
هناء فتحى
نجم» مامتش
لم أعد أحب الكتابة عن الموتى إلا أن «أحمد فؤاد نجم» يموت.. مثله مثل الكثيرين فى بلادى أحياءً وإن رأيتموهم يموتون.. أظنه يلعب الآن معنا لعبة «الموتى» أو لعبة «استغماية» يختفى ثم يبين.. يخايلنا ويحاورنا ويباغتنا ثم يضحك بطفولة وهو الذى يحب كثيراً لهو الصغار.. وهو الذى ما زال يعشق السفر المفاجئ والاختفاء واسألوا «صافى ناز كاظم» و«عزة بلبع» و«أم زينب» وبناته الثلاث وكذا مريديه سيقولون جميعاً لكم: «ده مستخبى وهيظهر».. أو لعل «نجم» قد شد الرحال فى زيارة خاطفة لأمه المتوفاة فى مستقرها الأخير وقد أوحشه فيها طول الغياب، وهى روحه وهى عشقه الأبدى وسره القديم وأصل كلماته الوضاءة ومطلع أغانيه.. أظنه أيضاً ذهب يشاكلها ويشاكسها ويراوغها ويحاورها ويقبل رأسها ويديها ويطلب رضاها فهى أمه وهو الصغير ولو بلغ من العمر 84 عاماً.. أو ربما خطف أبو النجوم رجليه حيث يرقد صديقه «جيفارا» أو رفيقه «الشيخ إمام» ليسمعهما أغنية جديدة حزينة عن طلبة الجامعات المصرية الآن ورهانهم الخاسر حين تماهوا واندسوا فى الخط الواصل بين العتمة والإخوان.. الجامعات التى كم أثار «أحمد فؤاد نجم» فى السبعينيات على أرضها الغبار والأشعار والثوار.. وأعتقد جازمةً أنه الآن فى لقاء خاص مع زعيم العروبة «ناصر» ليخبره عن زمانه الذى أسعده ومنحه فرصة العيش حتى يشهد كل تلك الثورات المصرية المتعاقبة فى زمان قريب.. أظنه راح يزف إلى زعيم القومية العربية بنبأين: أولهما:- أنه عاش حتى يشهد على زوال دولة التنظيم الإرهابى الدولى للإخوان المسلمين وبأيدٍ مصرية «صنع فى مصر»... ثانيهما:- أن البطن المصرية لسه ولادة وأنجبت لنا ما يشبه «ناصر» جديد.
لكن لو أمعنتم البحث عنه بجدية فسوف تجدونه قد ترك المقطم مؤقتاً ويجلس الآن فى غرفته القديمة بحى «حوش قدم» فى «الغورية» بجوار مسجد حبيبه سيدنا الحسين يشرب الشاى بالنعناع وينتظر وجبة كباب معتبرة يقدمها لضيوفه الشعراء والعظماء والصعاليك وعابرى السبيل من الأحياء والأموات.