
أسامة سلامة
رهان الإخوان فى معركة الدستور
ماذا سيفعل الإخوان؟ وما هى خطتهم القادمة؟ الجماعة أمامها طريقان كلاهما نتيجته غير مضمونة وقد تؤدى إلى نهايتها بغير رجعة، الأول: مقاطعة الاستفتاء ودعوة المواطنين لعدم المشاركة فيه، ثم تدعى أن الشعب قاطع الاستفتاء اعتراضا على السلطة الحالية فى مصر، وهو ما يعطى ذريعة للدول المتحالفة مع الجماعة للزعم بأن ما حدث انقلاب وليس ثورة شعبية، ولكن هذا الاحتمال غير مضمون، وإذا أقبل المواطنون على المشاركة، فهذا تأكيد على رفض المصريين للإخوان وتأييدهم لعزل مرسى ومحاكمته هو وجماعته على الجرائم التى ارتكبوها، والأهم أنه لن تستطيع أى دولة مهما كانت توجهاتها أو مصالحها الوقوف ضد الإرادة الشعبية فى مصر أو المطالبة بإشراك الإخوان فى الحياة السياسية مرة أخرى.
الطريق الثانى: أن تشارك قواعد الجماعة فى الاستفتاء، وتصوت بـ «لا» وتدعو الشعب لاتخاذ موقف مماثل لها أملا فى أن تأتى النتيجة بأغلبية رافضة للدستور الجديد، مما يعطى أنصارها الفرصة للمطالبة بعودة دستور 2012 المجمد، بل وعودة محمد مرسى إلى موقعه المعزول منه، باعتبار أن الرفض ليس للدستور فقط ولكن يحمل أيضا رفضا ضمنيا لقيادات النظام الحالى وخارطة الطريق، كما أنه يمنح أمريكا فرصة المطالبة بالإفراج عن مرسى وجماعته وتسليم الحكم له، ويمكن تركيا وقطر من الاستمرار فى سياستهما المعادية للشعب المصرى، ولكن هذا الرهان خطر أيضا على الجماعة، لأن المشاركة تعنى اعترافا بما حدث وتسليما بالأمر الواقع، وإذا جاءت النتيجة بموافقة المصريين على الدستور بأغلبية كاسحة فلن يستطيع الإخوان التراجع عن اعترافهم الضمنى بثورة 30 يونيو، وهنا ستنتهى الجماعة تماما فى الخارج والداخل، وربما تكون ردود أفعال المنتمين إليها عنيفة للغاية تجاه قادتها، بعد ما تبين لهم أنهم خدعوهم بدعوتهم للقيام باعتصامات ومظاهرات مات فيها البعض وسجن فيها آخرون، ثم فوجئوا بالاعتراف بأنها ثورة وليست انقلابا، كما أن العالم الخارجى سيفضل استكمال خارطة الطريق بعد أن تأكد تماما أن الشعب المصرى ثار ضد مرسى وعشيرته وأنه لم يعد هناك مجال لإنكار الثورة وأن الأفضل هو استكمال المسار الديموقراطى، إذن ماذا سيفعل الإخوان فى مواجهة هذا المأزق؟ ليس هناك مخرج لهم إلا الاستمرار فى المظاهرات والعنف، فالأمل الوحيد للجماعة هو ألا يذهب المصريون للإدلاء بأصواتهم بكثافة، وأن تكون نسبة الإقبال على لجان الاقتراع أقل كثيرا من الاستفتاء على دستور ,2012 ووقتها سيملأون الدنيا ضجيجا حول نسبة المشاركين فى الاستفتاءين، وأنهما تعبير عن الإرادة الشعبية الرافضة للانقلاب والمؤيدة لهم حسب زعمهم، ومن أجل تحقيق هذا الهدف فإنه من المتوقع زيادة العمليات الإرهابية حتى موعد الاستفتاء، ومزيد من أحداث العنف، وكثير من حوادث الفتنة الطائفية، لخلق حالة من الرعب تمنع المواطنين من الذهاب إلى لجان الاقتراع، بالإضافة إلى بث أكاذيب حول تزوير الاستفتاء وادعاء أن هناك دلائل على ذلك، حتى تهبط معنويات الجماهير ويتكاسلوا عن المشاركة، هذا هو الأمل الوحيد للإخوان وسيفعلون ما فى وسعهم من أجل تحقيقه، فهل تنتبه القوى السياسية والثورية وكل من شارك فى ثورة 30 يونيو لهذا المخطط. وهل يكمن إفشاله والقضاء عليه. إننا إذا لم ننتبه فإن الوضع سيكون خطيرا فى الداخل والخارج، أما إذا استطعنا كشف الملعوب وأقنعنا المواطنين بالمشاركة والإدلاء بأصواتهم، فستكون النهاية لهذه الجماعة بعد أن تخسر آخر رهاناتها.