استحمام المرأة عارية.. إثم عظيم واستخدامها للغسالة يسقطها فى الرذيلة!

مروة سلامة
لم تعد الفتاوى الغريبة والشاذة حكراً على ديانة أو مذهب بعينه وسط حالة التشتت الفكرى والعشوائية التى تغزو العالم، التنظيمات الإرهابية المحسوبة على المذهب السنى كـ«تنظيم القاعدة» و«داعش» و«بوكوحرام» لم تعد وحدها التى تصدر فتاوى غريبة، فهناك الكثير من الفتاوى العشوائية لحاخامات يهود، وملالى شيعة جعلت أنصارهم يسقطون بين الإفراط والتفريط، ما يؤكد أن الفتاوى الشاذة لادين لها، كفتوى الحاخام اليهودى الذى ادعى بأن استحمام المرأة لايجوز إلا وهى بكامل ملابسها، وأن نوم الزوج والزوجة فى غرفة مضاءة حرام شرعاً، وفتوى أحد الشيوخ المغاربة بجواز تعاطى الحشيش فى حال معاشرة الزوجة الدميمة، وغيرها من الفتاوى التى أصابت المجتمعات بعقم فكري.
لاشك أن الفتاوى التى أطلقها رجال ينتسبون للأديان والتى انتشرت بقوة خلال السنوات الأخيرة أصبحت حديث الكثيرين فى المنطقة العربية والعالم كله، إلا أنها لم تقتصر على الجماعات الإسلامية فحسب، بل إن موجة العبث والفوضى الدينية اجتاحت العالم بأسره ولم تفرق بين الديانة اليهودية أو الإسلامية بمذاهبها المختلفة وغيرهما من الديانات.
رصد موقع «المصدر» الإسرائيلى الموجه باللغة العربية عدداً من الفتاوى الدينية اليهودية المتشددة التى صدرت عن حاخامات يهود وأثارت جدلاً واسعاً داخل المجتمع الإسرائيلي، الذى أصبح يعانى من التشدد الدينى خلال السنوات الأخيرة التى نادى بها يهود «الحريديم» أى الأصوليين المتشددين من اليهود، والذين يطلق عليهم البعض إعلامياً لقب «طالبان» إسرائيل، حيث يفرضون الـ«فرومكا» أى النقاب على نسائهم بحيث يتبدين وكأنهن من طالبان أو داعشيات، فلا يمكن أن يفرق أحد بينهن وبين المسلمات اللاتى يرتدين هذا الزى.
فتوى يهودية بتحريم استحمام النساء عاريات
ويذكر الموقع أن عدداً من الحاخامات اليهود المتشددين أصدروا فتوى بعدم جواز المرأة الاستحمام وهى عارية وإلا تكون قد ارتكبت جرماً كبيراً، مشيراً إلى أنه لا يجوز للمرأة اليهودية المتمسكة بدينها أن تتجرد تماماً من الملابس وأنه عليها أن تستحم إما وهى مرتدية كامل ثيابها أو ملابس السباحة «المايوه» إن أرادت التخفف من ملابسها.
وأضاف الموقع أن من أيدوا تلك الفتوى من الحاخامات يرون أن جسد المرأة عبارة عن مجموعة من الخطايا بداية من شعرها إلى أخمص قدميها وحتى تركيبتها البيولوجية، حيث يعتبرون أن جسدها محل لإشباع الشهوات وأنه عبارة عن كتلة من الفتن، والأكثر من ذلك أنهم يطلقون عليه «خطيئة» وبالتالى فإنه ينبغى على النساء أن يغطين على خطيئتهن أى «جسدهن» ولا يكشفنه حتى بينهن وبين أنفسهن، وهى نظرة دونية للمرأة تجعلها تشعر بأنها كائن منبوذ ومحتقر، وهو ما يسلبها حقها فى العيش بصورة كريمة.
النظرة المتطرفة لليهود تتشابه برؤية دعاة السلفية والملالى الشيعة، فكل منهم يرى أن التشدد يعد السبيل الوحيد لمنع النساء من السقوط فى الرذيلة، وأن قيام الدولة الدينية أمر ضرورى لحماية المرأة من نفسها. فقد نشرت بعض المواقع الإيرانية تصريحاً لـغلامرضا حسني، إمام مسجد مدينة «أرومية» الإيراينة والملقب بـ«حجة الإسلام» يشيد بفضل الثورة الخومينية على نساء إيران ويقول: «إنه لولا الثورة الإسلامية لكانت نصف نساء إيران عاهرات»، وكأن الثورة هى التى حصنت نساء إيران من السقوط فى الرذيلة، وهو أمر غير مقبول وأثار غضب الكثيرين الذين أكدوا أن نساء إيران قبل الثورة لم يكن منحلات والإسلام كان موجوداً فى عهد الشاه والحديث عن دخوله لأول مرة على يد الملالى بعد سقوط نظام الشاه غير صحيح.
هناك فتوى أخرى للحاخامات الأصوليين مماثلة لما اتفق عليه مشايخ المملكة السعودية كعدم جواز قيادة النساء للسيارات، ويذكر موقع «المصدر» أن رجال الدين المتشددين يرون أن قيادة المرأة للسيارة أمر غير محترم وأنه لا يجوز لها فعله فى المدن المتدينة «الحاريدية» كـ«القدس».
وذهب بعض الحاخامات اليهود الأصوليين للقول بأن نوم الزوجين فى غرفة مضاءة حرام شرعاً، كما أنه لا يجب المعاشرة الزوجية فى غرفة بها ذباب، بدعوى أن مؤمنى اليهود لا يجب أن يمارسوا الجنس فى وضح النهار أو فى غرف مضاءة، كما اشترطوا خلو الغرفة من الذباب بحجة ألا ينصرف الزوجان عن أدائهما، على حد ما ورد بالموقع.
الفكر المتطرف لم يفرق بين يهودى ومسلم، فكما ذهب بعض مشايخ المسلمين المتطرفين إلى تحريم تعامل النساء مع كل ما هو «مذكر» حتى وإن كان جماداً، كما جاء نقلاً عن منيرة القبيسي، زعيمة تنظيم «القبسيات» النسائى الإسلامى بسوريا منذ سنوات والتى أفتت بعدم جواز نوم النساء بالقرب من الحائط لأنه مذكر والمرأة مؤنثة، وبالتالى فإنه يحرم ملامسته أو الجلوس بجواره، ذهب بعض الحاخامات اليهود لتحريم استخدام المرأة لـ«الغسالة الأوتوماتيك» باعتبار أن هذا الأمر يسقطها فى الرذيلة لوجود علاقة غير شرعية بينهما، وكلها فتاوى مثيرة للسخرية ويرفضها العقل والمنطق.
الحشيش حلال فى حال معاشرة المرأة الدميمة
جميع الأديان السماوية جاءت لتدعو للقيم السامية وتعزز الفضيلة، وأن أية انحرافات سلوكية أو فكرية نابعة إما عن تقصير المنتسبين لها أو سوء تفسير وتعصب البعض الذى يحيدها عن مسارها الطبيعى الذى جاءت من أجله لتنظيم الكون حتى لا تعم الفوضي.
الأديان جميعها اتفقت على ثوابت كتحريم الزنى أو ما يذهب العقل وغيرها من الأمور، إلا أن بعض الفتاوى الدينية تحيد عن هذا المسار نظراً للشذوذ الفكرى لبعض من ينصبون أنفسهم متحدثين باسم الدين، فإذا تطرقنا إلى إباحة تعاطى الحشيش، نجد أن أقدم الفتاوى التى أباحت تعاطيه جاءت على يد غلاة الصوفة، الذين أباحوه فى جلساتهم، وعلى الرغم من نفى بعض مشايخ الطرق الصوفية للجوء البعض لتعاطى الحشيش، إلا أن هذا أمر معروف للمطلعين على نشأة هذه الفرق.
وفى دراسة للباحث الإيرانى سيد على قاسم زاده، المتخصص فى شئون الفرق الإسلامية بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة كاشان الإيرانية جاء أن بعض فرق غلاة الصوفة كانوا يبيحون تعاطى المسكرات والحشيش والمواد المخدرة للوصول لحالة النشوة التى تمكنهم من الاتصال بالذات الإلهية وتفصلهم عن الواقع كلية.
ومع مرور الوقت نجد بعض مشايخ المسلمين يبيحون «الحشيش» لأغراض أخري، حيث ذكرت وكالة أنباء «إيسنا» الإيرانية أن أحد المشايخ المغاربة أصدر فتوى بإباحة تعاطيه فى حال معاشرة الزوج لزوجته الدميمة، كى يتخيلها جميلة، على حد ما ورد بالوكالة.
الفتاوى المماثلة داخل المجتمع الإسرائيلى المتشدد، فهناك إجماع على تحريم تعاطى «الحشيش» و«الماريجوانا»، إلا إن الأمر تغير بعد موافقة يعقوب ليتسمان، نائب وزير الصحة الإسرائيلي، ذى الخلفية الدينية المتشددة والذى تولى منصبه بموافقة من مجلس حاخامات التوراة، القيادة الروحية لحزب «يهودوت هاتوراه الأشكنازي» المتشدد، فعلى الرغم من خلفيته الدينية إلا أنه أقر بالموافقة على بيع «كانابيس» وهو الاسم العلمى لنبات الماريجوانا فى الصيدليات الإسرائيلية، ففى تقرير تليفزيونى أذاعته قناة «I24» الإسرائيلية الموجهة بالعربية، قال فيه: «فى حياتى لم أعرف ما هى الماريجوانا، فقررت أن أجرب بنفسى تأثيرها.. فيجب أن نفرق بين ما هو طبى وبين الاستخدامات الأخري».
قرار «ليتسمان» جاء للموافقة على بيعها بدعوى أنها تفيد فى بعض الحالات الطبية، شأنها كشأن أى عقار آخر، على حد تعبيره.
حقيقة الأمر أن المتطرفين فى كل الديانات يرون الآخر دائماً مداناً وأنهم وحدهم على صواب، لكنهم فى النهاية أول المخطئين فى حق الديانة التى ينتسبون إليها.