الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مضادات الإبداع الثورى

مضادات الإبداع الثورى


على المستوى التطبيقى فى مصر الآن وعقب ثورة الشعب المصرى التى تمثل التجسيد الحى للخيال والابتكار السياسى، فتلك العلاقة التقليدية بين السياسة والثقافة تحتاج لإعادة نظر فى دائرة النخبة والحكم حتى تحاول أن تقترب من مثالية وأخلاقية 25 يناير و30 يونيو.
ولأن كل أسئلة التغيير هى أسئلةثقافية بالأساس، فالمدهش الآن هو تبنى النخبة السياسية خطابات ذات طابع مضاد لقيم الإبداع الثورى الشعبى فى مصر، مثل المطالبة بالديكتاتورية خوفاً من المسار الديمقراطى اللبنانى، وهى مقارنة غير واردة فى ظل وجود الجيش المصرى قلب الوطنية وحاميها.
 
آخر تلك المطالبات ما طالعته بتاريخ 9-9-2013 فى مقال سعد وهبة بجريدة صوت الأمة، وكأنما نبدأ مرة أخرى من بداية الدائرة العبثية.
 
إن أهم مكتسبات ثورة 25 يناير وما بعدها هو الحضور الجماهيرى للشعب المصرى فى الشأن السياسى وانفجار كل المكبوتات السياسية والمجتمعية والنفسية للمصريين، ولذلك فإن محاولة إلغاء التنوع ومحاصرة الحيوية المجتمعية باسم الحفاظ على الدولة هى أغرب وأعجب عجائب النخبة المصرية.
 
إن الشعب المصرى يحتاج لدور حقيقى غائب لدى أجهزة الثقافة والإعلام لشرح المسارات الديمقراطية لبناء دولته الحديثة ولجعل ممارسة الحرية ممارسة مؤسسية ذات مسار حر مفتوح سواء على المستوى الحزبى أو الحكومى الرسمى أو الأهلى.
 
ولذلك فالإنتاج الثقافى والإعلامى يبقى حتى الآن لا يليق بهذه الثورة العظيمة على مستوى الأغنية بين «وقف الخلق ينظرون جميعاً كيف أبنى قواعد المجد وحدى» لأم كلثوم وبين (ما شربتش من نيلها) لشيرين عبد الوهاب (أو صورة لعبد الحليم حافظ) (واحنا شعب وانتو شعب) لعلى الحجار.
 
المقارنات تؤكد أن الأسئلة الثقافية غائبة عن ثورة 25 يناير وتصحيح مسارها فى ثورة 30 يونيو، بل إن وزارة الثقافة المصرية تبدو كأنها تهرب من دورها فإذا سمعت وزير الثقافة وعددا من المسرحيين يتحدثون عن تطوير وإنقاذ المسرح القومى المصرى مرة باللجوء للشيخ القاسمى حاكم الشارقة، ومرة باللجوء للكويت ليؤكد الدكتور صابر عرب غرابة نظرته لرمز وطنى يعد علامة من علامات مصر ألا وهو المسرح القومى، الحقيقة أن الشكر للكويت الشقيقة وللشارقة راعية الثقافة العربية موصول وموفور، ولكن يمكن لصابر عرب أن يحول الدعم العربى لمشروع المتحف الذى أعلن عنه بينما يتم تطوير رمز الدولة المصرية بأموال مصرية، وفى هذه المناسبة أسأل صابر عرب وكيل الوزارة فى وزارة فاروق حسنى التى حدثت بها كارثة حريق المسرح القومى ماذا حدث فى محاسبة المسئولين عن الحريق ؟ لا شىء حتى الآن على المستوى الإدارى أو القضائى، ألا يدرك أن أحلام الشعب المصرى أكبر من أن تسمح بغياب تلك الإجابات وإساءة إدارة ميزانية وزارة الثقافة حتى يصل الأمر بمصر الكبيرة أن ترمم مسرحها القومى بأموال الغير.
 
حقيقة الأمر أن أسئلة مصر الثقافية أكبر وأنبل وأرفع وأكثر صلابة من أحاديث الجوائز والنظر طويل المدى نحو أموال الخليج الثقافية.
 
إن لجنة المسار الديمقراطى التى شكلتها رئاسة الجمهورية عليها أن تتابع أن يبقى ملف المسرح القومى مصرياً سواء فى المحاسبة أو العودة للعمل، كما عليها أن تتابع دعم وشرح خطاب المواطنة والحرية المسئولة سواء لدى وزارتى الثقافة والإعلام أو الصحف والفضائيات المستقلة.
 
إن وضع علامات ثقافية مثل الحرية، المجتمع المدنى، الديمقراطية، الكرامة الوطنية، ثقافة التسامح وغيرها مثل العدالة الاجتماعية التى توازى الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان ضرورة يجب التعبير اللائق عنها فى الانتاج الثقافى والإعلامى فى مصر، وتذكير السياسيين المحترفين بالقيم الأخلاقية والإنسانية الرفيعة التى هى المكون الرئيسى لثورة الشعب المصرى فى سلميتها وإصرراها ونبل تضحيات أبناء هذا الشعب العظيم.