
أسامة سلامة
الثورة التى كشفت المستور
يكاد لا يخلو يوم من كشف واقعة فساد، حتى بات الأمر روتينيًا لا يثير الدهشة، الوقائع طالت جميع الفئات، الوزير والمحافظ، وكلاء الوزارات ورؤساء الأحياء، كبار الموظفين وصغارهم، أجهزة الرقابة وعلى رأسها الرقابة الإدارية تقوم بجهد كبير للغاية فى تعقب الفاسدين والقبض عليهم، وهو جهد محمود وعمل مشكور، ولكنه يثير التساؤل ما الذى أوصلنا إلى هذا الحال ؟ وكيف توغلت شبكات الفساد ومدت أذرعها فى كافة المؤسسات ؟ منذ سنوات وقبل ثورة يناير قال زكريا عزمى أحد أبرز رجال عهد مبارك إن الفساد وصل إلى الركب، ولكنه فيما يبدو كان متفائلًا، فالفساد كان أكبر وأعمق مما وصفه، وهو كلام يدين كل رجال مبارك ونظامه وأجهزته، لماذا تركوا الفساد يصل إلى هذه المرحلة دون مقاومة تذكر طالما كانوا يعرفون حجمه؟، والواقع أن نظام مبارك كان يجب أن يحاكم على ما فعله فى البلد خاصة فيما يتعلق بالفساد بعد أن أصاب هذا الفيروس اللعين معظم هيئات الدولة، لقد جعل نظام مبارك الفساد جزءًا من المنظومة الإدارية، وبعد أن كان الموظف المرتشى يختبئ وهو يتلقى الرشوة من الراشى أصبح يحصل عليها علانية دون خجل أو خوف،؟ لقد تسببت سياسة مبارك وقوانينه فى زيادة واستشراء هذا الداء اللعين بين طبقات المجتمع المختلفة. وكان أحد أهم أسبابه فى العهد غير الميمون هو امتزاج الحكم برأس المال، وتزاوج السلطة والثروة، وهو ما أدى إلى انتشار الفساد فى الطبقات العليا من المجتمع وبين الفئات الأعلى من المسئولين والموظفين، كما أن زيادة الفقر والبؤس وانخفاض الدخول الرسمية لصغار موظفى الدولة بشكل لا يضمن لهم حياة كريمة، جعلهم يلجأون إلى طرق غير شرعية للتربح وكسب ما يكفيهم، وهكذا أصبحت مصر فى عهده ضمن قائمة الدول الأكثر فسادًا، وهو ما ندفع ثمنه الآن، حتى إننا وقعنا اتفاقية مع الاتحاد الأوروبى حصلنا من خلالها على منحة 34 مليون جنيه لمكافحة الفساد، وعلينا أن نتخيل حجم الفساد فى المجتمع لو استمر نظام مبارك ورجاله فى الحكم؟ وما الطريق الذى كنا سنسير فيه؟، ولهذا فإن ثورة 25 يناير لو لم تفعل سوى القضاء على هذا النظام وإلقاء رجاله بعيدا لكفاها، لقد كان شعار هذه الثورة عيش حرية عدالة اجتماعية، وهى مطالب شعبية حقيقية، بحثت عنها الجماهير التى افتقدتها نتيجة فساد النظام الأسبق والذى سقط بإرادة شعبية، وجاءت ثورة 30 يونيو لتكمل طريقها وتسقط الفاشية الدينية والفساد المتخفى وراء الدين، شكرًا لثورة 25 يناير التى كشفت المستور والتى لولاها لكنا مازلنا نعيش فى مستنقع الفساد والتى تحاول أجهزة الدولة الآن تجفيف منابعه وإصلاح ما فعله بنا نظام مبارك ورجاله.