واشنطن تحكم قبضتها على أمريكا اللاتينية بالقواعد العسكرية
اية الجندي
تمثل القواعد العسكرية الأمريكية أحد أهم وأكبر أدوات فرض النفوذ والهيمنة وهى تمتد لتشمل قارات ودولاً ربما لا يتوقع الكثيرون وجود قواعد أمريكية بها, فالمعروف بالنسبة لسكان المنطقة العربية وجود قواعد أمريكية فى قارة آسيا وتحديدا فى دول الخليج وخاصة دويلة قطر نجد بها قاعدتين هما «العديد» و«السيلية». وفى أفريقيا هناك قاعدة عسكرية فى دولة جيبوتى.
وفى السنوات الأخيرة بدأت أمريكا فى إنشاء العديد من القواعد العسكرية لها فى بلدان أمريكا الجنوبية تحت غطاء المساعدات الإنسانية، مكافحة الاتجار بالمخدرات، التعاون العسكرى مع الدول الأخرى، أو الدعم فى حالة الكوارث الطبيعية.
فى عام 2016 فتح الرئيس الأرجنتينى «موريسيو ماكرى» أبواب بلاده للولايات المتحدة الامريكية لإقامة قاعدتين عسكريتين على أراضى دولته، وذلك على خلفية إرسال وفد من وزارة الدفاع الأرجنتينية إلى واشنطن فى منتصف شهر مايو لاستئناف العلاقات مع البنتاجون وتعزيز التبادل الثنائى فى المنطقة العسكرية بهدف تطوير «التعاون العسكرى».
أقيمت القاعدة العسكرية الأولى فى منطقة الحدود الثلاثية بين الأرجنتين، البرازيل وباراجواى والأخرى فى مدينة «أوشوايا» عاصمة مقاطعة «أرض النار» أو «Tierra de Fuego» التى تعد النقطة الأكثر إثارة للجدل لأن حدود المقاطعة تمتد إلى القطب الجنوبى الذى يعتبر أكبر احتياطى للمياه المجمدة العذبة فى العالم وتعتبر هذه المنطقة مهمة لأمريكا لأن «أرض النار» تحتوى على ملحقات بحرية كبيرة على المحيط الأطلسى.
كما أعلنت «كريستينا فرناندو دى كريشنر» رئيسة الأرجنتين السابقة فى عام 2014 أن جزر ملفيناس، أو كما يطلق عليها جزر فوكلاند الواقعة فى أقصى جنوب الأرجنتين، قاعدة نووية لحلف الأطلسى لتجديد المطالبة بالسيادة الأرجنتينية على الأرخبيل الجنوبى الذى تديره إنجلترا حيث يذكر أن جزيرة فوكلاند تخضع للسيطرة البريطانية منذ عام 1833 عندما طردت فرقة مدفعية بريطانية السلطات الأرجنتينية منها.
وأمام المخاوف المثارة فى كافة القطاعات المختلفة الأرجنتينية، بررت حكومة «ماكرى» الموافقة على إقامة القواعد فى مدينة «أوشوايا» بأن لها «مهامًا علمية» ستقام على هذا الموقع لافتًا إلى أنها تريد أن تجعل من مدينة «أوشوايا» قاعدة لوجستية لدعم العمل العلمى فى القطب الجنوبى.
ولم تكن إظهار نية الولايات المتحدة فى إقامة قواعد عسكرية فى الأرجنتين بالجديدة، حيث كانت آخر محاولة أمريكية فى عام 2012 عندما وافق «تشاكو خورخى» حاكم مدينة «ريسيستينسيا» على إقامة قاعدة داخل المطار لكنها لم تكتمل بسبب الرفض الشعبى لها.
وصرحت «Elsa Bruzzone» الخبيرة الجيولوجية وعضوة بمركز «مسلحون من أجل الديمقراطية الأرجنتينية» لصحيفة «politicargentina» الأرجنتينة أن هدف أمريكا من إقامة قاعدة فى منطقة الحدود الثلاثية هى السيطرة التامة على خزان المياه الجوفية، الذى يعتبر ثالث أكبر احتياطى فى العالم للمياه العذبة.
وأضافت أنه يوجد فى شبه القارة القطبية الجنوبية أكبر رواسب هيدروكربونية فى المنطقة وهناك معادن استراتيجية للغاية لا غنى عنها فى الصناعات العسكرية والفضاء.
وفى عام 2009 وقعت الحكومة الكولومبية مع نظيرتها الأمريكية اتفاقية تعاون عسكرى والتى من شأنها أن تمنح القوات الأمريكية حق استخدام 7 قواعد عسكرية كولومبية لمدة 10 سنوات حيث كان هدفها مكافحة الاتجار بالمخدرات والإرهاب، وهى 3 قواعد جوية «مالمبو» و«بالانكيرو» و«إبياى» وقاعدتان عسكريتان «توليمادا» و«Tres Esquinas» وقاعدتان بحريتان «قرطاخنة» و«باهيا مالقة» وتضمنت الاتفاقية أن يكون الحد الأقصى لعدد العسكريين 800 عسكرى أمريكى و 600 مدنى.
وبالنسبة لكوبا، فهناك قاعدة «جوانتانامو» البحرية، التى تعتبر أقدم قاعدة بحرية خارج أمريكا، وتبلغ مساحتها 116.5 كم2على الساحل الجنوبى الشرقى من كوبا والتى مازالت تستأجرها الولايات المتحدة من الحكومة الكوبية منذ عام 1903 فى مقابل حصولها على 4085 دولارًا سنويا باتفاقية لا يمكن فسخها إلا باتفاق الطرفين. يوجد بها مركز تدريب لمشاة البحرية ومستودعات الوقود، الذخائر، خزانات أرضية للمحروقات، ومطارات لطائرات القوات الجوية الأمريكية. ولا تزال «جوانتانامو» قاعدة إمداد لوجستية مهمة لوحدات الأسطول الأمريكى العاملة فى منطقة الكاريبى.
أما فى تشيلى، ففى عام 2012 بموافقة حكومة الرئيس التشيلى السابق «سبيستيان بينيرا» أنشئت قاعدة بحرية «Fuerte Aguayo» فى بلدة «كونكون» القريبة من مدينة «فالبارايسو»، بتكلفة بلغت 465 ألف دولار، والتى تحتوى على مركز تدريب عسكرى فى مجال عمليات حفظ السلام، الخاضع لإشراف الأمم المتحدة، الذى افتتحه «أليخاندرو وولف» السفير الأمريكى فى تشيلى - آنذاك - وممثلون عن القوات المسلحة التشيلية فى شهر إبريل عام 2012 والذى بلغت تكلفة إنشائه ما يقرب من 500 ألف دولار.
ويحاكى المركز العسكرى منطقة حضرية حيث تضم 8 نماذج من المبانى والمنازل المدنية وقد تم بناؤه بمساعدات من قبل القيادة الجنوبية للقوات المسلحة الأمريكية ويعتبر هذا المشروع هو الأول من نوعه فى تشيلى لدعم تدريب الموظفين المسئولين عن عمليات حفظ السلام أو الاستقرار المدنى.
وفى السلفادور توجد قاعدة جوية «Comalapa» الأمريكية، قريبة جدا من مطار سان سلفادور الدولى، وهى ليست قاعدة كبيرة ولا تحتوى على عدد كبير من الأفراد العسكريين ولكن لها مميزات مهمة منها السيطرة على ساحل المحيط الهادئ فى أمريكا الوسطى ومراقبة الحدود الثلاثية بين هندوراس والسلفادور ونيكارجوا.
بينما يوجد فى هندوراس قاعدة جوية «بالميرولا»، يطلق عليها أيضا قاعدة «سوتو كانو» الجوية، التى تبعد 7.5 كيلومتر عن العاصمة الهندوراسية «تيغوسيغالبا» وتعتبر «بالميرولا» القاعدة العسكرية الأمريكية الأولى فى هندوراس حيث أنشئت فى عام 1980 ويليها قاعدة «La Costa de Mosquitos» والتى أقيمت فى عام 2010 بهدف منع الاتجار فى المخدرات. وتحتوى على كتيبة جوية وسرب طيارات.
أما كوستاريكا فيوجد بها قاعدتان جويتان أمريكيتان، إضافة إلى غزو السفن وآلاف من الجنود الأمريكيين الذين سمحت لهم الحكومة والبرلمان الكوستاريكى الوطنى فى عام 2010.
وتوجد فى باراجواى قاعدتان عسكريتان الأولى فى مدينة «Mariscal Estigrribia » والثانية فى مدينة «Chaco» هذا بالإضافة إلى قاعدة فى مدينة «بيدرو خوان كاباليرو» تابعة لإدراة مكافحة المخدرات الأمريكية «DEA» على الحدود مع البرازيل.
وفى بيرو أقامت القوات الأمريكية 3 قواعد عسكرية فى مدينة إكيتوس «Iquitos» وفى بلدة «Nanay» وفى حى «Santa Lucia» بالإضافة إلى زيادة إجراءات التعاون العسكرى بين البلدين على أساس التفاهم المشترك بأن إرهاب المخدرات يشكل تهديدا يختلف من الولايات المتحدة لبيرو وهذا الأمر يبرر المساعدة العسكرية الأمريكية غير المشروطة.







