الإثنين 19 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

أساقفة يخلعون الزى الأسود!

أساقفة يخلعون الزى الأسود!
أساقفة يخلعون الزى الأسود!


فى رسالة مفاجئة أنهى الأنبا سوريال أسقف ملبورن المستقيل حالة الجدل الدائرة حول مكان تواجده وإن كان بالفعل قد ترك الكنيسة الأرثوذكسية بشكل نهائى أم لازال متمسكا بها، وذلك بعد أن كان قدم استقالته لشعب كنيسته عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» معللاً الاستقالة بأنه أصبح غير قادر على تحمل المضايقات التى يمارسها بعض قيادات الكنيسة ضده.
أثارت هذه الاستقالة حالة كبيرة من الجدل وأشاع بعض الأقباط أنه قام بخلع زى الأسقفية وحلق لحيته وذهب إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ الرسالة المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعى كان نصها «أخبار مؤكدة: أنبا سوريال أخد مليون دولار بعدما ترك الإيبارشية وطلب البابا تواضروس منه إرجاعها وتعهد بأن يعطيه 20 ألف دولار «مصاريف جيبه» كل 3 شهور (أى 80 ألفا كل سنة) فقام بإعادة الأموال؛ وهو لم يرجع مصر ولكنه فى أمريكا، حيث يعتقد أنه لديه استثمارات هناك».
وبعد كل هذه الرسائل ظهر أسقف ملبورن المستقيل وأكد فى رسالته أنه لازال أسقفًا وأنه متواجد فى دير مار بولس بكاليفورنيا لأنه يذكره بديره الأصلى فى وادى النطرون (الأنبا بيشوى) مشيرا إلى أنه سوف يقوم بكتابة مقالات تأملية عن خدمة بولس الرسول، وأكد أسقف ملبورن فى رسالته أن الدير تابع للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وأنه يواظب على حضور القداسات والتناول أى أنه لازال متمسكا بأرثوذكسيته وهويته القبطية.
ولم تقف الرسالة عند ذلك فقط بل قدم الأنبا سوريال الشكر البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية لسؤاله الدائم عنه ومتابعته عن طريق إرسال أساقفة من المجمع له بشكل مستمر وأيضا قدم الشكر (لإخواته) أعضاء المجمع المقدس لمحبتهم المستمرة له.
وكان البابا تواضروس قرر تكليف الأنبا رافائيل أسقف عام كنائس وسط القاهرة بزيارة مدينة ملبورن فى ديسمبر من العام الماضى واجتمع مع الأنبا سوريال ومجمع كهنة وشعب إيبارشية ملبورن وبدوره قدم الأنبا رافائيل تقريرًا مفصلًا عن أحوال الإيبارشية لدى عودته للقاهرة.
هذه الرسالة المفاجئة لأسقف ملبورن جاءت لتقطع الطريق على كل من كان يحاول استغلال الموقف لإظهار عدم رضى الأساقفة عن طريقته وإدارته منتهزين أى فرصة للتلويح بوجود انقلاب من أعضاء المجمع المقدس على البابا وعدم قدرته على إدارة الكنيسة.
ورغم رسالة الأنبا سوريال المفاجئة فإنه من المتوقع ألا تكون هى نهاية المشهد الأسترالى خاصة أنها تؤكد عدم استقرار صاحبها على رأى نهائى حتى الآن.
رُسم الأنبا سوريال أسقفا عاما فى 15 يونيو عام 1997 وتم تجليسه على كرسى ملبورن فى نوفمبر 1999 بيد البابا شنودة الراحل وكان عضوا فى لجنة الإيمان والتعليم والتشريع ولجنة شئون الأديرة وكذلك العلاقات الكنسية.
من يبحث فى حقيقة المشاكل الطارئة التى حدثت وأدت إلى الاستقالة سيجد أننا أمام إحدى الشخصيات التى تثار حولها عدة علامات استفهام خاصة لكل من ينتقد اختيارات البابا الحالى للأساقفة ؛ ففى إحدى الرسائل الخطيرة والتى نشرت على صفحات التواصل الاجتماعى ضد الأنبا سوريال ونشرها أحد أهم الخدام الذين كانوا معه يؤكد فيها أن الأسقف كانت لديه مشكلة كبيرة مع الأنبا بيشوى الأسقف الحديدى وأنه اتصل بالخادم باكيا مؤكدًا له أنه «مل» من هذا الوضع مؤكدا أنه ينتوى الانضمام لطائفة أخرى،إلا أن الخادم هدأ من روعه وجعله يتراجع إلا أنه أعلن أنه لم يعد يتحمل.
قطعا كان هذا فى أيام البابا الراحل وليس البابا الحالى والذى كان منتميا للجنة التعليم والإيمان، وذلك فى التسعينيات أى قبل البابا تواضروس من أساسه.
وفى إحدى رسائل هذا الخادم أيضا أكد أن الأنبا سوريال قام بتغيير آرائه تجاه الأب متى المسكين ليتوافق مع رؤية البابا الجديد كل هذه الرسائل والتى كانت سببا فى إقامة دعوى قضائية ضد الخادم خسرها الأسقف بل كانت سببا لأن يقيم الخادم دعوى مضادة وحصل بها على قرار ينص بعدم اقتراب الأسقف منه نهائيا.
لم يكن هذا الأسقف الوحيد الذى كان من اختيار البابا شنودة وترك الخدمة واستقال بل سبقه الأنبا متياس أسقف المحلة الكبرى والذى كان عضوا أيضًا فى لجنة الإيمان والتعليم والتشريع ولجنة الطقوس وانتدبه البابا شنودة للخدمة فى أمريكا عام 1987 فى منطقة دالاس بولاية تكساس وقضى هناك سنتين واهتم ببناء كنيسة هناك ثم اعتذر عن السيامة فى رتبة الأسقفية، ولكنه قبل أخيرًا بعد اتصالات الأساقفة ثم استقال فى النهاية عام 2005 بعد بعض المشاكل الإدارية والعقائدية.
وكان الأنبا متياس قد أرسل للبابا شنودة فى 2004 رسالة يطلب فيها إشراف الأنبا بيشوى معه ولم يعترض أحد من المجمع على ذلك وتمت الموافقة عليه، إلا أنه فى جلسة 18 يونيو 2005 أعلن البابا شنودة أنه وصله خطاب استقالة الأنبا متياس بتاريخ 22 إبريل 2005 كان نصه: «أرجو.. أن تقبلوا استقالتى، وإعفائى تمامًا من أى مسئولية رعوية اعتبارًا من اليوم، وتقوموا قداستكم بتدبير أمور الإيبارشية».
قبل البابا المتنيح الاستقالة، وتم عرض أخطاء الأنبا متياس، على المجمع المقدس مصحوبة بتوصية من لجنة شئون الإيبارشيات فى صورتها المُعدلة (بعد المناقشة)، والتى وقَّع عليها 77 أسقفًا، وبناءً عليه قرر المجمع «قبول استقالة الأنبا متياس أسقف المحلة الكبرى وتوابعها من عمل الأسقفية، مع إعلان خلو كرسى هذه الإيبارشية لسيامة أسقف جديد لها.
قرر المجمع أيضا منع توزيع شرائط عظات الأنبا متياس داخل المحلة وخارجها وعدم طبع كتب تحمل تعاليمه إلا بقصد تصحيح هذه التعاليم، وبإذن ممهر من البابا أو اللجنة المجمعية للتعليم والإيمان والتشريع، كذلك تصحيح مفاهيم شعب المحلة الكبرى حول الإيمان السليم بكل وسائل التعليم المُتاحة، وبألا يقوم بالخدمة الكهنوتية خارج ديره، إلا فى حدود يسمح بها وألا يقوم بالتعليم بصفة عامة»، ونشر قرار المجمع المقدس بإنتهاء عمل الأنبا متياس فى مجلة الكرازة الناطقة بأسم الكنيسة القبطية بتاريخ 24 يونيو 2005.
وكل من يعرف قصة الأنبا متياس الذى لم يعد بعد ذلك مطلقا وأعلن انضمامه منذ فترة قصيرة للكنيسة الإثيوبية مدى الظلم الذى تعرض له والذى وصل إلى حد أن قام سكرتير المجمع المقدس بتوزيع مضبطة جلسة محاكمة الأنبا متياس، ومذكراتها على طلاب الكلية الإكليريكية بالمحلة تمهيدًا لامتحانهم فيها، وفى النهاية هاجر متياس إلى الولايات المتحدة الأمريكية للعيش مع أشقائه هناك.
أما الأنبا آمنيوس أسقف الأقصر فقد فوجئ فى عام 2000 بوجود قرار بعودته إلى الدير التابع له واستبعاده من الإيبارشية حيث صدر قرار عزله بخط وتوقيع البابا شنودة فى يونيو 2000، ليعود لحياة التوحد بمغارة جبلية متاخمة لدير الأنبا بيشوى، ومنذ ذلك الحين رفض كل المحاولات لعودته مرة أخرى وظل متمسكا برهبنته.
وفى عهد البابا تواضروس قدم الأنبا إبرام اعتذارًا رسميا عن أسقفيته إلا أن البابا ظل يحاول معه ليحل الأزمة خاصة أنها كانت من أسبابها وجود الأنبا إسحق مساعدًا له على الرغم من أنه هو من طلبه بنفسه إلا أن الأزمة حلت بعد عودة الأنبا إبرام وتجليس الأنبا إسحق على كرسى طما.
من كل هذا نجد أنه على عكس ما يحاول الكثيرون استغلال آفة المصريين ألا وهى النسيان ويصدرون المشهد لأهوائهم الشخصية؛ إلا أن أى مدقق سيجد أن المشكلة لا تكمن فى الاختيار أو التوجه وإنما ترجع لسمات كل شخص وقدرته على التعامل مع من حوله ومع مشكلاته.
ولذلك سيكون مهما جدا تفعيل شرط العرض على طبيب نفسى لأى متقدم للرهبنة أسوة بالكهنوت وكذلك سنجد أنه كان من أهم القرارات التى اتخذتها لجنة شئون الأديرة عقب قضية مقتل الأنبا أبيفانيوس هو تأجيل رسامة القساوسة لفترة والعودة لأهم سمات الرهبنة ألا وهى الهروب من المجد المساوية للسلطة والتى كان من نتائجها ما نراه الآن على الساحة القبطية.