
أسامة سلامة
الرئيس مرسى يدخل موسوعة جينيس
لعله الإنجاز الأكبر للدكتور محمد مرسى.. وربما يدخل بسببه موسوعة چينيس للأرقام القياسية.. إذ إنه استطاع فى أقل من عام واحد تكرار الأخطاء التى ارتكبها نظام مبارك فى 30 عامًا.
بدأ الرئيس السابق عند توليه السلطة عام 1981وقد التف حوله كل القوى السياسية.. كان هناك شعور جارف بأن مصر فى خطر، وأن مقتل الرئيس السادات بداية لإرهاب يجب التوحد أمامه، ولكن مع مرور عدة سنوات.. زين له من حوله الانفراد الكامل بالسلطة وشيئًا فشيئًا تحول من رئيس تم انتخابه بإجماع شعبى إلى رئيس يعتلى الحكم بواسطة استفتاءات مزورة.. وانتخابات مزيفة- فيما بعد- وهكذا انسحبت كثير من القوى السياسية من حول مبارك.. ولم يبق منها سوى المنافقين وأصحاب المصالح وزادت المعارضة حتى انتهى الأمر بعد 30 عامًا بإسقاطه، أما الرئيس مرسى فلم يأخذ سوى عدة أسابيع حتى انفض الناس من حوله.. بل إن من عصروا على أنفسهم الليمون وانتخبوه أعلنوا ندمهم وقدموا أسفهم للشعب المصرى وعلى رأسهم أصحاب مؤتمر «فيرمونت» الشهير.. وإذا كان مبارك احتاج أكثر من عشرين عامًا ليقول له المعارضون «كفاية» وعندها تم تأسيس الجماعة الشهيرة بهذا الاسم فإن د. مرسى لم يحتج سوى عشرين يومًا ليسمع نفس الكلمة.
الرئيس السابق لم يبدأ مشروع التوريث سوى فى سنواته الأخيرة.. عندما ضعفت قبضته.. وترك إدارة شئون البلاد لابنه وللجنة السياسات فى الحزب الوطنى المنحل.. وكان هذا المشروع سببًا مهمًا وقويًا فى الإطاحة به وبنظامه.. ولكن الرئيس الحالى بدأ سريعًا، وبعد شهور قليلة مشروع التمكين والأخونة.. وأصبح مكتب الإرشاد يدير البلد ويضع الخطط.. ويصدر القوانين التى يصدق عليها مجلس الشعب قبل حله ثم مجلس الشورى.. وإذا كانت لجنة السياسات برئاسة جمال مبارك صاحبة الدور الأساسى فى اختيار الوزراء والمحافظين قبل ثورة يناير.. حيث كان الولاء لمشروع التوريث عاملاً أساسيًا فى الصعود السياسى والوظيفى.. فإن مكتب الإرشاد الآن هو صاحب القرار فى اختيار المسئولين.. وكلما زاد الولاء والانتماء للأهل والعشيرة ارتفعت مكانة الشخص.. وزادت فرصه فى الحصول على أعلى المناصب.
مبارك استعان بترزية القوانين لتفصيل قوانين على المزاج.. وفى آخر مرتين له أجرى تعديلات دستورية على المقاس من أجل استمراره فى الحكم وتوريث ابنه من بعده.. وكذلك خرجت معظمها غير محكمة وأبطلت المحكمة الدستورية العديد منها.. ولكن د.مرسى استخدم نفس الأسلوب سريعًا فجاء الدستور مهلهلاً ومليئًا بالعيوب التى فوجئ بها واضعوا الدستور أنفسهم.. وكل يوم يصابون بصدمة بسبب انقلاب السحر على الساحر.. .وضياع غرضهم من بعض النصوص التى وضعوها خصيصًا لاستفادة الإخوان وأعوانهم بها.. بل إن بعض هذه المواد أصبح شوكة فى حلق الجماعة بدلاً من أن تكون الحربة التى يقتلون بها خصومهم.
النظام السابق انتظر 30 عامًا لكى يسمع الهتاف الشهير «ارحل» كان دائمًا هناك أمل فى إجراء إصلاحات سياسية تمنح البلد ديموقراطية حقيقية، وتداولاً للسلطة.. ومشاركة فى الحكم.. وعندما تبددت هذه الآمال جاءت ثورة يناير وشبابها ليطيحوا به ويسقطوه.. ولكن بعد تولى د.مرسى الرئاسة بـ30 يومًا فقط سمع نفس الهتاف «ارحل» لأنه استطاع قتل الحلم بدولة مدنية حديثة ومتقدمة.. ولم يعد هناك أمل فى إصلاح سياسى إلا برحيله هو وإخوانه.
مبارك لم يتهمه أحد بقتل المعارضين إلا فى مظاهرات ثورة يناير، ولا بتعذيب النشطاء السياسيين إلا فى الفترة الأخيرة من حكمه.. ولكن د.مرسى اتهم بعد شهور قليلة- هو ونظامه- بقتل الثوار وتعذيبهم بواسطة شباب الإخوان على أبواب القصر الجمهورى.. كما أن عدد من استشهدوا فى عهده أكبر من ضحايا نظام مبارك رغم فارق السنوات الكبير بين العهدين.
كثيرة هى أوجه التشابه بين النظام السابق والحالى فى الأخطاء والجرائم.. ولكن الفارق هو فى قدرة د.مرسى والإخوان فى ارتكابها بسرعة كبيرة.. وخارقة للعادة.. وهو الأمر الذى قد يعجل بسقوط النظام وهو ما يدخله موسوعة چينيس مرة أخرى.