
أسامة سلامة
معركة المرأة بين الشيخ الشعراوى والدكتور فؤاد زكريا
.. ولأننا فى شهر المرأة، والاحتفالات بها تتوالى، 8 مارس يوم المرأة العالمى، و16 مارس يوم المرأة المصرية، و21 مارس عيد الأم، وتصادف ذلك مع ذكرى وفاة الفيلسوف والمفكر د.فؤاد زكريا،فقد تذكرت معركته المهمة مع الشيخ الشعراوى حول المرأة، ورغم مرور 34 عاما على هذه المعركة الفكرية المهمة، إلا أن استعادتها ضرورية لأن معظم الأفكار التى دارت حولها ما زالت مطروحة.
ولا تزال الفصائل المرتدية ثوب الإسلام زورًا وبهتانًا تستهدف المرأة، وفى كل يوم نجد كلاما – لا يجب أن نطلق عليه فتوى - ممن يسمون أنفسهم سلفيين يحط من قيمة المرأة ويحصرها فى ثوب الجارية.
فى عام 1984 قال الشيخ الشعراوى فى أحد لقاءاته التليفزيونية : « المرأة يجب أن تكون مستورة حتى لا يشك الرجل فى بنوة أبنائه منها» ورغم خطورة ما قاله الشيخ فإن أحدا لم يتصد له ربما خوفا من سطوة جماهيريته وشعبيته الجارفة، فقط د. فؤاد زكريا خرج عن الصف ودخل المعركة منفردا، وكتب مقالاً فى جريدة القبس الكويتية بعنوان «كبوة الشيخ» اعترض فيه على ما قاله الشيخ الشعراوى، قائلا: «الشيخ يعرض فى أحد أحاديثه التلفزيونية رأيه فى أخلاق المرأة والعلاقة بينها وبين الزى الذى ترتديه، فيقول إن المرأة يجب أن تكون مستورة حتى لا يشك الرجل فى بنوّة أبنائه منها! وهكذا يقرر الشيخ ببساطة شديدة، أن المرأة المستورة أو المحجّبة هى وحدها التى تنجب لزوجها أبناء يكون واثقاً من أنهم أبناؤه، أما إذا لم تكن كذلك، فإن الأمر يظل موضع شك! وحين يعرض الشيخ شعراوى نظرية أخلاقية كهذه، لا يملك المرء إلا أن يشعر بالألم والحزن على نوع التفكير الذى يوصل إلى مثل هذه النتائج.. وهكذا تختزل المرأة كلها الى عنصر واحد، هو الجسد والجنس، وننسى المرأة العاملة والمرأة المشتغلة بالعلم»، واتهم د. فؤاد الشيخ الشعراوى بأنه «يحتقر الطبيعة البشرية فقد اختزل المرأة فى كونها موضوعا لشهوة الرجل ومصدر للشر والغواية، وانه لن يستقيم أمرها إلا إذا احتجبت عن أعين الناس»، وواصل د. فؤاد تفنيده لكلام الشيخ الشعراوى مؤكدا أن «الداعية ليس إلها، وأنه بشر يخطئ ويصيب ولا يجب تقديسه»، الغريب أنه رغم مرور كل هذه السنوات ما زلنا نقف مكاننا فى قضية المرأة نناقش نفس القضايا وتخرج علينا نفس الأقاويل التى تهين المرأة وتقلل من قدراتها وإمكانياتها، وتحبسها داخل الوعاء الجنسى وتختصر جهودها فى تلبية رغبات الرجل، رغم نجاحاتها فى كل المجالات التى دخلتها، فقد حققت فى السنوات الأخيرة إنجازات رائعة فى العلم والسياسة والرياضة وغيرها من المجالات،رحم الله د. فؤاد زكريا الذى لم يتوان عن الدفاع عن العقل مهما كلفه الأمر من اتهامات طالته من القوى الإسلامية التى كشف زيف أفكارها فى كتابيه الرائعين «الحقيقة والوهم فى الحركة الإسلامية المعاصرة» و«الصحوة الإسلامية فى ميزان العقل» وأتمنى من وزارة الثقافة إعادة طبعهما وتوفيرهما بأسعار مناسبة وأن يصل الكتابان إلى الشباب المصرى فى كل مكان.