الطيب: عبدالناصر سبب فساد الأزهر

إبراهيم الجيوشي
الشعراوى: «ناصر» استهدف تخريج أطباء ومهندسين لديهم إلمام بعلوم الدين
شن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر هجوما عنيفا على الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وحمله مسئولية تأخر الأزهر وفساده. قائلا: «جمال عبدالناصر سبب فساد الأزهر، وهذا تاريخ معروف ويعرفه الصغار والكبار الآن، وقد نشأت فى هذا النظام وكنت طالبا فى الثانوى أيام ما كان هذا النظام يخطط للأزهر أن يعيش فى الظلام.
وأكد أن أول نظام تضعضع فيه الأزهر هو نظام عبدالناصر، والمد الاشتراكى، مشيرا إلى أن النظام ارتمى فى أحضان السوفييت وكانت الكتب الاشتراكية تباع هنا ونظريات ماركس (يقصد الأزهر) «والدين أفيون الشعوب» وكل ده يتباع بشلن أنا كنت بشترى الكتاب بشلن وقال: «ماذا تنتظر من نظام مرتم فى حضن مُنكر للدين».
وقد استدعى النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى هجوم شيخ الأزهر، وأشاروا إلى مقال للشيخ الشعراوى فى رثاء عبدالناصر يشيد بدوره فى تطوير الأزهر. جاء فيه: قد مات جمال وليس بعجيب أن يموت فالناس كلهم يموتون ولكن العجيب وهو ميت أن يعيش معنا وقليل من الأحياء يعيشون وخير الموت ألا يغيب المفقود وشر الحياة الموت فى مقبرة الوجود وليس بالأربعين ينتهى الحداد على الثائر المثير والمُلهم الملهم والقائد الحتم والزعيم بلا زعم ولو على قدره يكون الحداد لتخطى الميعاد إلى نهاية الآباد ولكن العجيب من ذلك أننا لو كنا منطقيين مع تسلسل العجائب فيه لكان موته بلا حداد عليه لأننا لم نفقد عطاءنا منه وحسب المفجوعين فيه فى العزاء أنه وهو ميت لا يزال وقود الأحياء ولذلك يجب أن يكون ذكرنا له ولاء لا مجرد وفاء لأن الوفاء لماض مقدر فاندثر ولكن الولاء لحاضر مستمر يزدهر فيثمر.
وكان الشيخ الشعراوى قد زار قبر عبدالناصر بعد وفاته وقرر أن يوقع فى دفتر رثائه فقال: أنت أستاذ فى الزعامة.. ومعلم ثورة، كما أدلى بحديث «للأهرام» هاجم فيه قانون تطوير جامعة الأزهر فى ستينيات القرن الماضى وإنشاء كليات للطب والهندسة والصيدلة والتجارة وغيرها ثم تراجع الشعراوى، وقال فى حديث آخر إن عبدالناصر أتاه فى المنام ومعه طبيب ومهندس من خريجى الأزهر وقال له: يكفينى هؤلاء، وأدرك الشيخ أن عبدالناصر كان يريد إعداد طبيب لديه إلمام بعلوم الدين ومهندس درس الشريعة كما درس الهندسة وهكذا يمكن أن يتربى فيهما الضمير والقدرة على الدعوة إذا خرجا للعمل فى الخارج وليكون كل منهما فى سلوكه نموذجا للطبيب المسلم والمهندس المسلم.
وقال الشيخ الشعراوى فى مقاله: لا أظن أن حيا فى هذا العصر يجهل ما فعله عبدالناصر من أعمال وما خلق فيه من آمال، ولن أكرر عليكم ولكنى أقول إنه بدأ الدائرة حينما فاجأ الدنيا بالثورة الأم فاستقبله الناس بأعراس شعب منصور على إثم وطغيان مقهور وكان خير ما قلت مستقبلا به السمع هذين البيتين:
حييتها ثورة كالنار عارمة.. ومصر بين محبور ومرتعد
شبت توزع بالقسطاط جذوتها.. فالشعب للنور والطغيان للهب
ثم انتقل البطل إلى الدائرة الثانية من أبعاد حياته فانتفض العملاق العربى برأس متطاول إلى السماء وقدمين راسختين فى الأرض ومد يديه ليحدد وطنه العربى بجغرافية الحق لا بخرائط الرق فاستقرت أنامل يمناه على الخليج العربى واستقرت أنامل يسراه على المحيط الأطلسى وظل يهدهد العروبة حتى شبت فكرة فى الرءوس وتأججت عقيدة فى النفوس وأصبحت نشيدا على كل لسان، وأضاف أن فلسفة الثورة تستهدف توحد العروبة لنصبح بنعمة الله إخوانا حتى يكون بعث الإسلام على مثل ميلاده فإنه لا يصلح آخر هذا الأمر إلا بما صلح به أوله.
وأشار الشيخ إلى أن عبدالناصر - رحمه الله - كان كما قال إخوانه أمام كل ثورة تحررية بالإيحاء والقدح ووراءها دائما بكل الإمكانات والمنح فوضع البطل بصماته الإنسانية على التاريخ المعاصر ولذلك لن تجرؤ قوة فى الأرض أن تزحزح المظلومين عما لقنهم جمال من مبادئ للآباء على الضمير والانتفاض على الظلم والنهضة إلى الآمال الواسعة الوارفة ولن تستطيع أى قوة فى الأرض أن تسلب المكاسب التى أدتها إنجازاته ولا أن تحجب الآفاق التى أعلنتها تطلعاته وبذلك كله يقضى على قلة الفراغ المزعومة بعده.
إن الزعيم الذى يترك بعده فراغا زعيم أنانى لأنه يحكم بمبادئ من رأسه فإذا ما انتهى قضى على نظام أسسه وهو زعيم أنانى أيضا لأنه يحب أن يفقد الخير بفقده ولكن زعيمنا لم يكن من هذا الطراز لأنه لم يكن زعيما فحسب وإنما كان أستاذ زعامة ولم يكن ثائرا فحسب وإنما كان معلم ثورة ودارس مبادئ وكانت عبقريته فى غرس هذه المبادئ أنه أشاعها فلم يجعلها خاصة بفئة دون فئة حتى مرغ بها النفوس حتى يكون كل واحد صورة طبق الأصل مما عند الحاكمين حتى لا يخدع محكوم بعده بغفلة من حاكم أو جبروت من متسلط وإن أمة فجعت فيه هذه الفجيعة أكدت كل ذلك وأكدت صدقها فيما قالت له فى حياته «كلنا ناصر».. ولذلك نراها حزنت عليه أعمق الحزن ولكنها مع ذلك عرفت كيف تقبض على الزمام بحزم.
اللهم اجعل لطفك فى قضائك رحمة واسعة ونعيما مقيما لعبدك جمال الذى جعلت مطلعه من فلسطين ومغربه فى فلسطين ونسألك يارب أن تقر روحه فى الخلود بتحريرها من خنازير البشر وأن توفقنا فى إتمام ما خطط له البطل الراحل من الآمال وحدة عروبة وتمكين إسلام وسلام إنسانية، وأسألك ياربى أن تجزيه الجزاء الأوفى على ما قدم لإسلامك من شيوع وتثبيت وانتشار وإعلام وعما صنعه فى الأزهر الذى تطور به ليتطور مع الحياة وليجعل منه بحق منارة الدين وحملة رسالة الله.
وأخيرا جزى الله بالخير وحيا بالكرامة كل من أسف عليه وكل من واسى فيه وكل من تأسى به وكل من اقتبس منه وكل من دعا له بخير ووفق خلفه العظيم حتى يكون امتدادا لجمال الكلمة الطيبة التى ضرب الله لها مثلا كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها.
ويذكر أن النجل الأصغر للإمام الشعراوى الشيخ أحمد قد صرح فى وقت سابق من عام 2013 معلقا على كراهية والده الإمام الشعراوى للزعيم الراحل جمال عبدالناصر قائلا: إنه أثناء العدوان الثلاثى على مدن القناة عام 1956 كان فى الابتدائية وكان يكتب موضوع تعبير ورآه الوالد بالصدفة وسأله: ماذا يكتب؟ فطلب منه الابن أن يعينه بذكر أبيات شعرية لتجميل موضوع التعبير فإذا بالشيخ يلقى عليه قصيدة طويلة فى مدح المجاهدين وقائدهم جمال عبدالناصر منها:
«هيا أخا العرب المجيد.. لنذيقهم بأسا شديد»
«والله ندعو أن يديم.. جمالنا الركن السديد».
ويعلق قائلا باستغراب: فكيف يمدحه ثم يفرح لهزيمته؟
والدى لم يكن يكره عبدالناصر كما أشيع، ولكنه كان ينتقد الأفعال الخاطئة وهو لم يسجد شماتة عقب العدوان على مصر بل شكرا لله على الابتلاء الصعب وليدعو الله أن يرفع الغمة ويسوق النصر للأمة، الشيخ لم يغضب لأى إساءة - على كثرة ما تعرض له - بل صبر وكان يقول لنا: «لا تحرمونى من نيل جزء من ميراث النبوة وهو الصبر على البلاء».∎