الثلاثاء 20 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

الوحي بتنزل علي المتحف المصري

الوحي بتنزل علي المتحف المصري
الوحي بتنزل علي المتحف المصري


يتابع الجمهور المصرى بشغف معرض «إله واحد وديانات ثلاث» الذى يلقى الضوء على التسامح الدينى والتعايش الحضارى على أرض الكنانة بين أصحاب الديانات اليهودية والمسيحية والإسلام.
المعرض يواكب الاحتفال باليوم العالمى للمتاحف ويقام بالمتحف المصرى بالتحرير ويستمر حتى 14 يوليو المقبل ويعرض 50 قطعة أثرية بداية من العصر الرومانى وحتى العصر الفاطمى، تؤكد التلاحم بين المصريين كنسيج واحد، فالتسامح الدينى مبدأ إنسانى أقرته الشريعة الإسلامية منذ أربعة عشر قرنا.
وأفرز هذا التعايش بين أصحاب الأديان الثلاثة فنونا راقية تعبر عنها القطع المعروضة وتعكس الحياة اليومية وتمثل المعتقدات الدينية لمجتمع تأسس على مبدأ قبول الآخر باختلافه وتباينه، فالتعددية والتعارف بين مكونات ثقافية يمتزج فيها قديم الماضى بجديد الحاضر برؤية مستقبلية.
يقدم المعرض الذى سعى لمشاهدته أيضا زوار مصر الأجانب رسالة مهمة بأن سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء ورسول الديانات الثلاث، فالإله واحد وإن اختلفت الديانة أو اختلف المكان، أو تباينت الأعراق.
يضم المعرض قطعًا أثرية مختلفة تم اختيارها من خمسة متاحف: المتحف المصرى فى التحرير، ومتحف الفن الإسلامى، والمتحف القبطى، ومتحف الإسكندرية القومى، والمتحف اليونانى الرومانى، ويتزامن فى نفس التوقيت مع معرض «إله واحد» الذى يقام فى مدينة برلين الألمانية.
القطع تعرض فى شكل موضوعات متجانسة توضح التأثير المترابط بين الديانات الثلاث، ومن تلك الموضوعات العناصر المعمارية المزخرفة، ورموز الديانات الثلاث ونصوص دينية بالإضافة إلى قطع أثرية تعبر عن الحياة اليومية.
يسلط المعرض الضوء على قطع بعينها بشكل بارز وهى قنديل من الفضة بسلسلة للتعليق، وبعض أدوات الإضاءة المزخرفة برموز دينية وصندوق حلى يرجع إلى القرن الثانى عشر الميلادى مزخرفة بجزء من قصيدة بالحروف العربية غير المنقوطة، إضافة إلى قطعتين من الخزف الفاطمى المزخرف بتقنية البريق المعدنى، تصور إحداها المناظر الشهيرة للموسيقى والاحتفالات الفاطمية، وتصور أخرى منظرا للسيد المسيح، وكذلك قطعة من الخزف الإسلامى مصور عليها نجمة سداسية.
المفهوم الدينى والارتباط بين الديانات تعكسها معروضات أخرى منها أيقونة مكونة من ثلاثة أجزاء، ونقش يمثل إحدى قصص العهد القديم، وهى قصة الفتنة فى أتون النار، وتمثال الراعى الصالح الذى يرمز للسيد المسيح، ولوحات توضيحية عن سيدنا إبراهيم أبى الأنبياء، مقدمة عن تاريخ الديانات فى مصر والتسامح الدينى فى الإسلام ووثيقة محمد صلى الله عليه وسلم للتعامل مع أصحاب الديانات الأخرى التى جسد فيها مبدأ وقيم التعايش بين أبناء الوطن الواحد منذ أربعة عشر قرنا، وبردية من القرن الأول الهجرى توضح تسامح الإسلام وكذلك مجمع الأديان فى الفسطاط الذى يحتضن عددا من دور العبادة للديانات الثلاث مثل جامع عمرو بن العاص الذى يسمى درة المساجد وهو أول مسجد بنى فى مصر وأفريقيا ورابع  مسجد بنى فى الحضارة الإسلامية بعد مساجد المدينة المنورة والبصرة والكوفة، والعديد من الكنائس والأديرة منها الكنيسة المعلقة التى سميت بهذا الاسم لأنها مشيدة فوق الحصن الرومانى المعروف بحصن بابليون وبنيت الكنيسة فى أواخر القرن الرابع عشر أو فى بداية القرن الخامس عشر الميلادى، وهى من أقدم كنائس مصر، ومعبد بن عزرا اليهودى وهو أقدم المعابد اليهودية الموجودة فى مصر مما يمثل عظمة التسامح على أرض النيل.
وحرص المتحف على توفير عروض مرئية للزائرين أعدها مركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى فى مصر، بالإضافة إلى أنشطة ثقافية وندوات خاصة بالعرض وأفلام وثائقية مهمة تنبع من المعروضات الموجودة مع الشرح لكل قطعة موجودة فى المتحف فى شكل قطعة ورقية باللغة العربية واللغة الإنجليزية داخل الصناديق الزجاجية، بالإضافة إلى وجود عدد من المرشدين لمساعدة الزائرين.
محمود الحلوجى مدير عام المتحف المصرى بالتحرير يقول: منذ أقدم العصور والإنسان يبحث عن الإله الخالق وظهرت المعبودات التى ما كانت إلا شكلًا ومظهرًا للوحدانية، لأن الإنسان كان يبحث عما يقيه من الشرور، والإله الذى يجلب له النفع والخير ويبعد عنه الخطر، ومصر استقبلت أنبياء ورسلا عدة منهم إبراهيم ويوسف ويعقوب وموسى الذى ولد على أرضها وتعلم فيها وأصبحت مصر جزءا منه، وسيدنا عيسى والعائلة المقدسة الذين حضروا إلى مصر بحثا عن الأمن والأمان بعد بطش الحاكم الرومانى بهم وظلت العائلة المقدسة فى مصر نحو ثلاث سنوات، ثم استقبلت فى القرن الأول الميلادى القديس مرقس الرسول الذى دعا المصريين إلى اعتناق المسيحية ويعد أول بطريرك لمصر ثم تلاه الكثيرون على كرسى البطريركية الإسكندرية وصولا بالبطريرك الحالى الـ118 للكنيسة القبطية الأرثوذكسية البابا تواضروس الثانى.
وكشفت الحفائر فى مصر عن أقدم مخطوطات  الكتاب المقدس بعهديه القديم والحديث، ومن مصر خرجت الرهبنة إلى أنحاء العالم المسيحى بقوانينها ونظمها المختلفة، والرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أشار إلى مصر فى عدة أحاديث موصيا صحابته بأهل مصر وأن يتخذوا منها جندا، ومصر هى البلد الوحيد الذى ذكر فى القرآن الكريم 5 مرات صراحة وأكثر من 25 مرة تلميحا، فكانت  مهدا للحضارات ومهدا للديانات استقبلت ثقافات مختلفة وكانت الشخصية المصرية على استيعاب لاستقبال الديانات السماوية المختلفة والتكيف مع الاختلاف الدينى والعقائدى.
المصريون منذ قديم العصور لديهم فكرة التعددية وقبول الآخر والاختلاف، وهذا ما يجعل المجتمع المصرى قادرا على قبول ذلك ووجد من خلال ذلك تعايشا سلميا فى الداخل.
الإقبال كبير على المعرض من المصريين والأجانب حتى تصل رسالته وأهدافه المرجوة من خلال المعروضات التى تستعرض التلاحم الدينى على أرض مصر فى مختلف العصور باعتبارها منبعا خلال تاريخها القديم والحديث.∎