الخميس 29 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
كيف تدير مخابرات إردوغان إعلام الإخوان؟

كيف تدير مخابرات إردوغان إعلام الإخوان؟


مع بداية الأسبوع الماضى.. كشفنا خلال الحلقة الثانية من [وثائق سقوط «الشبكة الإعلامية» للجماعة الإرهابية]، عن أنَّ المحاور التى اعتمدتها وثيقة «مدونة السياسة التحريرية لمنافذ الإخوان الإعلامية» (وهى «وثيقة» تم اعتمادها –أخيرًا – من قِبَل قيادات التنظيم الهاربة بتركيا)، وجهت شبكات التنظيم الإعلامية نحو استهداف «الأمن القومى المصري» بشكل مباشر.. إذ تبنت الوثيقة الأجندة (التركية/ القطرية) الداعمة للجماعات المسلحة بمنطقة الشرق الأوسط، بصورة كاملة.. وقلنا: إن مستوى محاور الوثيقة (فيما يتعلق بعديدٍ من القضايا العربية)، يُحرض – على طول الخط – ضد ثوابت الأمن المصرى؛ إذ تدعم السياسة التحريرية للوثيقة (فى ليبيا على وجه الخصوص) الأجندة (التركية/ القطرية) الداعمة للإرهاب، هناك.

لذلك.. عندما نجحت مؤسسات «الدولة المصرية» (وعلى رأسها جهاز المخابرات العامة) فى استعادة الإرهابى «هشام عشماوي» من ليبيا (فى منتصف الأسبوع ذاته)، كان من الطبيعى أن يحشد التحالف الثلاثى الداعم للإرهاب (الإخوان/ قطر/ تركيا) وسائله كافة؛ لاستهداف القاهرة بشكل مضاد.. كما لم يكن هذا الاستهداف–أيضًا – بمعزل عن دعم بعض «الأجندات الغربية» (البريطانية على وجه الخصوص)؛ إذ كانت تستهدف «الأجندات الغربية» من بين ما تستهدفه، تصوير الإرهابى «هشام عشماوي» على أنه «معارض» للنظام القائم، فى محاولة توظيفية للحدث (سياسيًّا وإعلاميًّا) ضد القاهرة (!)
وفيما يؤكد الواقع باستمرار أنَّ «الدولة المصرية» قادرة على تجاوز مخططات الإرهاب (على الأرض)، فإنه يؤكد كذلك أنَّ القاهرة تتنبه وتتعامل – بوعى كامل – مع مخاطر تطور «الشبكات الإعلامية» بالكفاءة ذاتها.. إذ إن تلك الشبكات (الشبكات الإخوانية على وجه الخصوص) طوّرت من آليات عملها الداخلى [بدعم من جهات و «أجهزة استخبارية» متنوعة]، خلال الفترة الماضية.. وهو ما يستدعى منا – بالضرورة – توضيح أكثر من نقطة فى هذا السياق.

المنصات الإعلامية
بحسب وثيقة جديدة (من بين الوثائق الموضوعة – الآن – أمام أمين عام تنظيم الإخوان الإرهابى،فى تركيا) فإنَّ المجموعة التى يقودها كلٌ من: «محمود عزت» (القائم بأعمال المرشد)، و«محمود حسين» (أمين التنظيم الهارب إلى تركيا)، حرصت - منذ أن استعادت سيطرتها على أغلب منافذ الجماعة الإعلامية – على تطوير هيكل عمل المجموعات الإعلامية التابعة لها إلى حدٍّ بعيد (على خلاف الصورة النمطية التى كانت سائدة فى أوقات سابقة).
.. إذ وفقًا للوثيقة التى تحمل عنوان: [ورقة أولية حول المنصات والمنافذ الإعلامية]، فإنّ «قيادات تركيا» استحدثت داخل «مركزها الإعلامي» مجموعة جديدة من «الوحدات»، منها:
 وحدة الرصد والمتابعة: وهى وحدة رصد «معلوماتية» تعمل على تتبع القضايا التى يُمكن أن يستغلها التنظيم [دعائيًّا] ضد الدولة المصرية، عبر إصدار بيانات أو تصريحات [... إلخ].
 وحدة التحليل السياسي: وهى وحدة متعاونة مع «وحدة الرصد والمتابعة» فى تحديد القضايا أو الأحداث التى يُمكن استغلالها من قبل الجماعة؛ إذ تعمل على تحليل مضمون المعلومات الواردة إليها من وحدة الرصد، ووضع الأطر التى تتحرك من خلالها بقية وحدات المركز الإعلامى.
 وحدة التخطيط: وهى وحدة مُستحدثة من منظومة «جهاز التخطيط» (التابع لتنظيم الجماعة الدولي)؛ إذ تعمل تلك الوحدة على وضع المخططات العامة فى إطار تحديد القضايا المستهدفة.
 وحدة الخطاب: وهى وحدة تعمل على تجميع القضايا المرشحة لإصدار بيانات أو تصريحات من قبل الجماعة؛ إذ تعمل تلك الوحدة على «تصنيف» القضايا وترتيبها وفقًا لأهميتها.. كما تقوم بتحديد أسباب تلك الأهمية (بالنسبة للجماعة الإرهابية).. وما هى أسباب تقديم أو تأخير أى سبب من تلك الأسباب.. إلى جانب صياغة المضامين (فى إطار المعلومات المتوفرة) فى شكل بيانات أو تصريحات.
 وحدة المضامين: وهى الوحدة المسئولة عن تحديد (طرق التناول/ زوايا التناول/ طريقة المعالجة/ مداخل الموضوع المستهدف بالنشر).
 وحدة السوشيال ميديا: وهى المسئولة عن إدارة صفحات الجماعة الإرهابية على مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة (فيسبوك/ تويتر/ يوتيوب)، وتنظيم الحملات الإلكترونية (هاشتاجات/ تصاميم/ روابط مساعدة)؛ للضغط والتأثير فى الرأى العام.

محاور الحركة
بشكلٍ عام.. يتركز نشاط تلك الوحدات الست (إلى جانب إشراف القيادة فى تركيا، والمركز الإعلامى)، حول 10 محاور رئيسية، هي:
(1) - تحديد القضية: أى تحديد القضية أو الملف المستهدف.. وهى مسئولية كل من: (القيادة/ وحدة الرصد والمتابعة/ وحدة التحليل السياسى).
(2) - تجميع الترشيحات: أى تجميع القضايا المرشحة للاستهداف من قبل التنظيم ضد الدولة المصرية.. وهى مسئولية: (وحدة الخطاب بالمركز الإعلامى).
(3) - الانتقاء والاختيار: أى تحديد القضايا التى يتم إصدار بيانات أو تصريحات بشأنها.. وهى مسئولية «القيادة» فقط.
(4) - توفير المعلومات: أى توفير المعلومات ذات الصلة بالموضوع أو القضية المنتقاة من جوانبها كافة.. وهى مسئولية كل من: (القيادة/ المركز الإعلامي).
(5) - وضع المضامين: أى تحديد طرق وزوايا معالجة الموضوعات التى يتم طرحها إعلاميًّا.. وهى مسئولية «وحدة المضامين».
(6) - الصياغة: أى صياغة المضامين فى إطار المعلومات المتاحة.. وهى مسئولية (المركز الإعلامى «وحدة الخطاب»).
(7) - المراجعة: أى مراجعة البيانات والتصريحات وفقًا للمعلومات الواردة من القيادة أو المتوفرة لدى التنظيم أو من خلال المضامين التى تم اعتمادها تنظيميًا.. وهى مسئولية كل من: (القيادة/ وحدة المضامين).
(8) - المراجعة النهائية: أى المرحلة الأخيرة من عملية المراجعة (معلومات وصياغة).. وهى مسئولية (المركز الإعلامى «وحدة الخطاب»).
(9) - الاعتماد: أى اعتماد الصور النهائية للنشر .. وهى مسئولية (القيادة/ ومسئول الملف الإعلامى).
(10) - النشر: وهو مسئولية مسئول الملف (بصورة مباشرة) بالتعاون مع مسئول النشر على الموقع الرسمى للجماعة الإرهابية.

تقارير المتابعة
عبر تقارير [دورية] تتابع قيادات التنظيم الهاربة بـ(تركيا) حركة المحاور العشرة السابقة، بشكل منتظم .. إذ يتم عمل تقرير يومى (وآخر شهرى للخارج) بأداء المنافذ الإعلامية.. على أن يتضمن التقرير العناصر التالية:
(أ)- عدد المواد المنشورة على كل منفذ.
(ب)- تصنيف المواد المنشورة فى كل منفذ (وفقًا للتاريخ والمحتوى والقضايا).
(ج)- تقييم المواد المنشورة.
(د)- تحليل محتوى المواد المنشورة؛ للتعرُّف على توجهاتها وسياساتها التحريرية وفقًا لما هو منشور ومقارنتها بالسياسة التحريرية المعتمدة (راجع فى شأن السياسة التحريرية: حلقة الأسبوع الماضى).
(هـ)- تقييم عدد الزوار ومعدل المشاهدة.
(و)- كتابة التوصيات حول مدى تحقيق المنتج المنشور للمستهدف من نشره.

المخابرات التركية
قبل الوصول إلى تلك النقطة، التى تستهدف تصعيد العنف فى الشارع المصرى (عبر الضغط وتوجيه الرأى العام ضد الدولة من الخارج)؛ كان ثمة عديدٌ من التحركات التى ينظمها عددٌ من «إخوان تركيا» بالتعاون مع «وكالة الاستخبارات القومية التركية» هناك، للغرض نفسه.. إذ مرت الجماعة الإرهابية (فى الخارج) بأكثر من مرحلة فى هذا السياق، منذ بدايات العام 2016م.
.. ففى تلك الفترة، كان أن ظهرت – لأول مرة - صفحة تحمل اسم «ثورة الغلابة» يقودها الإخوانى الهارب بتركيا «ياسر العمدة»، أحد مسئولى اللجنة الإعلامية لتنظيم «طلائع حسم» المسلح (التابع لجماعة الإخوان الإرهابية).. إلا أن فشل تلك الصفحة وعدم وجود أى تأثير لها داخل الشارع المصرى، دفع تلك المجموعة لأن تبحث عن بدائل جديدة؛ إذ قام بإنشاء ما يُسمى بانتفاضة «اللهم ثورة»، داعيًّا أعضاء الجماعة الإرهابية لتصنيع قنابل لإلقائها على سيارات الشرطة(!)
وعبر فيديو تمت إذاعته أخيرًا تم عمل تجربة بإلقاء «قنبلة مولوتوف» على حائط، وتبع المشهد تسجيل صوتى للإخوانى ياسر العمدة يقول خلاله: «الإزازة دى لو اترمت من فوق على مدرعة شكرًا على كده.. هتولع فيها هتولع فيها.. مفيهاش كلام»(!).. وخلال الفيديو، تم الكشف عن أن ياسر العمدة قام باللجوء إلى مجموعة من الهاربين، منهم: «أبو عمر المصري» و«أحمد أبو عمار»، مشيرًا إلى أن أبو عمر المصرى انضم للجماعة الإرهابية أواخر العام 2016م.. وهرب من السعودية إلى إحدى الدول الأوروبية.
لكن.. بعد فشل «اللهم ثورة»، أيضًا، كان لا بد من تغيير «ياسر العمدة»، واستبداله بآخر من المتعاونين معه.. عبر تسجيل صوتى آخر لـ«أحمد أبو عمار» (أحد أصدقاء العمدة) قال: «إن «هانى صبري» مؤسس إذاعة «هنا الثورة» طلب منه إنشاء صفحة (يتجاوز عددها مئات الآلاف)، وأن يتصدر المشهد بها شخص يدعى الشيخ خالد، وبعض الشخصيات معه.. وأنه يعلم بعدم ظهور ياسر مرة أخرى(!)
.. وأنَّ «هانى صبري» عرض عليه دعمًا يُقدر بمئات الآلاف من دول (لا من شخصيات مصرية)؛ إذ ستقوم تلك الدول بصرف رواتب للأشخاص العاملين معه (حتى لو تجاوز عددهم 100 ألف شخص!).. موضحًا أنَّ هذه الصفحة ستحمل اسم الانتفاضة.. إذ إنَّ هناك تواصلاً بينهم وبين أحد أجهزة الاستخبارات (الداعمة لهم).. وأنَّ هذا التعاون يستهدف بناء كيان ثورى كبير»(!)

وبالتزامن مع دعم عديد من أجهزة الاستخبارات لتأسيس كيانات «حركية» عنيفة من «شباب الإخوان».. فإن قيادات التنظيم الهاربة بتركيا، هى الأخرى (عبر الأجهزة الاستخبارية ذاتها) كانت ولاتزال تحاول حشد (منافذ التنظيم الإعلامية)؛ لتهيئة الرأى العام لتقبل هذا العنف.. وهو ما كشفته إلى حدٍّ بعيد وثائق الشهور الخمسة الماضية (وتلك – يقينًا – هى قصتنا التالية).
.. يتبع