الإثنين 19 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
كنيسة خاتم المرسلين

كنيسة خاتم المرسلين


 العنوان ليس مزحة ولا طرفة ولكنه الاختراع الشعبى المصرى الذى مزج بين لقب الرسول صلى الله عليه وسلم والذى يؤمن المسلمون بأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، وبين المبنى الذى يُقيم فيه المسيحيون صلاتهم وطقوس عبادتهم، والحكاية أنه تم بناء كنيسة فى شارع خاتم المرسلين بالعمرانية باسم العذراء مريم، ولكن سكان الشارع ورواده أطلقوا عليها اسم كنيسة خاتم المرسلين نسبة إلى الشارع الموجودة فيه، وكان السكان يقولون اسكن بجوار الكنيسة الموجودة فى خاتم المرسلين، أو نلتقى عند الكنيسة فى شارع خاتم المرسلين، ومع مرور الوقت أصبح اسمها الشعبى كنيسة خاتم المرسلين، ولم يستنكر البسطاء من المسلمين والمسيحيين الاسم المتداول، ولم يقف أحد من المؤمنين من الجانبين معترضًا على  إطلاق لقب الرسول على الكنيسة، فقط المتحذلقون وأدعياء التدين هم الذين وقفوا أمام الاسم مستنكفين، ولكن البسطاء والمتدينين الحقيقيين لم ينزعجوا، فالأقباط يصلون فى كنيستهم، والمسلمون يعرفون أنه مكان لتعبد المسيحيين، ولعل اسم هذه الكنيسة يكشف أن القاعدة الشعبية بخير، وأن محاولات المتطرفين لتمزيق النسيج الوطنى من خلال نشر أفكارهم بين البسطاء ورغم نجاحها أحيانًا فى بعض المناطق وخصوصًا فى محافظة المنيا، إلا أن هذه المحاولات يمكن أن تتهاوى وتسقط بسهولة إذا تمت مواجهتها بجدية، ومن يقبل ببساطة إطلاق اسم خاتم المرسلين على كنيسة، لن يستنكف وجود علاقة طيبة مع المسيحيين ولن يرفض بناء كنيسة يتعبد فيها الأقباط،  ومن المؤكد أنه لن يعتدى عليها أو يحاول هدمها مثلما يفعل بعض الغوغاء فى بعض قرى المنيا والذين غزا المتطرفون عقولهم بفتاوى لا تمت للإسلام وتبتعد عن تعاليمه ومبادئه، ولعل المبادرات الأخيرة والتى حدثت منذ أيام خير دليل على أنه يمكن مواجهة أفكار المتطرفين، فقد تبرع المواطن أسامة محمد نجيب الموظف بمديرية إسكان المنيا بنصف راتبه لمطرانية المنيا وذلك لاستخدامها فى الأعمال الخيرية، وهو للمفارقة يعمل أيضًا محفّظًا للقرآن فى إحدى مدارس سمالوط، وقد قام بهذا التصرف النبيل ردًا على ما فعله المواطن القبطى مايكل منير والذى تبرع بمائتى ألف جنيه مساهمة منه فى بناء مسجد بمنطقة المطاهرة بالمنيا، وقد سبق له التبرع بمائة ألف جنيه مناصفة بين مسجد وكنيسة، وهو المبلغ الذى حصل عليه  كتعويض بعد استشهاد والده فى حادث دير الأنبا صمويل الذى وقع العام الماضى حيث كان أحد ضحايا الحادث الإرهابى، مايكل قدم التحية وأسامة رد عليها وحسب قول الأخير فى تصريحات صحفية له «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان»، والمدهش أن الاثنين من محافظة المنيا التى شهدت أحداثًا طائفية متتابعة فى الأيام الماضية، مما يؤكد أننا نستطيع مقاومة التطرف فى هذه المحافظة المنكوبة بالمتطرفين، وغير بعيد عما فعله أسامة ومايكل ما قام به الأنبا يوليوس أسقف عام مصر القديمة والذى سلم السيدة فتحية محمد زوجة الشهيد رضا عبدالرحمن شيكًا بمبلغ مائة وأربعين ألف جنيه جمعها أقباط المهجر فى أستراليا تعبيرًا عن تقديرهم للشهيد الذى راح ضحية الحادث الإرهابى الذى استهدف كنيسة مارمينا بحلوان العام الماضى، فى إشارة إلى التلاحم والتماسك بين أفراد المجتمع المصرى، كنيسة خاتم المرسلين وأسامة ومايكل وغيرهم يقولون للمتطرفين لن تهزمونا.