الإثنين 7 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«موزة» أم المؤمنين فى «شرع» القرضاوى!!

«موزة» أم المؤمنين فى «شرع» القرضاوى!!
«موزة» أم المؤمنين فى «شرع» القرضاوى!!


علاقة وطيدة جمعت بين مفتى الإخوان يوسف القرضاوى وبين قطر لأكثر من خمسة عقود كاملة، ساهمت بشكل كبير أن يكون ولاؤه لهذه الدولة أكثر من بلده الأم.
جمع «القرضاوى» بين سلطة المال بصفته أحد أباطرة الإخوان المسلمين، وشريك يوسف ندا، القيادى الإخوانى البارز فى بنك «التقوى»، وبين السلطة الدينية بصفته مفتياً للإخوان ومؤسسا ورئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين.. فهو أيضاً صاحب أغرب الفتاوى الدينية خلال السنوات الأخيرة وأحد أكثر المشايخ الذين أثاروا جدلاً كبيراً فى مصر والوطن العربى، فمؤخراً لقب الشيخة «موزة» زوجة أمير قطر السابق بـ«أم المؤمنين» وجعلها فى مصاف زوجات الرسول «ص»، وهو أيضاً الذى أفتى بإباحة زواج المتعة، الذى أقره الشيعة لدى بعض علماء السنة، وهو من أفتى بإباحة دم الرئيس الليبى السابق معمر القذافى، واحتلال الغرب لسوريا.
ارتبط اسم «القرضاوى» فى أذهان المواطن العربى بقناة الجزيرة وقطر حتى قبل أحداث الخامس والعشرين من يناير 2011 حيث كان ضيفاً دائماً على شاشتها، فلم تكن هناك أى قناة فضائية تستضيفه سوى هذه «الجزيرة»، ولا أحد ينسى دوره فى إشعال الفتنة فى العديد من الدول العربية بداية من تونس ومصر وليبيا وسوريا، ولعل دعوته الشهيرة التى أطلقها لحلف الناتو للتدخل العسكرى منذ بداية الأحداث فى ليبيا، ومن بعدها سوريا كانت سبباً فى إطلاق البعض عليه لقب «مفتى الناتو».
فى برنامج «الشريعة والحياة» الذى كان يبث عبر «الجزيرة» وفى حلقة تحمل عنوان: «الثورة.. فتنة أم رحمة»، تم من خلالها تسييس الفتاوى الدينية وفقاً للأهواء الشخصية لحاكم قطر وزوجته حيال مصر والدول العربية فى تلك الفترة الحرجة، حيث قال «القرضاوى» صراحة إن استعانة المسلمين بالأقباط للثورة على نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، أمر جائز، وهو ما يعادل استعانة أهل البلد الواحد بحلف الناتو والغرب من أجل القضاء على حاكم البلاد، ماداموا يرونه ظالماً، فى حين أن هذا الأمر مخالف لتعاليم الشريعة الإسلامية، فهناك قاعدة فقهية شهيرة تنص على: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، لما سيترتب عليه من أضرار سواء من إشعال الفتنة وقتال أبناء البلد الواحد أو دخول قوات أجنبية مما يؤدى إلى احتلال ودمار لهذه الدولة، لكنه فى ذلك الوقت كان ينفذ أجندة قطر فى البلدان العربية بتوجيه رسائل لأعضاء الإخوان المسلمين فى البلدان العربية المختلفة الذين يسيرون أيضاً وفقاً للمنظومة التى وضعتها لهم قطر.
تعود علاقة «القرضاوى» بقطر إلى عام 1961 حين سافر إليها وعمل بها كمدير للمعهد الدينى الثانوى، ثم تولى منصب عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، وحصل على الجنسية القطرية، فكان ولاؤه الكبير لقطر التى فتحت الأبواب على مصراعيها له ولتنظيم الإخوان المسلمين بوجه عام.
مؤخراً أثار «القرضاوى» جدلاً كبيراً بتصريحه بأن: «الشيخة موزة أشرف وأكرم بنات العرب، وأنه يجوز وصفها بأم المؤمين»، أى وضعها فى منزلة تضاهى زوجات الرسول الكريم «ص»، لكنها لم تكن المرة الأولى التى يبالغ فيها فى الثناء على تلك السيدة، ففى وقت سابق وعلى شاشة «الجزيرة» تغزل فيها واصفاً إياها بالتمتع بالأناقة والأبهة والفخامة والجمال، على حد تعبيره ووصفه لها.
وهو أمر غير مقبول أن يصدر على لسان رجل دين، مهما اختلف توجهه السياسى والفكرى، فهو تملق صريح لهذه السيدة التى وقفت وراء الكثير من أعمال الفوضى ودعمت الإرهاب فى الوطن العربى ومصر على وجه التحديد.
الشيخة «موزة» وقطر أضافا الخلفيات السياسية لفتاوى «القرضاوى»، الذى لقب بـ«خومينى مصر» بعد خطبته الشهيرة بميدان التحرير منذ بداية الأحداث فى مصر، فبوصلة الفتاوى عنده غير مستقرة على رأى واحد، ولا يوجد لها معيار ثابت، حيث أباح الجهاد فى مصر وسوريا وليبيا والدول العربية، فى حين أنه انتقد جهاد السلفيين فى فلسطين ضد إسرائيل، فى الوقت الذى تولت فيه «حماس» السلطة، وبرر مذبحة مسجد «ابن تيمية» التى قامت بها «حماس» ضد السلفيين بأنهم لم يحترموا الهدنة التى وقعتها الأخيرة مع إسرائيل، وأنهم بذلك يوقعوها فى مشكلات سياسية، علماً بأنه أباح قيامها بعمليات مماثلة قبل صعودها للسلطة.
ومن بين تناقضات «القرضاوى» طريقة تعامله مع إسرائيل، فنجده يطلق عليها «الكيان الصهيونى» حين ينتقد أحدا من خصومه، بينما يظهر المحبة لإسرائيل من خلال زيارته لها ولقاءاته بالحاخامات اليهود، حيث أكدت طليقته السيدة أسماء بن قادة، لوسائل الإعلام فى وقت سابق أن زوجها زار تل أبيب مما يعد تطبيعاً معها بشكل أو بآخر، فهو يحرم ما يحلله على نفسه، فأثناء التحضير للانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة حرض بشكل مباشر ضد الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى كان مرشحاً للرئاسة آنذاك قائلاً: «لا تنتخبوا رئيساً يفرح بمجيئه الصهاينة»، كما عقب على قرار المحكمة المصرية بإدراج «حماس» كجماعة إرهابية بأنه فى مصلحة «الصهاينة»، كما أنه أفتى بتحريم زيارة القدس لغير الفلسطينيين، باعتبار أن هذا الأمر يعد تطبيعاً مع إسرائيل.
لم يوجه «القرضاوى» الذى يتغزل فى محاسن وصفات الشيخة «موزة»، التى يراها «أم المؤمنين» أية انتقادات لها أو لقيادة دولة قطر التى تستضيف مسئولين إسرائيليين وتقيم قواعد عسكرية أمريكية على أرضها، ولم يصفهم يوماً بالعمالة أو التطبيع، فى المقابل أغدقت عليه «موزة» أموالها وأنشأت له مركزاً خاصاً للدراسات الإسلامية.
فى السياق نفسه نجده كثيراً ما ينتقد «الشيعة» ويلعنهم ويحرض لقتالهم فى سوريا، فى حين أنه يتعاون مع المرجعيات الشيعية بشكل رسمى من خلال الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، الذى يرأسه منذ 2004 والمدعوم من قطر، ويسير وفقاً لرؤية جماعة الإخوان، ومن بين المرجعيات الشيعية التى تعاون معها محمد واعظ زاده الخرسانى، أحد أشهر دعاة التقريب بين المذاهب فى إيران.
وفى تقرير للإذاعة الألمانية فى قسمها الفارسى يحمل عنوان: «تعدد الزوجات من شرق آسيا وحتى شمال أفريقيا»، قالت إن «القرضاوى» من بين مشايخ السنة الذين اتفقوا مع «الشيعة» على إباحة زواج المتعة، مشيرة إلى أن تلك الفتوى التى صدرت على الهواء على شاشة «الجزيرة» فتحت الباب أمام مريديه للأخذ بها وزيادة معدلات تعدد الزوجات، وعبر موقعه الإلكترونى قال بشكل صريح: لا يهمنى المسميات فزواج المسيار مثل الزواج العرفى، ولاحرج فيه فأنا لا أستطيع أن أحرم ما أحله الله، فالزواج فى النهاية إيجاب وقبول على حد ما ورد بموقعه الرسمى.
فحديثه بأن الزواج العرفى شكل متعارف عليه ومسموح به يفتح الباب أمام الشباب للوقوع فى مشكلات لا حصر لها، فلا أحد يقرأ ما بين السطور، بل الكثيرين يأخذون الفتوى بظاهر القول فحسب.
الأموال التى جناها «القرضاوى» من قطر جعلت اسمه يقترن ببنك «التقوى» لمؤسسه يوسف ندا، القيادى الإخوانى البارز، حيث إن الأول يعد شريكاً ومشرفاً ومديراً لهذا البنك الذى يعد أداة ضخمة لتمويل الجماعة، تأسس البنك فى عام 1988 بجزر البهاما المجاورة للولايات المتحدة الأمريكية، وتم إغلاقه فى 2001 بعد توجيه اتهامات له بدعم وتمويل الإرهاب، إلا أن أمريكا قامت برفع الحظر عن أموال البنك ويوسف ندا فى مارس الماضى، بالتزامن مع القرارات التى اتخذتها الحكومة المصرية بالتحفظ على بعض قيادات الإخوان.
لم ينف «القرضاوى» علاقته ببنك التقوى فذكر عبر موقعه الرسمى تفاصيل المكالمة الهاتفية التى تلقاها من «ندا» الذى طالبه فيها بالمشاركة فى البنك، حيث قال له الأخير حرفيا: «نعرف  مدى انشغالك.. وسنخفف عنك ما استطعنا، وسنعفيك من الأسفار ما أمكننا وسنعقد بعض الاجتماعات عندك فى الدوحة».. فما كان رد «القرضاوى» إلا أن قال: إذن نستعين بالله ونتوكل عليه وندعوه أن يقوى ظهرنا».
فالأموال التى جناها «القرضاوى» من قطر جعلته يوجه فتاواه حسبما تشاء «موزة» أم «مؤمنى» الخلافة الإخوانية ليظل القرضاوى بوقا ومحركا للجماعة الإرهابية بفتاواه التى يستقيها ممن يحركه من وراء الستار.∎