
أسامة سلامة
بورصة فستان رانيا يوسف
فى البورصة تُتداول الأوراق المالية، تصعد أسهم فيربح البعض، وتهبط أسهم فيخسر آخرون، وفى مجالات الحياة المختلفة هناك بورصات أخرى بعضها غير معلن ولكن يتم التعامل فيها بنفس قواعد البورصة المالية، أسهم ترتفع فيصعد أصحابها ويكسبون، وأسهم تنخفض فيخسر من يمتلكونها، وبها أيضا ألاعيب وحيل من أجل الربح حتى ولو على حساب وخسارة البعض.
قضية فستان الممثلة رانيا يوسف مثال لما يحدث فى هذه البورصات، عمليات التداول فيها انتهت بعد أن أخلت النيابة سبيلها، و تنازل المحامون عن البلاغات والدعاوى التى أقاموها ضدها واتهموها فيها بكل الموبقات والشرور، وأن الفستان العارى الذى ارتدته فى ختام مهرجان القاهرة السينمائى سيهدم القيم فى المجتمع ويفسد بناتنا وأولادنا، ويسيء لسمعة مصر ويهين المرأة المصرية، وأنه يجب عقابها بمواد القانون الخاصة بمكافحة الدعارة، ولكن البورصة كانت قد أجرت تداولها بالفعل وانتهت إلى رابحين وخاسرين.
الرابح الأول: الممثلة رانيا يوسف التى تصدر اسمها الأخبار وغطى على أحداث مهمة، وتم نشر صورها بشكل لم تكن تحلم بها، بل إنها وصلت إلى الصحافة العالمية التى اهتم بعضها بالقضية التى لم تشهد مثلها من قبل، صحيح أن رانيا أصدرت بيانًا اعتذرت فيه عن ارتدائها الفستان، وأنها خانها التوفيق، ولم تقصد الظهور بشكل يثير غضب وحفيظة وغضب الكثيرين الذين اعتبروه غير لائق، ولكنها فى نفس الوقت وبعد أن تنازل المحامون عن بلاغاتهم ضدها، فأنها لم تخسر شيئًا وكسبت شهرة لم تحققها طوال مشوارها الفنى، وأصبح اسمها على كل لسان، وما حدث معها قد يغرى بعض المنتجين للاستعانة بها فى أفلامهم لجذب قطاع من المتفرجين الذين يمنون أنفسهم برؤيتها فى فستان مماثل.
الرابح الثانى: مجموعة المحامين الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها ضد رانيا ببلاغاتهم ضدها، فتداولت وسائل الإعلام أسماءهم وظهروا فى الصحف والفضائيات باعتبارهم حماة الفضيلة والمدافعين عن الشرف والقيم، وزاد تداول أسمائهم بعد تنازلهم عن البلاغات بحجة أن رانيا اعتذرت وندمت على ما فعلت.
الرابح الثالث: المواقع الإلكترونية التى نشرت الوقائع بشكل مكثف وساهمت صور رانيا بفستانها فى زيادة عدد المشاهدين، وارتفاع أعداد زوارها ما يجعلها تتقدم فى قائمة المواقع الأكثر زوارًا ويمنحها مزيدًا من الإعلانات، وربح معها بنسبة أقل بعض برامج الفضائيات التى وجدت موضوعًا تتحدث فيه وخاصة أن أحدها استضاف رانيا وأحد المحامين الذين أقاموا الدعوى ضدها وتنازل عنها على الهواء الأمر الذى قد يؤدى إلى زيادة نسبة المشاهدة
الخاسر الأول: المجتمع المصرى الذى تم شغله بقضية تافهة أبعدته عن القضايا الجادة، والذى للأسف تم اتهامه بأنه ضعيف لدرجة أن يفسده فستان عارٍ ويهز قيمه وأخلاقه.
الخاسر الثانى: مهرجان القاهرة، ما حدث مع الممثلة قد يجعل بعض الفنانات العالميات يرفضن حضور فعاليات المهرجان، أو تكريمهن خلاله خوفًا من تعرضهن للاتهامات التى طالت رانيا إذا فكرن فى ارتداء فستان مماثل.
الخاسر الأكبر: مصر التى أصبحت سيرتها على كل لسان وخاصة فى المواقع والمجلات الفنية العالمية التى سخرت من القضية، وبعضها وظفها للكلام عن التشدد المصرى والتطرف، وعن الشعب الذى يخاف من فستان.
أخيرًا هذه القضية التافهة أدت إلى مشاكل كثيرة وكشفت عن عورات كبيرة فى مجتمعنا فهل نجد حلًا لمشكلة قضايا الحسبة أم نتركها تعرضنا كل فترة لمثل هذه الأزمات التى تدفع بلدنا ثمنها من سمعتها وسيرتها.