عمــارة النظام الساقط

مليارات ساخنة تقترب كثيرًا من خطورة أموال المخدرات فى أنها أرباح مهولة وبالمليارات، دون جهد حقيقى أو استثمار مفيد، مجرد استثمار فى علاقة خاصة مع مسئول يملك حق تخصيص أراضى الدولة، ويقبل أن يحصل بذمته الواسعة الرحبة على عمولته من الباطن.. ثم تأخذ الأوراق طريقها إلى الأدراج مع نسيان هذه الأرض لسنوات تتحمل خلالها الدولة تكاليف مد المرافق، وتجهيز المنطقة ليرتفع السعر عشرة أضعاف أو مائة ضعف خلال فترة النسيان، يقترض السمسار المحظوظ بضع مئات من ملايين الجنيهات من البنوك «العامة» بضمان الأرض «العامة» التى خصصت له بقرار غالبًا ليس فوق الظنون السيئة التى تثبت صحتها فيما بعد، وسنوات أخرى يرتفع سعر الأرض فتجرى عملية تقييم محبوكة يعقبها قرض جديد يعادل القيمة الجديدة، وقد يحدث هذا عدة مرات قبل أن تباع الأرض  فى صفقات تدر مليارات ويسميها أصحابها فرص العمر التى لا تتكرر.
تزاوج المال بالسلطة ثمرته دائمًا المال الحرام الذى يكسبه رجال السلطة ورجال الأعمال فى نفس الوقت، وتحقيقنا الصحفى على صفحات مجلة «روزاليوسف» يحكى مثالاً صارخاً لقصة تزاوج المال والسلطة ونقدم هذا المثال الواضح جدًا على إثبات هذا الزواج وإثبات نسب المال الحرام نتاج هذا التزاوج.
∎∎
العمارة 58 شارع عمر بن الخطاب مصر الجديدة ملك المقاول وجدى محمد عبدالغنى كرار ولنبدأ القصة من البداية..
حكاية الأخوان إبراهيم وعماد وجدى محمد عبدالغنى كرار واحدة من الأساطير العجيبة فى ملف تسقيع أراضى الدولة والتربح من ورائها بعد الحصول عليها بتراب الفلوس.
والأخوان كرارة كانا يعملان ضابطى شرطة عاديين ووالدهما مجرد  مقاول عادى حجم أعماله ليس كبيرًا، لكن فجأة خرج الأخوان على المعاش وتسلما مسئولية أعمال الوالد وتولى إبراهيم الشهير بوجدى كرارة المسئولية وبدأ معه شريكًا بهيج  الجوهرى صاحب شركة «باهى ترافيل» وكانت الشركة قائمة على نشاط شراء فيللات وقصور ممنوع هدمها، واستعصى على أصحابها الحصول على رخصة الهدم الذهبية وغالبًا ما يضطرون إلى بيعها بتراب الفلوس، وتعرف وجدى كرار على إبراهيم سليمان فى بداية حياته الذى عمل مع إبراهيم وعماد مهندسًا استشاريًا ساعدهما كثيرًا فى دهاليز محافظة القاهرة وحى شرق القاهرة من خلال علاقاته بمهندسى حى النزهة ومصر الجديدة وبدأ فى تخليص أعمال الهدم، وكان وجدى قد قام ببناء عمارات ضخمة على أشلاء قصور تاريخية تم هدمها خلف قصر البارون وفى شارع حسن صادق، وأعطى منها وحدات سكن فاخرة لصفوت الشريف وزكريا عزمى وفتحى سرور وعبدالمجيد محمود النائب العام الأسبق، وبعدما تولى إبراهيم سليمان الوزارة وقويت شوكته بدأ يساند كرار فى شراء الفيللات القديمة واستصدار قرارات بهدمها وإقامة  عمارات متجاوزة كل الارتفاعات، نموذج الوحدة السكنية فى أبراج كرار فى نهاية التسعينيات  500م2 تشطيب عشر نجوم المتر بعشرة آلاف جنيه أقل وحدة سكنية خلف قصر البارون كانت تباع بـ5 ملايين جنيه، فى الوقت الذى كانت تباع فيه فيللا بالمهندسين بنفس القيمة ومن لا يصدق يراجع قصة فيللا النقراشى التى هدمت والتى كان من المستحيل هدمها طبقًا للقانون، وما لا يهدم بالقانون يهدم بالسحر، اشترى إبراهيم سليمان فيللا النقراشى التى كانت مسجلة كأثر وتراث إنسانى وأقام بدلاً منها فيللا ضخمة فى كسر لكل القوانين فى مصر.
أراد إبراهيم سليمان أن يضمن سكوت كل المسئولين وأن يكسب ودهم ويضمن توفير حماية خاصة لشريكه وجدى كرار.
قام كرار بشراء قطعة أرض كبيرة فى 58 عمر بن الخطاب بحى مصر الجديدة، وضم لهذه القطعة حديقة مساحتها 350م2 وقام ببناء العمارة كلها على الصامت، أى بعدم توفير حديقة للعمارة أو فراغات.. العمارة أقيمت على أعلى مستوى وتم تشطيبها بالجرانيت الفاخر المستورد من إيطاليا وأرضيات باركيه وقام بتوزيعها طبقًا لمشورة شريكه إبراهيم سليمان كالتالى:
الدور الأرضى والدور الأول بعد الأرضى أشرف صفوت الشريف.
الثانى: صفوت الشريف
الثالث شقتان: إيهاب صفوت الشريف
الرابع شقتان: إيمان صفوت الشريف
الخامس شقتان: محمد إبراهيم سليمان
السادس: عمر سليمان مدير المخابرات الأسبق
الدوران السابع والثامن: علاء مبارك.
وللقارئ أن يلاحظ أن ارتفاع الدورين السابع والثامن أعلى من ارتفاع أى دور فى العمارة أو فى حى مصر الجديدة بالكامل، حيث تم بناؤهما خصيصًا لعلاء مبارك ونظرًا لحساسية الأمر تم صب خرسانة هذين الدورين بواسطة شركة المقاولون العرب وأشرف على صب الخرسانة بنفسه المهندس إسماعيل عثمان، وتمت إضافة تكلفتها من عملية ترميم وتجديد ميدان ومسجد السيدة زينب رضى الله عنها، خلف الدورين تم بناء برج ضخم صمم ليحمل التكييف المركزى وأيضًا أسانسير خاص ينتهى عند باب المطبخ، وكان صفوت الشريف قد توجه إلى بعض أصحاب الفيللات المجاورة للسلام والتعارف، وأبلغهم رغبة السيد علاء مبارك بأن كل واحد يحاول أن ينظف سطح الفيللا ويقوم بزراعته بنجيل صناعى أو بضع مئات من أحواض الزهور على سطح الفيللا حتى يرى علاء مبارك المنظر العام لهذه الفيللات فى أبهى صورة.
الدور الأرضى والأول باعهما أشرف صفوت الشريف للبنك الأهلى المصرى.
الدور الخامس تزوجت فيه دينا محمد إبراهيم سليمان من زوجها السابق المهندس أشرف محمد عفيفى، وتم الطلاق ونزل العفش من هذه العمارة إلى قسم مصر الجديدة ليسلموا زوجها العفش هناك بمحضر رسمى.
للأسف الشديد كان عمر سليمان رجلاً محترمًا قبل أن يشارك فى إفساده اثنان: حسنين محمد حسنين عضو مجلس الإدارة المنتدب لشركة وادى النيل ووكيل جهاز المخابرات السابق ومحمد إبراهيم سليمان وسوف نشرح ذلك فى تحقيق قادم.
ولكن ماذا جنى وجدى كرار وعائلته من إهداء هذه العمارة لكبار مسئولى نظام مبارك، تعالوا لنرى وبالمستندات الرسمية ما الذى حصلوا عليه من أراضى الدولة وكم من الثروات حققوا للدرجة التى جعلت محمد ابن وجدى كرار يشترى طائرة خاصة أول العام الحالى بعد أن ترك له والده 700 مليون جنيه نصيبه فى السيولة المادية فقط هذا غير ما قيمته مليارات من أراضى الدولة والقصور.
عائلة كرار.. إبراهيم وجدى محمد عبدالغنى كرار وشقيقه عماد إبراهيم وشهرته وجدى كرار متزوج من السيدة نجلاء عبدالحميد جودة السحار المقيمة فى شارع كليوباترا بمصر الجديدة وله منها محمد ونيللى، محمد متزوج من إيمان ابنة الدكتور عزت عبدالفتاح الشهير بعزت فتة زميل الدراسة ببعثة الدكتوراه مع إبراهيم سليمان فى كندا، وهى ابنة السيدة إيمان كمال شقيقة حازم كمال شريك إبراهيم سليمان فى بيزنس قطع غيار محطات المياه وكان الراشى فى قضية رشوة الأستاذ الدكتور مدحت صالح والتى ضبطتها الرقابة الإدارية عام 2008 وتم التكتم عليها ثم إغلاقها وله منها جنى وآدم.
أولا: القطعة 28 و29 شمال المشتل تاريخ التخصيص 21/6/2004 إجمالى المساحة 2000م2 تم تخصيصها لوجدى كرار وابنته نيللى وتم بيعها والتنازل عنها إلى وائل عبدالعزيز رضوان.
القطعة رقم 80 بحى الجولف تم التخصيص بتاريخ 10/3/1999 لوجدى كرار وتنازل عنها أى باعها لمنير محمد سعيد بتاريخ 4/8/2003 القطعة رقم 344 تم تخصيصها بتاريخ 16/6/2003 بالحى المتميز بمنطقة الجولف للسيدة نيللى إبراهيم وجدى كرار «ابنته» وتم التنازل عنها وضمها للقطعة 341 والمخصصة للسيد عاطف لبيب القناوى.
ثم تقدمت السيدة نيللى إبراهيم وجدى كرار بطلب لتخصيص قطعة أرض رقم 35 بالمنطقة الأولى حى امتداد غرب الجولف بتاريخ 17/11/2004 وتمت الموافقة.
علما بأن السيدة نيللى من مواليد 2/3/1984 الأمر الذى يتبين معه كونها قاصرة وقت تقديم طلبات الحجز وتخصيص القطع المشار إليها وهو ما لا يجوز قانونا، فضلا عن أن قرار اللجنة العقارية بالهيئة رقم «12» والمنتهى بالبند ثانيا على عدم السماح بتخصيص أكثر من قطعة أرض سكنية واحدة للشخص الطبيعى وزوجته وأولاده القصر فى المدينة الواحدة قطعة رقم 23 بمساحة 78 فدانا بالتجمع الخامس ثم التخصيص باسم شركة مكسيم للاستثمار العقارى أى مساحة 327 ألفًا و600 متر لإقامة فندق وفيللات فاخرة عليها سعر المتر 225 جنيها وتم تعديل نظام السداد من أجل عيون وجدى كرار فهو الوحيد الذى سمح له بسداد 15٪ من ثمن الأرض كمقدم بدلا من 25٪ كما سددد كل المستثمرين.
ومن أجل عيون وجدى كرار تم تكسير جميع القوانين فقد تم إبرام عقد بيع ابتدائى بتاريخ 1/10/1996 من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وجمعية الضباط العاملين بأكاديمية الشرطة لقطعة الأرض الفضاء 765 فدانا بمنطقة التجمعات شرق الطريق الدائرى مدينة القاهرة الجديدة لإقامة مشروع سكنى لأعضاء الجمعية وبسعر 30 جنيها للمتر.
فجأة تقدم السيد إبراهيم وجدى كرار بطلب لجمعية الضباط العاملين بأكاديمية الشرطة لشراء جزء من مساحة الأرض «18 فدانًا» وهو كل الشريط المطل على الطريق الدائرى لإقامة مشروع «فندق. منطقة ترفيهية. فيللات فاخرة».
وتم تحديد سعر متر الأرض 825 جنيهًا طبقا لقرار اللجنة العقارية بجلستها رقم 24 بتاريخ 28/5/.2005
ونظرا لأن هذا الطلب يتعارض مع نصوص العقد السابق إبرامه بين هيئة المجتمعات العمرانية والجمعية فى 1/10/1996 «لايسمح العقد ببيع أرض فضاء إلا لأعضاء الجمعية فقط» مما يتطلب تعديل شروط البيع للعقد الأصلى، وهو ما حدث بالفعل!
معى عزيزى القارئ لنعرف حجم الربح فى صفقة واحدة!
قطعة أرض 18 فدانا من جمعية الشرطة بسعر المتر 825 جنيها، وقطعة أرض من الدولة فى نفس التاريخ مساحتها 78 فدانا سعر المتر 225 جنيها.. إذن هناك فرق سعر فى المتر 600 جنيه، أى أن الفرق الإجمالى هو 600 * 78  * 4200م2 = 196.560.000 مائة وستة وتسعون مليون جنيه فى قطعة أرض واحدة!
أرأيتم العمارة السكنية الفاخرة وعنوانها 58 شارع عمر بن الخطاب بمصر الجديدة التى وزع وحداتها السكنية إبراهيم سليمان ووجدى كرارة على كبار المسئولين، فى دولة مبارة الفاجرة وكيف كان لها فعل السحر فى تمكين وجدى كرارة من نهب أرض مصر.
وكيف أعطى إبراهيم سليمان كل هؤلاء فتحى سرور وصفوت الشريف وكمال الشاذلى وعمر سليمان وأولادهم وأحفادهم الأراضى والفيللات فى مارينا والحزام الأخضر و6 أكتوبر والقاهرة الجديدة بالجولف وأرض المشتل وهو موضوع حلقتنا القادمة، وكيف مكن عائلة كرار وشاركها ومنحها مئات الأفدنة وعشرات الفيلات فى التجمع الخامس ومارينا بل إن سليمان أعطاهم أكبر فندق فى مارينا ملك وزارة الإسكان ومنحهم احتكار الشواطئ بمارينا.
موعدنا العدد القادم وثروات الظل وهى الثروات التى كانت نتاج «تزاوج السلطة ورأس المال فنتج عنه هذا المال الحرام.∎