الجمعة 4 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
صعود البطل المصرى وسقوط البطل الأمريكى

صعود البطل المصرى وسقوط البطل الأمريكى


وتمنيت أن يكون اسم الفيلم الذى أشاهده عبر الشاشة هو «الإخوانى» وليس «الأمريكى» كما هو معروض أمامى على قناة فوكس نيوز.. أو «الغريب» وهو الاسم الذى يتسق ويليق أكثر بالاثنين. فكلاهما غريب على مصر: الأمريكان والإخوان.. وهذه ليست رؤية نقدية متأخرة، بل قراءة تاريخية متجددة للفيلم. 
 
ولا أدرى لماذا بدا فيلم جورج كلونى THE AMERICAN والذى عرضته الأسبوع الماضى قناة FOX MOVIES يختلف نوعاً ما عن The American   الذى عرضته قاعات السينما الأمريكية عام 2010 مع أنه هو نفسه ذات الفيلم؟.. هل لأننا نستدرك الآن ونلحظ فجأةً أن صورة الأمريكى البطل الملهم المنقذ المخلص الطيب القديمة قد تبدلت وانقلبت رأساً على عقب بل وانكشفت واتضحت تماماً لتصبح هى ذات صورة الأمريكى الحقيقية المتمثلة فى شكل سجان «جوانتانامو» و«أبوغريب».. صورة المحتل الجديد ممزق الأوطان وسارق الثورات والعابث بتاريخ الشعوب العريقة.. وعاقد الصفقات القذرة مع التنظيمات الإرهابية الدولية.. تاجر السلاح والقاتل بأجر.. هل من أجل هذا كله أصبحنا نرى الفيلم ببصر وببصيرة جلية؟ هل لأننا أصبحنا نشاهد أمريكا بشكل آخر؟ بمعنى أننا اكتشفنا أن مسمى ومصطلح «البطل» الأمريكى القديم فى الأفلام الأمريكية السابقة لم يكن دقيقاً فالأدق والأصدق هو مصطلح: «البطل المهزوم» سواء كان الأمريكى بطلاً داخل فيلم The American أو كان مسئولاً داخل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.. كلاهما سواء. 
 
الفيلم الذى يسرد سيرة أمريكى تاجر وصانع سلاح وقاتل محترف يعيش فى «السويد» ويهرب من جرائمه المتعددة إلى إحدى قرى «إيطاليا» مختبئاً فى ذاته.. يواجه فجأة روعة وجمال المكان والناس.. يواجه ولأول مرةٍ قصة حب وليست علاقات عابرة حدثت فى زمانه العابر والقاسى.. وأنت لأول مرةٍ تشاهد «جورج كلونى» متخلياً عن وسامته وألقه المعتاد بل وقد أمعنت ملامحه فى الغلظة والقسوة.. وتكتشف وأنت تشاهد الفيلم المأخوذ عن رواية «رجل شديد العزلة» للكاتب «مارتن بوث» وإخراج المخرج الهولندى «أنتونى كوربين» مع أبطال جميعهم من إيطاليا أن الفيلم جاء بهذه الرؤية الجلية عن صورة الأمريكى الحقيقية ليس فقط بسبب انكشاف هوية الأمريكى الحقيقية لنا نحن المصريين بل لأن صناعة الفيلم لم تكن أمريكية خالصة - باستثناء البطل وحكايته - بل هى صناعة اتحاد دول أوروبا.. فى الحقيقة بدا الفيلم وكأنه عن أمريكا لكن بوجهة نظر وإنتاج الاتحاد الأوروبى.. ويتجلى هذا واضحاً فى ذلك الحوار البديع والكاشف بين البطل الأمريكى «جاك» وبين قس الكنيسة الإيطالية فى الفيلم خاصةً عندما يقول الأب «ببينديتو» للبطل: «أنت أمريكى تستطيع التهرب من التاريخ «فها هى دول أوروبا صاحبة الحضارة والتاريخ فى مواجهة أمريكا - بنت إمبارح - ماذا يفعل الأمريكى عديم التاريخ سوى التهرب من التاريخ أو طمس تاريخ الآخرين كما يحدث الآن مع سوريا ومصر وكما حدث من قبل مع العراق.
 
طيب ما علاقة كل ذلك بتوقيت إعادة عرض الفيلم مع الذكرى الأربعين لانتصارات أكتوبر العلاقة تكمن فى سقوط قيمة وهيبة البطل الأمريكى المزيف وصعود وجلاء ووضوح قيمة البطل المصرى ابن حرب أكتوبر وثورة 30 يونيو.