«مفيش» حصرى فى التليفزيون المصرى
أحمد عطا
اعتاد المشاهد المصرى والعربى مع ظهور هلال شهر رمضان أن يجلس بشغف وحب فى انتظار ما سوف يقدمه اتحاد الإذاعة والتليفزيون من إنتاج درامى، باعتبار أن مصر هى رائدة لدراما التليفزيون ويكفى الإشارة هنا إلى كارثة مسلسل قرروا إنتاجه لنكشف حجم المأساة.
مسلسل «التكية» من إنتاج شركة صوت القاهرة، التى تنفذ أعمالاً درامية لصالح اتحاد الإذاعة والتليفزيون، فالتكية مسلسل سيت كوم كوميدى حاصل على تقدير متميز من الرقابة، وهو المسلسل الكوميدى الوحيد على مستوى الشاشات المصرية قصة وسيناريو وحوار ماهر زهدى وإخراج سامح الشوادى، وبطولة النجمة انتصار وإيناس النجار وعدد من نجوم الكوميديا، لكن عصام الأمير، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون قرر تأجيل عرض المسلسل لبعد رمضان مما يعد إهدارًا للمال العام يتحمله الأمير بمفرده، خاصة أنه قد قام بشراء عشرة مسلسلات بواقع المسلسل الواحد 5,2 مليون جنيه كحق عرض لعدد من السنوات، وقطاع الإنتاج فى نفس الوقت مشارك فى إنتاج هذه المسلسلات العشرة بنسبة 30٪ وهى «حق ميت» بطولة حسن الرداد وإيمى سمير غانم، و«حارة اليهود» بطولة منة شلبى وإياد نصار إخراج محمد جمال العدل، «بين السرايات»، «تحت السيطرة»، «لهفة»، «أرض النعام»، «ظرف أسود»، «تامر لما ساب شوقية»، «يوميات زوجة مفروسة»، والجهات المشاركة بالإنتاج هى إيهاب طلعت، ڤيردى للمنتج محمد سمير، رئيس قنوات الحياة، والمنتج ممدوح شاهين وطارق نور صاحب قناة القاهرة والناس.
ورغم تكلفة المسلسلات العشرة التى ما بين الشراء والمشاركة مع قطاع الإنتاج، فإن ججم الإعلانات حتى الآن لم يتجاوز 20 مليون جنيه خلال شهر رمضان فى ظل غياب تام لوكالة صوت القاهرة والقطاع الاقتصادى، فمازالت صوت القاهرة بلا رئيس حتى الآن يصاحبه صمت تام من عصام الأمير، رئيس الاتحاد الذى يصر على تدمير كل منافذ الإنتاج فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون.
وتبلغ مديونية اتحاد الإذاعة والتليفزيون حوالى 23 مليار جنيه تمتد لأكثر من عشرين عامًا، منها 400 مليون جنيه مديونيات على الاتحاد لصالح المنتج المشارك وهى أكثر من 12 شركة كانت على شراكة مع جهات الإنتاج فترة تولى وزير الإعلام السابق أنس الفقى، التى ارتفعت المديونيات على الاتحاد بسبب الشعار الذى أصدره المهندس أسامة الشيخ وقتها «مفيش حاجة حصرى كله على التليفزيون المصرى»، ووقتها تم شراء أعمال بالدولار، ولا أعلم السر فى هذا حتى الآن، وعلى الرغم من أن الأمير يعلم الأزمات التى يمر بها اتحاد الإذاعة والتليفزيون وأن جزءًا كبيرًا من تصاعد المديونية سببه المباشر المشاركة مع شركات الإنتاج الخاصة بميزانيات مغالى فيها فى سنوات سابقة، فلماذا يكرر هذه التجربة بينما ماسبيرو مديون بالمليارات رغم وجود قطاعات تستطيع أن تقدم دراما متميزة.
كل هذه الديون ويمتلك اتحاد الإذاعة والتليفزيون تراثًا دراميًا أكثر من 500 ألف ساعة درامية منذ نشأة التليفزيون حتى الآن، هذا التراث يتم تهريبه على أجزاء من شخصيات داخل ماسبيرو فى فترات مختلفة لصالح المحطات العربية واللبنانية والمصرية، مما يضيع على الاتحاد ملايين الدولارات كحق عرض هذه الأعمال التى تهرب بتخطيط محكم، والسؤال المطروح هنا لماذا لم يفكر الأمير فى الاستفادة من هذا التراث الضخم الذى صنع فى أكثر من خمسين عامًا شارك فى صناعته أجيال متعاقبة من الفنانين والمصورين والمؤلفين.
وراء كل هذا السقوط قيادات لا يهمها سوى المنصب واتساع شبكة المصالح دون النظر لمصالح كيان عملاق له تاريخ كبير وهنا نتكلم عن صعود قيادة مثل المخرج أحمد صقر خلال أشهر قليلة ليرأس قطاع الإنتاج بدعم قوى ومساندة من رئيس الاتحاد الذى ذلل للمخرج كل السبل حتى موافقة الأجهزة الرقابية ليتحكم فى قطاع الإنتاج، مما أدى إلى انهيار القطاع وأصبح أشبه بدكان العطارة القديم، فالقطاع به 4000 فنى ما بين مخرج وكاتب ومصور وإنتاج من أمهر الفنيين فى سوق الدراما تم تجميدهم بالاتفاق بين صقر والأمير الذين رحبوا لمشاركة شركات الإنتاج الخاصة من خلال ميزانيات ضخمة تقدمت بها هذه الشركات لمشاركة قطاع الإنتاج، وبلغت نسبة المشاركة 130 مليون جنيه هى نسبة مشاركة قطاع الإنتاج مع عشر شركات فى نفس الوقت عاد الاتحاد وقام بشراء نفس العشرة مسلسلات، أى أن الاتحاد مستهلك ومنتج بالمشاركة فى آن واحد، وهى نفس المشكلة التى اتهم على أساسها المهندس أسامة الشيخ، والسؤال الذى نعرض نفسه هنا لماذا تمت محاكمة أسامة الشيخ، إذا كان اتحاد الإذاعة والتليفزيون يشارك ويشترى على نفس المسلسلات مع بعض الشركات التى كانت تتعامل مع اتحاد الإذاعة والتليفزيون أيام رئاسة الشيخ، هل أصبح قطاع الإنتاج عاجزًا عن إنتاج مسلسلات حتى يسعى أحمد صقر لكى يشترى أعمال رجل الأعمال العائد إيهاب طلعت، والمنتج محمد سمير الذى يمثل قنوات الحياة لماذا الإصرار على تدمير ماسبيرو رغم وجود كفاءات بالجملة به.
ومن كارثة مسلسل «التكية» وإهدار المال العام إلى فضيحة أخرى ربما تلخص حال قطاع الإنتاج الذى كان عملاقًا وهى توقف تصوير مسلسل «دنيا جديدة» بسبب عدم توفير حجرات مناسبة للفنانين حسن يوسف وسامح الصريطى وكان التصوير فى مسجد التليفزيون بالدور الثانى، وبلغت تكلفة يوم التصوير 30 ألف جنيه الذى يعد إهدارًا للمال العام والمخرج أحمد صقر آخر من يعلم.∎