقة للمطار القبرصى؟
- عندما وصلنا مطار لارنكا، حدد القبارصة لطائرتنا مكانًا معزولًا وتمكن البطل «يحيى الرافعى« قائد الطائرة التى تقلنا من تحديد مكان الطائرة التى على متنها الرهائن والإرهابيون والتقط محادثاتهم بالبرج وعرف أنهم ينوون الإقلاع بالطائرة إلى العراق أو سوريا.
هنا كان القول الفصل، فنظر إلينا البطل اللواء نبيل شكرى ليقرأ فى أعيننا بخبرته مدى إصرارنا على القتال لتخليص الرهائن والقبض على القتلة، وأصدر أوامره بالتعامل.
 كيف كانت خطة اقتحام الطائرة؟
- كانت الخطة أن أنزل ومعى المجموعة ونقتحم الطائرة بالعربة الجيب، وباقى مجموعات الحماية تحاصر الطائرة المستهدفة خشية هروب الإرهابيين من أحد أبواب الطائرة أو فتحات الطوارئ، وبمجرد نزولنا من طائرتنا بالعربة الجيب، سمعنا طلقات نيران من مدرعات منتشرة فى أماكن مختلفة بالمطار، فكان اعتقادنا أنها من منطلق تقديم المساعدة لنا، وعندما وصلنا للطائرة التى تقل الإرهابيين والرهائن اقتحمناها على الفور، وخاصة أن السلم كان موجودًا وكان من خلفى البطل المرحوم منير عبدالحميد فألقى الإرهابى قنبلة يدوية مرت من فوق رأسى وسقطت بينى وبين البطل الشهيد منير عبدالحميد.
انبطح الإرهابى على أرضية الطائرة وأخرج المسدس ويده ترتعش وزاوية المسدس أمامى فعاجلته بدفعه وأخذت مسدسه، وأصبح مجردًا من السلاح فاستسلم فى الحال وفعل زميله مثله.
وتعتبر العملية عمليًا نجحت عند هذا الحد، وكان لابد أن أعطى باقى المجموعة إشارة بتمام التنفيذ، لأنه إذا لم أعط تمام خلال 60 ثانية سيعتبروننا شهداء ويرسلون اثنين آخرين للمهمة، ويتكرر الأمر حتى تنجح المهمة.
 كيف حدثت المواجهة بين القوات المصرية والقبرصية؟
- حاولت إعطاء إشارة باستسلام الإرهابيين، فكانت المفاجأة أن المجموعة التى كانت استشهدت ومنها الأبطال سيد جلال وعماد الصفتى وياسر البحيرى وأصيب البطلان عوض الجمال ومدحت عثمان من الخلف بواسطة المدرعات القبرصية.
ودارت معركة شديدة بين قوات حرس الحدود القبرصية ومجموعة الاقتحام الثانية، الأبطال مصطفى الشناوى ومدحت عثمان والمرحوم يحيى عزب وأحمد إبراهيم الذى أصيب فى ذراعه الأيمن فأمسك سلاحه بيده اليسرى، واستمر فى القتال، بالإضافة إلى الأبطال محمد البيلى وفؤاد نجم وعادل عبدالله الذى أبلى بلاءً حسنًا والجزار ومصطفى الشناوى الذى واصل القتال رغم إصابته فى قدمه.
وقامت المجموعة الثالثة بقيادة العميد نبيل شكرى وحسن مرسى والبطل المرحوم السيد صادق ومحمود رزق باقتحام طائرة مجاورة وقام العميد نبيل شكرى بتهديد القبارصة أنه فى حاله عدم إيقاف إطلاق النيران سوف نضطر إلى تدمير المطار بمن فيه.
 كيف سيطرت قوات الصاعقة على الموقف؟
- أثناء الاشتباكات أدركت أن الكشافات العديدة ببرج المراقبة تجعلنا هدفًا سهلًا للمدرعات القبرصية، فأطلقت النيران على كشافات البرج، وتصادف تواجد «كبريانو» الرئيس الأسبق للقبرص، فأيقنوا أننا بدأنا فى خطة مهاجمة المطار وتدمير كل شىء، فأعطوا أوامرهم لمدرعاتهم بإيقاف الضرب والانسحاب الفورى.
ودارت معركة استمرت قرابة 50 دقيقة، وسقط لنا 15 شهيدًا و15 جريحًا، إذ أطلقوا صاروخًا أصاب طائرتنا التى كانت فى انتظارنا لنقلنا إلى القاهرة بعد تنفيذ المهمة فاستشهد البطل يحيى الرافعى قائد الطائرة وطاقمها والتى كان من المفترض أن نستخدمها فى العودة وكانت خسائرهم 25 فردًا ما بين جريح وقتيل.
 كيف كانت ردود أفعال السلطة المصرية عما حدث؟
- ثار الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، ورفع درجة الاستعداد فى الجيش المصرى وتمت محادثات بين السفير حسن شاش، سفير مصر بقبرص فى ذلك الوقت ووزير الخارجية الأسبق بطرس غالى مع الجانب القبرصى،من أجل استعادة رجال الصاعقة المعتقلين هناك وأيضًا العودة بجثامين الشهداء.
وطالب الرئيس الأسبق لقبرص «كبريانو»، بعودة قوات الصاعقة المصرية دون الأسلحة، بحجة أن القاعدة البريطانية المجاورة لمطار «لارنكا» سترفض مغادرة قوات الصاعقة بأسلحة، ورفضنا هذا الأمر، حتى عُدنا بأسلحتنا واستقبلنا الشعب المصرى العظيم، الذى دوما يقف وقفة الشموخ والبطولة مع جيشه البطل فى الشدائد؛  وأقيمت جنازة شعبية لضحايا الحادث شارك فيها الرئيس السادات.
وفى 9 مارس عام 1978، بدأت محاكمة قاتلى السباعى،زيد حسين على، وسمير محمد خضير، أمام المحكمة القبرصية، وصدر ضدهما حكم بالإعدام ثم تدخل كبريانو الرئيس القبرصى لتخفيف الحكم من الإعدام إلى السجن، ثم قرر إبعادهما من قبرص بحجة أنه تلقى تهديدات، مما أثار الكثير من الشكوك حول ملابسات الحادث، خاصة أنه قبل ذهاب قوات الصاعقة المصرية إلى قبرص لم يطلق الجانب القبرصى رصاصة واحدة على الإرهابيين، الشبهات طالت الرئيس الليبى آنذاك معمر القذافى وفصائل فلسطينية متشددة.
 الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات نفى تورط أى من الفصائل وقال إنه تم إرسال قوات لمساندة الصاعقة المصرية؟
- منظمة التحرير لم ترسل ضابطًا واحدًا، ولم نكن فى حاجة لأحد، واستطعنا تحرير الرهائن فى «ثوانٍ»، رغم أننا لم يكن لدينا معلومات عن جغرافية المطار.
 «فقدنا 15 شهيدًا لننقذ 11 رهينة» هكذا نقلت بعض الصحافة المصرية واتهمت السادات بالتسرع فى القرار..ما تعليقك؟
- بصفتى أحد المشاركين فى هذه العملية وحظيت بشرف الإصابة بخمس رصاصات و27 شظية فى هذه العملية أقول نعم حتى لو كان من أجل رهينة واحدة فهى كرامة مصر وعزتها، ونفتديها بالروح وبالدم حتى لو كان من أجل مصرى واحد هذا شعارنا دائما.
 ترى لماذا تم اغتيال يوسف السباعى بالتحديد وهو لم يكن سياسيًا بل أديبًا؟
- يوسف السباعى كان رجل دولة، ومصاحبته للرئيس السادات فى زيارته التى أغضبت دول الرفض التى كانت تطلق على نفسها (دول الصمود والتصدى)، فاغتيال يوسف السباعى جاء ضمن تصفية حسابات بين تلك الدول والسادات، وساعدهم على هذا وجود السباعى فى ذلك الوقت فى قبرص وهو مكان سهل فيه تنظيم عمليات الاغتيال.