الثلاثاء 20 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

الملك.. محمود نصير

الملك.. محمود نصير
الملك.. محمود نصير


بدأت أتفرغ لرحلة بيروت التى سيكون لها بالتأكيد أثر فى العالم العربى كله لأن بيروت هى مونت كارلو العالم العربى، وكل العرب يذهبون إليها وأى عرض مصرى ينجح هناك سيكون نجاحه أيضا عربيا وليس لبنانيا فقط، ولكن بعد أن تم الاتفاق على عرض روايتين «أنا وهو وسموه» وأيضا «يا كده.. يا كده» تراجع محمد عوض عن الاستمرار فى العرض ورفض تماما السفر معنا إلى بيروت، وهكذا فكرت فى أن أستعين ببعض المسرحيات التى سبق أن قدمتها لمسرح التليفزيون.. ولكن المسئولين هناك قالوا هذا أمر صعب جدا.. وفى النهاية قبلوا أن نعرض ما نشاء فى مقابل دفع 50 دولارا للمسرحية الواحدة ولم يكن أمامى سوى الرضوخ.

وتوجه عمال الديكور إلى بيروت لتجهيز المسرح والمفترض أن أتوجه بعدهم مباشرة لمتابعة العمل وقد طلبت منى السيدة شويكار أن أصحب معى والدتها وابنتها على أن تلحق بى هى والفرقة قبل يوم واحد من العرض، ووافقت.
وكانت هذه الزيارة هى الأولى من نوعها إلى لبنان وكانت هى المرة الثالثة التى أركب فيها الطائرة، فقد سبق أن سافرت إلى سوريا أيام الوحدة، ثم إلى الأردن ضمن بعثة فنية تابعة لإدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة، وفى مطار بيروت استقبلنى المتعهد ومعى والدة شويكار وابنتها منة وكان عمرها لا يتعدى الثمانى سنوات واتجهنا إلى الجبل، حيث نقيم بالقرب من المسرح الذى يقع فى منطقة ما بين مصيف عالية وبجمدون وكان اسم الأوتيل «ماجيستيك» وكان شديد الفخامة، يطل على الجبل.. وتركت والدة شويكار التى انبهرت بالمناظر الخلابة وأيضا منة واتجهت إلى المسرح فوجدت صالة ضخمة جدا تتسع لحوالى 4 آلاف متفرج، وتفقدت خشبة المسرح فوجدتها خالية من أية تجهيزات، مما يصعب عملية تزويدها بالإضاءة، كما أن الخشبة عارية تماما لا يمكن وضع ستارة عليها كما هو متعارف فى كل مسارح الدنيا، ساعتها قلت للمتعهد: لا يمكن أن أقبل العمل فى هذه الصالة! فسألنى: وليش ما بيصلح؟ قلت: لأنه يفتقد لوجود خشبة للمسرح، فقال: كيف تقول ها الكلام.. يا أخى عبدالحليم حافظ بنفسه بييجى لهون كل عام.. فقلت للمتعهد: نحن لسنا عبدالحليم حافظ، نحن فرقة مسرحية تقدم عملا فنيا على خشبة المسرح فيه حركة وإضاءة وصوت وموسيقى ورواية، نحن لسنا فرقة غنائية، وهذا المكان بالفعل رائع للغناء، لكن ليس للفن المسرحى واتجه الرجل إلى الفضاء وتحدث بصوت عالٍ فإذا بصدى الصوت رهيب وقال: يا أخى أنت لن تحتاج مطلقا لأى ميكروفون.. وبالفعل كان البناء أشبه بالمسارح الرومانية، ولكنى فكرت فى الكارثة التى يمكن أن تحدث لو جاء المهندس وشويكار وشاهدا المكان بالتأكيد ستحدث خناقة رهيبة ولذلك حاولت الاتصال بفؤاد المهندس لكى يلغى سفر الفرقة بأكملها لأن المسرح لا يمكن أن نقدم عليه العرض بأى حال من الأحوال.
كان الوقت متأخرا جدا.. ومع ذلك لم أستطع النوم، ولم ينقطع الخوف الذى كان داخلى عن طرح أسئلة.. ماذا سوف يحدث؟! قلت أفضل شيء أن أقتل القلق بالمشى فى بيروت، وجدت المدينة مفتوحة وكل المحال والمطاعم ودور السينما تستقبل زبائنها وكل الجنسيات العربية موجودة على مقاهى بيروت، ومحلات الملابس والسهر كانت الملاهى الليلية عددها ضخما جدا لدرجة أنك عندما تسير فى الشارع تسمع موسيقى شرقية تمتزج مع غربية مع أغان خليجية على مصرية على شامية، وكانت بيروت عامرة بكل شيء فإذا دخلت بقالة تجد ما هو موجود فى أى مكان فى العالم.. وإذا أردت شراء ملابس ستكون أحدث الصيحات أمامك وبأسعار أفضل واقتصاد لبنان حر وموانئه أيضا مفتوحة على كل جديد ووافد.. تذكرت حال مصر قبل ثورة 23 يوليو كانت بيروت أشبه بمصر فى العصر الملكى كل شيء متوافر وموجود والحياة سهلة وبسيطة، وهناك لمسة جمالية على الشارع والبنايات.
استسلمت لسحر بيروت الطاغى ونسيت نفسى حتى طلع الفجر.. فرجعت إلى الأوتيل لأنام عدة ساعات قبل أن يصل فؤاد وشويكار.. وبالفعل كنت فى المطار قبل أن تهبط الطائرة بدقائق.. ونحن فى الطريق إلى الأوتيل صعدنا الجبل فقال المهندس: أنت ح تفسحنى يا سمير.. قلت: لأ.. احنا رايحين الأوتيل.. فقالت شويكار: وهو الأوتيل فوق الجبل.. فقلت: آه.. فقال المهندس: إيه ده.. أنا لا يمكن أقعد ولا أنام ثانية واحدة فوق الجبل!.. قلت لفؤاد: المسرح نفسه فوق الجبل، لازم نكون قريبين من المسرح والأوتيل هايل، ولكن المسرح عاوز شوية جهد.. فقال المهندس الذى كان يخشى الجبل ويخافه: أنا نزلت بيروت مرة وقدمت حفلة أضواء المدينة ونزلت فى أوتيل اسمه «بريستول» كان تحفة فنية.. وأنا مش ح أتنازل عن مستوى البريستول أبدا.. فقلت لفؤاد: الفندق اللى ح تنزل فيه أفضل ألف مرة من البريستول.. وسألنى المهندس: أنت شوفت البريستول؟ فقلت: لأ.. فقال: أمال إزاى بتقول إنه أحسن من البريستول؟ فقلت لفؤاد: انتظر قليلا، وسوف ترى بعينيك وتحكم بنفسك، وعاد المهندس ليقول: طول عمرى باسمع الأستاذ عبدالوهاب بيقول إنه راح بيروت وغنى هناك ونزل فى البريستول.. البريستول ده له سحر خاص يا سمير عندى بسبب حكاوى الأستاذ عبدالوهاب.. وقال المهندس: لبنان عندى هى بيروت يا سمير.. مش الجبل.. أنا ممكن أتفرج على الجبل.. لكن أعيش فيه لأ.. انسي!
المهم أننا وصلنا الأوتيل «ماجيستيك».. فقلت للمهندس: إيه رأيك؟ فقال: حلو أوى.. بس اعمل حسابك مش ح أبات هنا.. أنا رايح بيروت ومش ح أتنازل عن الإقامة فى بيروت.. قلت للمهندس: ادينى فرصة أروح أقابل المتعهد.. وأرجع لك.. فقال: حاضر.. أنا ح أطلع آخد دوش ومش ح أنام هنا يا سمير.. فاهم؟!
تركت المهندس واتجهت إلى المسرح.. ولكنى لم أعثر للمتعهد على أى أثر، المهم اتصلت به فى مكتبه فوجدته وأخبرنى أنه لن يستطيع أن يفعل شيئا اليوم، ولكنه سوف يقوم بحجز أماكن لفؤاد وشويكار غدا فى فندق البريستول، على أن يقبل الأستاذ فؤاد بالمبيت فى الأوتيل ماجيستيك لليلة فقط!
وعدت إلى الأوتيل.. فوجدت موظف الاستقبال يخبرنى بأن الأستاذ فؤاد وشويكار غادرا الأوتيل واصطحبا معهما أم شويكار وابنتها، وأنهم اتجهوا إلى بيروت، سألت الموظف: وهل تعلم إلى مكان اتجهوا.. فقال: ذهبوا إلى أوتيل اسمه «المارتينيز» بشارع فينسيا.. ولأننى لا أعرف بيروت ولا شوارعها، فقد طلبت تاكسى وطلبت منه أن يتجه إلى فندق «المارتينيز»  وهناك وجدت فؤاد المهندس يشغل «سويت» وكان فى منتهى السعادة، وقال: شوفت الجمال، هى دى حلاوة لبنان الحقيقية، إنك تعيش فى بيروت مش تقول جبال وماجستيك! وقد كان الأوتيل الذى هبط فيه المهندس حديثا وجميلا بالفعل، وهو يشعل جو بيروت صخبا فى الليل، فمن حوله قامت أعداد هائلة من الملاهى الليلية والمقاهى التى تشبه مقاهى باريس.. سألت فؤاد: من الذى دلك على هذا المكان؟ فقال: المكان ده، قلت: آه.. أجاب: تسبجى.. ومن تسبجى هذا؟ أجاب: ده تاجر لبنانى متزوج من صديقة شويكار، وكان تسبجى هذا متواجدا فى الأوتيل وظل ملازما لنا طوال رحلتنا فى بيروت.. ولم أفهم ما سر تواجده معنا، وكأنه ظل لنا جميعا!
ورفض فؤاد أن نقيم مدبولى وأنا فى الجبل وأصر على أن نظل إلى جانبه فى أى فندق فى بيروت.. وقلت لفؤاد: إن الطريق من بيروت للجبل حلزونى وخطير جدا وأنا أخشى ركوب السيارة فى هذه الأماكن المرعبة، خصوصا أننا سوف ننهى حفلاتنا فى المسرح فى الصباح المبكر، حيث ينتشر الضباب وتصبح الرؤية معدومة وهو أمر خطر جدا أن نقطع هذه الطرق الملتوية بلا أسوار، ولكن فؤاد رفض كل الحجج وأصر على موقفه.
اتصلت بالمتعهد.. وذهبت إليه فى مكتبه.. وقام بدوره بالاتصال بالفندق الذى يقيم فيه المهندس وطلب 6 غرف إضافية.. فسألوه أسماء النزلاء.. فقال له المدير: إن فؤاد المهندس وشويكار ووالدتها وابنتها.. بالفعل مقيمون فى الأوتيل وأن المستر تسبجى هو من قام بالحجز، إنه يقبض عمولة يومية مقابل الحجز.. وتم توفير أماكن للباقين بسعر 50 ليرة لبنانية فى اليوم.. وقال المتعهد: هكذا سوف أدفع لكم 300 ليرة فى اليوم ولن أتحمل أية مصروفات أخرى، وقبلت عرض الرجل.
وجاءت بقية الفرقة ونزلوا فى شارع الحمراء وطلبوا ليرات من أجل شراء البضائع التى ليس لها وجود فى القاهرة.
وكلفت حسن مصطفى أن يتولى مسألة تسليف الممثلين بالعملة اللبنانية تحت الحساب.. وبالفعل تولى حسن المهمة بنجاح منقطع النظير فهو دقيق جدا فى حساباته.. ولكنه ذات يوم اختفى تماما ولم نعثر عليه.. وحاول الفنان نظيم شعراوى أن يجده وبحث عنه فى كل مكان ولم يكن لدى نظيم شعراوى ليرة واحدة وحاول السلف من بعض زملائه فقالوا له إنهم أيضا مفلسون وفى انتظار حسن مصطفى، وهنا قام نظيم شعراوى بالاتصال بالسفارة المصرية فى بيروت وقال لهم: أنا فنان مصرى وأريد السفير المصرى لأمر مهم.. وقال للسفير: حضرتك سفير الحكومة المصرية لدى الحكومة اللبنانية وأنا ممثل مصرى من قلب الشعب المصرى لدى الشعب اللبنانى، وقد اتفقت مع فرقة مسرحية لتقديم عرض مسرحى هنا، ولكنهم طلعوا نصابين وليس معى أى نقود! أرجوك التصرف.. وأرسل السفير المصرى مندوبا حتى لا يبلغ الأمر الجرائد والمجلات هنا فى بيروت وتصبح فضيحة لمصر، ولكن المندوب عندما وصل ولستر الله كان حسن مصطفى قد وصل معه فى مفاجأة عجيبة وتقابل مع الرجل وأفهمه الأمر وأن ما حدث مجرء سوء تفاهم وأن الفرقة بخير والمتعهد ملتزم بكل مصروفات الفرقة.. ومضى مندوب السفارة وهو سعيد بأن الأمور تسير على خير.
المهم أننى تكلمت مع حسن مصطفى بشأن أجهزة الصوت التى نحتاج إليها بشكل ضرورى للمسرح فى مصر ولا أعلم كيف استمع المستر تسبجى لحديثى مع حسن مصطفى فلم تمر سوى عدة دقائق إلا وجدته أمامى ومعه عروض مدعمة بكتالوجات وكانت الأسعار مبالغا فيها جدا.. وهنا كشفت له أوراقى.. وقلت: أنت حجزت للمهندس وشويكار وأمها وابنتها 3 أجنحة فى الأوتيل، وذلك مقابل عمولة ضخمة، فإذا قلت لى مبلغ العمولة ساعتها سوف أقرر ما إذا كنت أستطيع شراء الأجهزة أم لا، فقال: طالما الأمر بهذه الشفافية دعنى أصارحك.. إننى مستعد للتنازل عن عمولة الفندق مقابل موافقتك على شراء الأجهزة وتمت الصفقة، وهكذا استطعت أن أوفر كثيرا من ثمن الإقامة فى الفندق خصوصا أن الغرفة العادية كانت بـ50 ليرة فقط، أما سويت المهندس وسويت شويكار وسويت والدتها فكان سعره عاليا جدا واستطعت أن أشترى كل أجهزة الصوت التى يحتاجها مسرح الحرية فى مصر.
وحدث أن قابلت رجلا من مصر يعيش فى بيروت يطلق عليه أهل بيروت لقب «الملك» اسمه الحقيقى محمود نصير وهو ممثل مصرى قديم كان متزوجا من السيدة سنية شوقى وهى مطربة كان لها صيت أيام زمان، وقد سافر معها ذات يوم فى رحلة للغناء فى بيروت، ولكن رحلته استقرت فى بيروت لأكثر من ربع قرن، وقد سألته: بقى لك فى بيروت 25 سنة يعنى تأبيدة.. لماذا لا تعود إلى مصر؟ فقال: والله ما فى أى مانع.. غير شوية كسل مش أكتر، قلت له: كسل! 25 سنة كسل إزاي؟! فأجاب: والله يا أستاذ كل مرة أفكر أرجع.. أقول لنفسى: يوووه لسه ح أحضر الشنطة وأركب تاكسى وأروح المطار وأركب الطيارة.. أروح مكسل على طول!
الشيء الغريب أن محمود نصير غاب عن مصر حتى هذا الزمن الذى تقابلنا فيه 1966 ربع قرن بالتمام والكمال، ولكنه غاب عنها بالجسد فقط، وكأنه لم يغادرها على الإطلاق بروحه واهتماماته فهو يتابع كل شيء يجرى فى مصر من خلال استضافته لكل ولأى مصرى قادم إلى بيروت، وهو شخص قنوع إلى أقصى درجة متصالح مع نفسه ومع الحياة، فهو راضٍ بكل ما تهبه له الحياة، وبكل ما تحرمه منها.. وهكذا تحول محمود نصير إلى صديق، بل إلى قريب لكل المصريين العابرين والمقيمين فى بيروت، وظل بهجت قمر يحتفظ بصورة الملك أمام مكتبه ليصبح عليه كل يوم ولكن على النقيض من محمود نصير وجدت هناك شخصا آخر اسمه حسن المليجى قابلنى وقال إنه يرحب بى وبالفرقة ويريد أن يأخذ كل ما كتب فى ساعة لقلبك ليعيد تقديمه فى بيروت بشكل عصرى وعزمنى على الغداء وبمجرد أن ذهبت إلى بيته فتح الموضوع، وقال: شوف يا أستاذ.. أنا ح أشترى كل الحلقات اللى انتوا قدمتوها فى ساعة لقلبك.. سواء طلعت عشر حلقات.. طلعت 1000 ألف حلقة.. ح اشتريهم.. شروة.. واحدة بـ 200 ليرة هنا اندهشت بشدة، قلت له: 200 ليرة احنا مش بنبيع سمك.. والمفروض إنك فنان مش تاجر.. ولكن مع الأسف الراجل رد عليا قائلا: هو ده اللى عندى لو مش عاجبكم.. يفتح الله.. هنا أحسست أن الدم يغلى فى عروقى، وقلت له: لو كنت أعلم أنك سوف تتفاوض معى بأسلوب التاجر لما كنت حضرت إلى هنا، فصمت الرجل وقال: يعنى العرض مش عاجبك.. فقلت له: لأ.. أنا لا أتعامل إلا مع أهل الفن وليس مع التجار وقلت : السلام عليكم.. فقال: وعليكم. هنا حاولت أن أتماسك.. فلم أكن أتوقع منه مثل هذا الرد.. المفترض أنه فنان وعازمنى على الغدا.. فاكتشفت أنه ليس فنانا.. وأن الغدا مجرد كذبة كبرى، المهم اتجهت إلى الباب فإذا بى من ارتفاع الضغط أجد نفسى فى الحمام.. فنهض وأمسك بيدى وأخذنى إلى باب الشقة وتركته ومضيت، وقلت لمدبولى ومحمد يوسف ما جرى.. وأقسمت لو أنه دفع 1000 ليرة فى الحلقة فلن يحصل عليها، المهم أن الفرقة قدمت عروضها فى لبنان وتسلمنا حقوقنا من المتعهد وبدورى منحت كل فرد أجره كاملا عن العمل فى خارج مصر، وقال لى المهندس إنه وشويكار سوف يقضيان يومين للاستجمام فى بيروت، وسهرنا شويكار والمهندس وأنا فى أحد المسارح، لأجد شيئا مبهرا للغاية، فرقة رقص استعراضية على مستوى راق جدا لم أتصور وجوده فى العالم العربى، وجدت لها فرقة شبيهة فى باريس، والغريب أنك قبل العرض تتسلم كتالوجا يشرح لك كل فقرة وكل رقصة ومصمم الرقصات وواضع الموسيقى تماما كما لو كنت فى لندن أو باريس.
المهم أننا فى طريقنا إلى المطار لم أجد محمد يوسف بين ركاب الأتوبيس وعندما ركبنا الطائرة لم أجده أيضا وسط الطائرة، فطلبت أن نتأخر قليلا حتى يحضر محمد يوسف وبالفعل وجدته يركض بأسرع ما يمكنه ويحمل شنطة سفر ويتبعه أحد عساكر المطار.. وبمجرد ركوبه الطائرة قلت له: كنت فين؟ فقال: روحت لحسن المليجى، قلت: وهببت عنده إيه، قال: بعت له الحلقات يا سمير.. إدانى 250 ليرة اشتريت اللى ناقصنى.. فقلت له: ضحيت بكل إبداعك علشان خاطر 250 ليرة صحيح يا بلاش!
وأحزننى ما قام به محمد يوسف لأن المليجى سوف يتعامل كل مع هذه الدرر التى قدمناها فى الإذاعة وفى المسرح بطريقة تاجر الأسماك والفاكهة وليس بطريقة الفنان المرهف الحس الذى يعلم قيمة ما بين يديه من فن وفقد محمد يوسف الشيء الكثير فى نظرى!