فاطمة الزهراء فيلم بالإيراني والمخرج أمريكاني!

فاتن الحديدي
بعد إنتاجهم سلسلة من أفلام سينمائية دينية عن الأنبياء، كان آخرها فيلم « محمد رسول الله» تستمر إيران فى إنتاجها لهذه النوعية من الأفلام وتجسيد شخصيات أنبياء الله (عليهم السلام) لكن هذه المرة تختلف عن سابقاتها، فالمخرج أمريكانى!
فقد أعلن المنتج السينمائى الإيرانى «جواد نوروز بيكى» عن عزمه إنتاج فيلم عن حياة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) بعنوان «يوم العذاب» من إخراج المخرج الأمريكى شون ستون (ابن المخرج أوليفر ستون)، والذى قد أسلم وتشيع على يد مواطن شيعى لبنانى، وزار شون ستون علماء الدين فى مدينة أصفهان بإيران ليأخذ موافقتهم لإخراج الفيلم على نفقته الخاصة، ورصد له مبلغ مليون جنيه استرلينى. شدد نوروز بيكى على عدم إثارة الخلافات الشيعية -السنية.
وأشار نوروز بيكى إلى التباين فى الروايات الشيعية والسنية حول حياة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، وقال إنه فى إنتاج هذا الفيلم لا بد من الأخذ بعين الاعتبار هذا التباين حتى لا يعارضه أهل السنة.
وأضاف أن السيدة فاطمة الزهراء هى «برزخ ما بين النبوة والإمامة»، لأنها «حلقة وصل بينهما».
ويطلق الشيعة «مظلومية الزهراء» على ما جرى لها من غصب ميراثها وما تبع ذلك من عصرها خلف الباب وجمع الحطب على باب دارها وإسقاط جنينها، ويعتقدون بأن فاطمة الزهراء توفيت وهى غاضبة على أبى بكر وعمر، ويؤيدهم فى ذلك أحاديث وروايات من كتب أهل السنة كرواية البخارى فى صحيحه عن عائشة بنت أبى بكر.وهذه الرواية توضح أن مسألة فدك عند الشيعة فى جوهرها حق الإمامة بصفة عامة.
كما يدلل الشيعة على صحة روايتهم التاريخية بما ورد فى كتب التاريخ مثل البداية والنهاية لابن كثير وتاريخ الأمم والملوك للطبرى من أن عمر بن الخطاب عندما ولى الخلافة ردَّ فدك إلى عليّ والعباس. ويرى مؤرخو الشيعة أن هذا الموقف يُناقض رواية أبى بكر. ورَدُّ فدك حدث مرات عدة أخرى فى عصور أخرى، إذ أن الخليفة الأموى عمر بن عبد العزيز ردها إلى أبناء فاطمة فى عصره كما عرض هارون الرشيد على موسى الكاظم أن يرد إليه فدك لكن موسى أوضح أن العلويين يرجئون الفصل فيها إلى يوم الحساب.
ويرى الشيعة أن أرض «فدك» من حق السيدة فاطمة كميراث شرعى ، ويتمسكون بموقف الزهراء التى استشهدت فيه بالقرآن ردا على الحديث الذى رواه أبو بكر ليحاج بأن لا إرث لها، وهو الحديث الذى رده بعض علماء السنة على أنه موضوع ، بينما تمسك به جماعة أهل السنة انتصارا لأبى بكر، فيقولون إن الأنبياء لا يورثون وأن ما تركوه صدقة. وقد روى أبو بكر الحديث عن الرسول (ص): الا نورث، ما تركنا صدقة- وهذا سند أبى بكر - الحديث الذى هو راوية - حين كان خليفة المسلمين وأيده عمر بن الخطاب، فردت عليه فاطمة: سبحان الله ما كان أبى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن كتاب الله صادفا ولا لأحكامه مخالفا بل كان يتبع أثره ويقفو سوره أفتجمعون إلى الغدر اعتلالا عليه بالزور.
ويرى علماء الشيعة ومنهم محمد باقر الصدر أن الحديث الذى رواه أبوبكر إذا صح فهو يضرب بعضه بعضا؛ فإذا كان الأنبياء يورثون العلم والحكمة وليس المال فإن فاطمة بنص الحديث ترث علم النبى وحكمته وبالتالى تكون مطالبتها بإرثها حجة على الخليفة بوصفها أعلم بدين محمد بنص الحديث الذى رواه أبوبكر نفسه، وأيضا يترتب عليه أنه إذا كانت فاطمة وعلى يرثان علم وحكمة النبى فلماذا منعا من ميراثهما هذا بإبعادهما عن الإمامة؟. إذا صح الحديث فهو حجة لهما لا عليهما أن فاطمة جاءت أبا بكر وعمر - رضى الله عنهما - تسأل ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنى لا أورث، قالت : والله لا أكلمكما أبدا، فماتت، ولا تكلمهما.( الراوى: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألبانى - المصدر: صحيح الترمذى - الصفحة أو الرقم: 16)
بينما يرى أهل السنة والجماعة أنّ خلاف أبى بكر الصديق مع فاطمة كان خلافًا سائغًا بين طرفين لدى كل منهما أدلة على رأيه، وأن طلب فاطمة ميراثها عن أبيها من أبى بكر بأن ذلك كان قبل أن تسمع الحديث الذى دل على خصوصية النبى ذلك وكانت متمسكة بما فى كتاب الله من ذلك فلما أخبرها أبوبكر بالحديث توقفت عن ذلك ولم تعد إليه.
وكالعادة بدأ الاعتراض على الفيلم من قبل أئمة السنة لأجل تصوير فيلم بحق السيِّدة الصدّيقة الكبرى مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام لأن الشيعة يخرجون عن الضوابط الشرعية لتصوير أى فيلم بحق المعصومين عليهم السلام، وقالوا لو كان المخرجون للأفلام الدينية كالمخرج الإيرانى لفيلم قصة التفانى والإيثار، هرمز إمامى، وكمخرج فيلم الرسالة لمصطفى العقاد السورى لكان الأمر مقبولا، لكن ثمة محاذير شرعية كبرى فى فيلمى النبى يوسف والسيدة مريم عليهما السلام، وهو أمر غير جائزٍ شرعاً وعرفاً وعقلاً.