الثلاثاء 20 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

محاكمة «الإمام الأكبر» فى مجلس النواب

محاكمة «الإمام الأكبر» فى مجلس النواب
محاكمة «الإمام الأكبر» فى مجلس النواب


حالة من الجدل أثارتها خطة «الأزهر» لمكافحة الإرهاب والتطرف فى أروقة مجلس النواب، على أثر تداعيات وقوع حادث تفجير كنيستى مارجرجس بطنطا ومارمرقس بالإسكندرية، فخطة الأزهر كما وصفها بعض النواب والمحللون، لا تتماشى مع دعوات الرئيس بتجديد الخطاب الدينى، وسط إصرار من الأزهر وعلمائه بأن كتب التراث ــ موضع الجدل الدائم ــ لا تحمل تطرفا أو تكفيرا لأحد، بعكس ما هو موجود بداخلها!!، كذلك التكرار الدائم بأن خريجى الأزهر ــ كما يرى الأزهريون ــ لم يكونوا يوما متطرفين أو إرهابيين.. إذن فمن أين تخرج  عمر عبدالرحمن؟!

يعود الجدل عندما أعلن الأزهر عن خطته فى مكافحة الإرهاب من خلال عدة وسائل أبرزها إطلاق المركز العالمى للفتاوى الإلكترونية، وتوسيع نشر قوافل الدعاة بالمقاهى الثقافية، وإعطاء توجيهات لكبار العلماء بإعداد الحكم الشرعى حول الأعمال الانتحارية والمعتدين على الكنائس.
على الجانب الآخر، رد الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب فى رسالة غير مباشرة على تقاعس الأزهر عن تجديد الخطاب الدينى والذى أعطى له الرئيس الضوء الأخضر لتجديد خطابه، فى المؤتمر الذى عقده عقب تفجيرات الكنائس، ليعلن عبدالعال فى الجلسة العامة بأن «المجلس سيضع ضوابط مناهج التعليم وتجديد الخطاب الدينى ولن ينتظرها من وزارة أو جهة من الجهات».
فى الوقت نفسه أكد أعضاء مجلس النواب أنهم يعملون على قدم وساق لتجديد الخطاب الدينى ونبذ الأفكار المتطرفة وتنقية المناهج التعليمية.
فمن جانبه انتقد محمد أبو حامد، عضو مجلس النواب، فى تصريحات خاصة لـ«روزاليوسف» خطة الأزهر لمكافحة الإرهاب، واصفا القائمين على المؤسسة بعدم إدراكهم لخطورة اللحظة التاريخية التى تمر بها مصر بعد كل الأحداث الإرهابية وبعد كل المناشدات التى طالب بها رئيس الجمهورية الإمام الأكبر أحمد الطيب لاتخاذ خطوات جادة لتطوير الخطاب الدينى والتى بدأت فى احتفالات المولد النبوى الشريف فى ديسمبر 2014 ولم يحدث بها شىء حتى الآن!
وهاجم أبو حامد فكرة نشر الدعاة عبر قوافل ثقافية بالمقاهى والشوارع معتبرها شكلا من أشكال هيئات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، مشيرا إلى أن هذه القوافل لن تقدم جديدا طالما أن المحتوى الرئيسى مازال متمسكا بأفكار تراثية وتفسيرات لفقهاء يخالفون التطور بل ويحرضون على القتل وتحقير المرأة واعتبار المسيحى من أهل الذمة.
وتساءل أبو حامد باندهاش من مخاطبة الأزهر لكبار العلماء بإصدار أحكام شرعية بخصوص حكم من يقوم بالعمليات الانتحارية أو يعتدى على الكنائس، قائلا: «لسة الأزهر عايز يعرف حكم قاتل مجرم يقتل نفسه والآمنين معه!، هذه الجريمة الشنعاء تجعل من يرتكبها خارج الإسلام والمسلمين».
وبسؤاله عن دور البرلمان بعد إعلان رئيسه الدكتور على عبدالعال تولى مسئولية تجديد الخطاب الدينى، قال أبو حامد: «هناك عدة حلول.. أولها سرعة إصدار قانون المجلس الأعلى لمكافحة التطرف والإرهاب الذى أعلنت الرئاسة عن تدشينه، ومن الواضح أن هذا المجلس سوف يكون له من الصلاحيات والاختصاصات الواضحة لتحريك المؤسسات الدينية وإنتاج خطاب دينى متطور وحقيقى يقف فى وجه هذه الأفكار المتطرفة».
استطرد أن هناك مستوى آخر من الحلول هو الجانب التشريعى للبرلمان وهو ما تقدمت به لتعديل قانون 103 لسنة 1961 المنظم للأزهر، والذى يختص بتفعيل دور مجمع البحوث الإسلامية فى القيام بمهامه بمنطق الالتزام وليس الاختيار من خلال مراجعة المناهج وإزالة أى أمور بداخلها تحض على الكراهية والعنف.
بالإضافة إلى تعديلات خاصة بمدة ولاية شيخ الأزهر، فلا يوجد منصب فى الكون ليس له فترة محددة، وكما يأتى التعديل بست سنوات، وتساهم هذه التعديلات الجديدة فى «حوكمة» هذه المؤسسات الدينية وتكون نقطة البداية لتجديد الخطاب الدينى، مؤكدا أن تجديد الخطاب الدينى يحتاج إلى تطوير المؤسسات القائمة عليه ويجب ألا يكون هناك أى نوع من أنواع سيطرة الفكر الأحادى لضمان التنوع والتعددية الفكرية التى تعد شرطا أصيلا فى تجديد الخطاب.
وبسؤاله عن اعتراض اللجنة الدينية عن مشروع القانون وتحديد فترة ولاية شيخ الأزهر، قال اللجنة الدينية لديها انتماءاتها ومصالحها والأمر ليس فى يدهم وحدهم، فهذا القانون وقع على مناقشته 130 نائبا، وسوف يحال إلى ثلاث لجان منها التشريعية والدستورية والتعليم والبحث العلمى والدينية وهى أقل لجنة فى عدد الأعضاء بواقع 10 نواب فقط.
ومن جانبه يعلق الدكتور سامح عيد، الخبير فى شئون الجماعات الإسلامية، بأن الخطة التى أعلنها الأزهر هى جهد مشكور، ولكن قضية محاربة التطرف الدينى وتجديد الخطاب الدينى أعمق من ذلك وأخطر من مسألة نشر قوافل من الدعاة على المقاهى الثقافية أو تدشين منصة للفتاوى الإلكترونية، بل تحتاج إلى إعادة صياغة الوعى، مضيفا أنه يجب أن يعترف الأزهر بمشكلات حقيقية موجودة فى المناهج التى يتم تدريسها، واقتحام وتنقية الأحاديث الخاطئة المنسوبة للرسول «ص» حتى لو رواها البخارى، بالإضافة إلى تجديد أصول الفقة وفتح التاريخ الإسلامى كله للنقاش ورفع القداسة عن كل ذلك حتى نصل إلى خطاب دينى متطور يواجه الفكر المتطرف.
مشيرا إلى أن الإرهابيين لديهم فتاواهم ومصادرهم التى ترد على فتاوى الأزهر، فإذا استخدم الأزهر فتاوى الأئمة المعتدلين، سنجد المتطرفين يردون بنصوص لابن تيمية وغيره، مؤكدا أن الأزهر يجب أن يتجه مباشرة للنصوص التى تخلق مشكلات حقيقية والاعتراف بتغيير فكرة زمانية النص وتاريخه، ورفض ما أسس له الإمام الشافعى عندما قال العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وهى كارثة حيث تؤكد على تطبيق النص، كما هو عبر العصور، وهو ما يستخدمه هؤلاء الإرهابيون مثلا فى التفسير الخاطئ لقوله تعالى «وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّة وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ»، حيث يستغل هؤلاء الدواعش ما جاء فى تفسير كتب التراث والفقه وترجمته بصورة خاطئة لقتل المسيحيين وغيرهم.
مؤكدا أن الأزهر قادر بالقرآن والسنة النبوية أن يغير كل هذه المفاهيم الخاطئة، ولكن دون أن يهرب من مواجهة فكرة عدم تقديس البخارى وأن يجعل من التاريخ جزءا من الدين، بل يجب التعامل مع كل هذا التراث والأشخاص بالنقاش والرفض والتنقية، فلا عصمة للأشخاص ولاقداسة لهم.
اختتم حديثه بأن الخطة المعلنة مناورة لن تقدم جديدا ولن تؤدى إلى تجديد الخطاب الدينى على الإطلاق طالما هناك إصرار من الأزهر بعدم الاعتراف بمشكلات فى التراث والمناهج وكتب الفقه التى يستخدمها المتطرفون كمصدر رئيسى للقتل والحرق والاعتداء على الآخرين.
ويرى الدكتور محمد أبو ليلة، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، أنه حزين من الهجوم الذى يصب على الأزهر ومحاولة إضعافه وتحميله جميع المشكلات، مؤكدا أن الأزهر لم يخرج متطرفين فنحن وسطيون وطلابنا كذلك، فهل أبناء داعش الذين يفجرون ويقتلون خريجو أزهر؟
مضيفا أن كتب التراث والمناهج التى يدرسها الأزهر لا تخرج إرهابيين، بدليل أن هذه الكتب تتلمذ عليها قامات فكرية وثقافية ودينية مثل طه حسين والشيخ عبدالحليم محمود، وسعد زغلول، ومحمد عبده، وعمر مكرم، وآخرين من القيادات العديدة وفى نفس الوقت حصلوا على شهادات أجنبية من دول أوروبا مثل الشيخ البهى والشيخ تاج وأنا شخصيا حصلت على الدكتوراه فى مقارنة الأديان من إحدى جامعات لندن، ولم تعرقلنى دراستى للتراث فى التواصل مع الثقافة الحديثة، ولو كانت كتب التراث بهذه الطريقة التى يعيبون بها عليها لكان الأزهرى أثبت فشله.
ومضيفا بأن محاولة إضعاف الأزهر وتهميشه بدأت منذ عهد مبارك، فى عهد الشيخ جاد الحق، عندما التقى بالرئيس مبارك فى الإسكندرية وعلى هامش أحد المؤتمرات وسأله الشيخ جاد الحق عن ضعف ميزانية الأزهر وأن علماءه عند دعوتهم لحضور لجنة أو جلسة عملية لا يحصلون إلا على 40 جنيها مقابل أعضاء هيئة التدريس فى جامعة القاهرة الذين يحصلون على 300 جنيه فى الجلسة الواحدة، ورد الرئيس مبارك وقتها قائلا: جامعة القاهرة لا تخرج إرهابيين مثل الأزهر، وهنا قاطعه الشيخ وطلب منه عدم المضى فى استكمال الحديث معه!