هنا «جواتيمالا».. اغتصاب بـ «علم الوصول»

هالة أمين
هنا «جواتيمالا».. «دولة الجنرالات والمغتصبات».. ولك أن تصدق أو لا تصدق أن ربع عدد فتيات جواتيمالا من الأطفال، أصبحن أمهات «سفاحا» فى بلد شهدت خلال 36 عاما فقط اغتصاب 100 ألف امرأة بشكل عنيف، أحيانا بمباركة ودعم المتمردين اليساريين، المدعومين من وكالة الاستخبارات الأمريكية «C.I.A» الذين استخدموا الاغتصاب سلاحا للإذلال.
الجدير بالذكر أن جواتيمالا من أعلى الدول فى معدلات حمل المراهقات عالميا، حيث تنجب الفتيات اللاتى لا تتخطى أعمارهن العاشرة، هى الحقيقة الصادمة، فقد أصبحت أكثر من 5100 فتاة دون سن الرابعة عشرة أمهات فى عام 2014.
والغريب أن 30% من حمل الفتيات فى جواتيمالا، التى يطلق عليها البعض اسم مدينة الأشباح يكون نتيجة الاغتصاب والاعتداء الجنسى وهو أمر شائع، والغريب أن العديد من الفتيات الحوامل لا يفهمن الجنس، وكثيراً ما تكون جريمة غير معترف بها لأن الرجال يرون أن الفتيات جزء من ممتلكاتهم، وعلى الرغم من القوانين الصارمة التى تم إدخالها فى جواتيمالا للحد من الاغتصاب فى سن المراهقة، إلا أن ثمانية أشخاص فقط صدرت بحقهم أحكام إدنة فى عام 2012.
ورصدت المصورة البريطانية «ليندا فورسيل» أثناء رحلتها إلى جواتيمالا للقاء الفتيات هناك للتعرف عن قرب على تلك الظاهرة المزمنة قصصهم المؤلمة، واكتشفت أن جواتيمالا البلد الوحيد الذى ولدت فيه ما يقرب من ربع جميع الأطفال لأمهات فى سن المراهقة، لم يصلن حتى إلى عامهن الـ13، وفى عام 2011 كان هناك 35 أماً لم يتخط عمرهن العشر سنوات.
ووفقا لتقرير فورسيل فى صحيفة ديلى ميل البريطانية، فإن تلك الأرقام غير صحيحة وأن حجم المعاناة أكبر من ذلك، ويسبب صدمة كبيرة فى بعض النواحي، الأمر الذى يضع كلاً من الأمهات وأطفالهن فى خطر مميت، حيث إن الولادة فى سن المراهقة أمر مرعب، وتسبب ألمًا جسدياً ومعنوياً كبيراً، لهؤلاء الفتيات، حيث إن بعضهن لم يسمعن قط عن وسائل منع الحمل، وقد استطاعت المصورة البريطانية أن تلتقط صورا تظهر المأساة على وجوه الأمهات.
ونقلت المصورة البريطانية قصة الفتاة جلوريا التى لم تصل حتى إلى الثالثة عشرة، وأصبحت حاملا من قبل عامل دى جيه فى ملهى ليلى، يبلغ من العمر 22 عاما، وقالت جلوريا إنها تعرضت للاغتصاب، لكنها بالكاد لا تعرف كيف حدث ذلك، وفى جواتيمالا، الكنيسة هناك كان لها تأثير سلبي، حيث إنها منعت محاولات التثقيف الجنسى، والذى لعب دورا كبيرا فى ارتفاع عدد الفتيات الحوامل تحت 14 عاما وفقا لتقرير مرصد الصحة الجنسية والإنجابية osar.
وقابلت «فورسيل» فتاة حكت معاناتها حول تجربتها المريرة مع الاغتصاب، حيث قالت إنه تم ربطها فى شجرة، بينما كان يغتصبها رجل يبلغ من العمر 53 عاما، وقالت «ميشيل» البالغة الثالثة عشرة، إنها تعرضت لذلك بينما كانت عائدة من المدرسة إلى البيت حيث طاردها وربطها فى شجرة، وأصبحت حاملا فى ابنتها إيريكا، وميشيل هى الآن حامل للمرة الثانية بعد أن باعتها أمها إلى رجل أكبر منها، والتقت المصورة بالفتاة هايدي، البالغة من العمر 12 سنة والتى أنجبت طفلها ماركوس.
والتقت المصورة البريطانية بـ«ليليان» مع ابنها لويس ديفيد، وقالت إنها ولدته عندما كان عمرها الحادية عشر فقط، حيث اعتاد عمها على اغتصابها منذ كانت فى التاسعة، ورغم أنه أدين على ما فعله لكنه فى النهاية لم يحصل إلا على أمر تقييدى لمدة شهرين ليبقى بعيدا عنها، ويلعب ابنها مع إخوتها ومعها لأنهم قريبون فى العمر ويبدون كالأشقاء جميعا.
والأغرب أن الحكومة لم تحاول السعى للقضاء على هذا الوباء، لكن الأسبوع الماضى صدر قانون جديد، لزيادة السن القانونية للزواج إلى 18 حيث كان فى السابق 14 سنة فقط، وفى عام 2012 كان هناك 2000 حالة معروفة لفتيات تحت الرابعة عشرة، أصبحن أمهات لكن كانت هناك مجرد ثمانية إدانات ناجحة مما أدى إلى ارتفاع معدل حالات الحمل فى سن المراهقة فى البلاد وأصبحت مثل «الآفة».
ويعد استخدام الاغتصاب إرث الحرب الأهلية فى جواتيمالا، التى استمرت لمدة 36 عاما حتى منتصف التسعينيات حيث تم اغتصاب 100 ألف امرأة خلال تلك السنوات بشكل عنيف، من خلال الجنرالات اليمنية المدعمة من وكالة المخابرات المركزية «C.I.A» والمتمردين اليساريين، الذين قاموا باستخدامه كسلاح ولا يزال يتم اغتصاب آلاف النساء من جميع الأعمار فى كل عام، وواحدة فقط من كل 10 لديها الشجاعة الكافية للاعتراف بذلك، فضلا عن عدم قدرتها على رؤية مهاجمها.
وقالت كارولينا إسكوبار، مديرة ملجأ فى (لا إليانزا) إن جواتيمالا لديها ثقافة متسامحة للغاية مع العنف الجنسي، ضد الفتيات والنساء، بشكل يصل إلى التطبيع وحتى يبرر للرجل فى العديد من الحالات فى مثل هذا النوع من العنف، وأنه أصبح من المحرمات مناقشة إدانة تلك الممارسات فى المجتمع.
عشرة آلاف فتاة يبلغن كل عام باغتصابهن، لكن العدد الحقيقى للضحايا أعلى بأضعاف مضاعفة، وهناك تهديدات أخرى غير الاغتصاب حيث إن الولادة فى هذه السن المبكرة خطيرة جدا، هناك مضاعفات أثناء الولادة، حيث تعد ثانى أكبر سبب للوفاة فى الفتيات فى سن ما بين 15 إلى 19 فى جواتيمالا.
والتقطت المصورة البريطانية عدة صور ما بين الفتاة (إميليا) البالغة من العمر 14 عاما وكانت فى قسم الولادة القيصرية، وكان رحمها لا ينكمش بشكل صحيح مما هدد حياتها وعانت من تورمات وكانت ملطخة بالدماء تماما.
وقالت المصورة إن الاغتصاب والحمل فى سن المراهقة، ليس مجرد مشكلة ترتكب من قبل الرجال، لكنها التقت فى فترة تواجدها فى جواتيمالا الأمهات اللاتى بعن بناتهن والنساء اللاتى لم يبلغن عما حدث لهن لأنه ببساطة شىء معتاد فى البلاد والأسر تحاول أيضاً التغطية على الحمل الذى يتبع حالات الاغتصاب.
وأضافت (أندريا) التى لا تزال طفلة وهى حامل تمكث فى منزل والديها أنهما اعتادا على ضربها، حيث إن الكثير من الفتيات أصبحن منبوذات من قبل أسرهن بعد حملهن، إن الفتيات يعتبرن من مصادر الثروة لأنهن هن الذين يفعلن كل العمل المنزلى، بما فى ذلك حلب الماشية، وجلب الماء والحطب، وحتى إذا لم يصلن سن الزواج فإن الآباء يرغمونهن عليه، وبالتالى يعزف العديد من الأسر فى جواتيمالا، عن تعليم بناتهن وغالبا ما تتزوج الفتيات فى سن ثمانية أو عشرة لكبار السن من الرجال، خاصة فى المناطق التى تمارس تشويه الأعضاء التناسلية للإناث.
والأغرب أن الفتيات اللواتى يتزوجن من رجال طاعنين فى السن يمارسن الجنس خارج إطار الزواج، حيث يحق للمرأة أن يكون لها صديقها خارج إطار الزواج طالما أنها لن تحمل منه، ومن المألوف أن يسمح الرجل ذو السبعين ربيعا الذى تزوج من فتاة تبلغ من العمر اثنى عشر عاماً لها أن تمارس الجنس مع أصدقائها الصغار فى السن.
ومن بين أغرب الطقوس الشاذة هناك أيضا أنه إذا كان لدى امرأة العديد من الأطفال يمكنها التخلى عن اثنين على الأقل من أبنائها كهدية دائمة لأختها التى لم تنجب أطفالاً، بموافقة زوجها وإذا لم يكن لديها أخوات، فإنها تتبرع لأى عضو فى أسرتها بالطفل، وكل ذلك لا يعد وفقا لتقارير شبه رسمية، أمورا غريبة فى (جواتيمالا)، الدولة التى يحلو للبعض تسميتها (بلد المليون مغتصبة).