
محمد جمال الدين
ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب
من المعروف فى الشريعة الإسلامية أن القصاص مكتوب على القاتل، لذا عليه أن يتحمل مسئولية ما فعلت يداه، وحين يجد القاتل نفسه محوطًا بمجتمع مؤمن يرفض القتل فإنه يرتدع ولا يقتل، لأنه فى القصاص حياة، وبالتالى على من يرغب فى أن يقتل أن يفكر أكثر من مرة لعله يرتدع عندما يعرف أن هناك من سيقتص منه، وأن هناك من لا يقبل المداراة عليه. بعيدًا عمن يتشدقون ويقولون: إن القصاص وحشية وإهدار لآدمية الإنسان، ولهؤلاء من أمثال (عز الدين فشير وغيره) نسألهم: لماذا أخذتكم الغيرة لأن إنسانًا يقتص منه بحق وقد قتل غيره بالباطل؟ وما الذى يحزنكم عليه؟ فالعقوبة حين شرعها الله لم يشرعها لتقع، وإنما شرعها لتمنع. والمجتمع حين يقتص من القاتل يحمى سائر أفراده من أن يوجد بينهم قاتل لا يحترم حياة الآخرين، وفى الوقت نفسه نحمى هذا الفوضوى أو بمعنى أصح القاتل من نفسه، لأنه سيفكر ألف مرة قبل أن يرتكب جريمة قتل النفس التى حرم الله إلا بالحق من أكبر الذنوب، مصداقا لقوله تعالي: (ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابًا عظيمًا)، لهذا تحديدًا انتابتنى حالة من الارتياح والهدوء عندما تم الأسبوع الماضى تنفيذ حكم الإعدام بحق 4 إرهابيين أدينوا فى قضية استهداف عدد من أبنائنا من طلبة الكلية الحربية فى محافظة كفر الشيخ، عقب قيامهم بزرع عبوات ناسفة فى موقف أتوبيسات طلبة الكلية أمام استاد كفر الشيخ قبل عامين، مما أدى إلى استشهاد عدد من الطلبة وإصابة آخرين قبل توجههم إلى كليتهم، وهى نفس الحالة التى شعر بها جل مصرى محب لوطنه، فمن أهم وأقدس واجبات المجتمع أن يقتص ممن يعتمدون على خراب مصر، ويعملون القتل والغدر فى أعز ما نملك وهم شبابنا مستقبل هذه الأمة، متسترين تحت غطاء الدين الذى هو منهم براء، بعد أن التحفوا هم وأمثالهم بدين مزيف وغير حقيقي، شرعه لهم شيوخ الفتنة والإرهاب، برعاية وتمويل دول ودويلات حالمة بالزعامة اعتقادًا منها بأن الدولارات أو الريالات قادرة على تحقيق هذه الأحلام، حتى ولو جاءت على حساب ثوابت الدين الإسلامى الصحيح، لهذا لم يعد يشغلهم سوى الإرهاب والقتل وإراقة الدماء البريئة لإيمانهم بأن هذا هو الجهاد الصحيح من وجهة نظرهم، وهو المفهوم الذى للأسف تقف بجانبه بعض القنوات الإرهابية الهوى والعقيدة من عينة قناتى «الشرق» و«مكملين».. وغيرهما، والتى خرجت عبر شاشاتها باستجداء المجتمع الدولى لوقف تنفيذ حكم إعدام هؤلاء القتلة الإرهابيين، تحت غطاء حماية حقوق الإنسان دون أن يسألوا أنفسهم: وأين حق هؤلاء الشهداء الأبرياء الذين لم يرتكبوا أى ذنب؟ ولماذا يغضب حماة حقوق الإنسان ويشنون الحملات ويبثون البرامج اعتراضًا على القصاص من قاتل؟ فى الوقت الذى لا يحركون فيه ساكنًا حينما يقتل بريء، أمثال هذه القنوات ومن يقومون على إدارتها غفلوا عن الروح التى أزهقت حياتها عمدًا وعدوانًا، وتناسوا أن العقوبة ما هى إلا نتيجة طبيعية لوحشية الجريمة التى ارتكبوها فى حق مواطنين أبرياء، جل ذنبهم أنهم يحبون بلدهم، يبقى أن نؤكد أن من يجترى على حقوق الناس يجترى أيضا على حقوق الله، ولذلك فمقتضى إيثار الإيمان هو إرضاء الله لا إرضاء الناس، ونحن كمصريين على يقين أن هذا ما يدركه جيدًا رجال القضاء المصرى الشامخ، ولهذا نطالبهم، بل نرجوهم باسم المجتمع المصرى بأجمعه، بسرعة اتخاذ القرار المرهون بالعدالة فى إنفاذ الحقوق والقصاص من هؤلاء السفلة حتى يهدأ (ويرتاح) بال من وقع عليهم الظلم.