الأحد 25 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
أذرع «المخابرات التركية» فى إفريقيا!

أذرع «المخابرات التركية» فى إفريقيا!


خلال رحلته من «تشاد» إلى «تونس» (بدءًا من السودان)؛ قال الرئيس التركى «رجب طيب أردوغان»: إن المستقبل يكمن فى إفريقيا، وأنّه يمتلك عديدًا من «المشروعات»، التى تستهدف تحسين «العلاقات الثنائية» مع كُلٍّ من: «السودان»، و«تشاد»(!)
وفى تصريحات صحفية [خلال الرحلة نفسها]؛ كشف «رجب» عن أنَّ «السودان» [الذى منحه حق استغلال جزيرة «سواكن»] قدم له عرضًا جديدًا بإنشاء [جامعة تركية/ سودانية] فى الخرطوم(!).. وأنه (أى السودان) عرض عليه - كذلك - أن تستغل المديرية العامة التركية للمشاريع الزراعية (تيجيم) مساحة 12.500 هكتار من الأراضى السودانية(!).. كما أنَّ بناء «مطار الخرطوم الدولى» تم إسناده إلى إحدى الشركات التركية(!)

وأضاف «رجب»: على الرغم من تقدم تربية الماشية فى السودان، فإن تكنولوجيتها فى الزراعة ليست متقدمة جدًا.. وأعتقد أننا سوف نحقق المزيد من التقدم بالتعاون مع «تيجيم» (أى: المديرية العامة التركية للمشاريع الزراعية).
>>>
الأمر - إذًا - لا يقتصر على حق استغلال «جزيرة سواكن» من قِبَل الأتراك فقط؛ إذ يبدو أنّ «رجب» قَدِم إلى «السودان» (الشمالى)، مُحملاً  برغبات [محمومة]؛ لاستغلاله [وغيره من البلدان الإفريقية] على أكثر من صعيد.. لكن.. من بين كلام «رجب» نفسه، عن «سواكن» نفسها، ما يستدعى الانتباه إليه مرارًا.. إذ أشار إلى أنّ بعض الممتلكات [المتبقية بالجزيرة] تخص بعض الأفراد، وإذا تمكّن السودان من شرائها؛ فستخصص الجزيرة لتركيا(!).. وإذا تم حل هذا الموقف؛ فإن «أنقرة» ستستعيد «سواكن» عبر الجهود المشتركة بين «وكالة التعاون والتنسيق التركية» (TiKA)، و«وزارة الثقافة والسياحة» التركية أيضًا.. وحينها سيعاد إحياء التاريخ(!)
.. أى لا يُخفى «رجب» أحلامه [التاريخية] باستعادة ما يُعرف بـ«الخلافة العثمانية»(!)
يقول «رجب» إنه لم يأت إلى السودان، أو غيره من البلدان الإفريقية بأجندة «إمبريالية» (استعمارية).. لكن التاريخ الذى يريد استعادته يكذبه قطعًا.. إذ استعمر السلطان العثمانى «سليم الأول» جزيرة سواكن فى القرن السادس عشر الميلادى.. ومن ثمَّ، باتت الجزيرة مركزًا لـ«الأسطول العثمانى» فى البحر الأحمر؛ إذ كان يضم ميناؤها [مقر الحاكم العثمانى لمنطقة جنوب البحر الأحمر].. وهى فترة شهدت - بشكلٍ عام - عديدًا من المجازر الجماعية بحق «السودانيين»(!)
لكن.. بعيدًا عن أضغاث الأحلام [العثمانية / الأردوغانية]؛ فثمة حلقة (مُهمة) من حلقات التحركات التركية داخل «القارة السمراء» تستدعى التوقف عندها.. إذ تُبنى تلك التحركات - من حيث الأصل - على «وكالة التعاون والتنسيق التركية» (TiKA).. وهى «وكالة» تتبع مجلس الوزراء التركى [بشكل مباشر].. وتعتمد فى عديدٍ من تحركاتها، على الأماكن نفسها التى تشهد وجودًا مكثفًا لعناصر تيار «الإسلام السياسى» (خصوصًا: تنظيم الإخوان الدولى)؛ إذ تتخذ من [لافتة: الإغاثة، والمساعدات الدولية] واجهةً؛ لدعم التحركات [الاستخبارية] التركية، فى مناطق متعددة.
وخلال سنوات مضت.. فتحت «السلطات السودانية» (إخوانية الأصل) للوكالة نفسها، عديدًا من أماكن النشاط، والتحرك داخل العمق السودانى ذاته.. وشكلت «قضية دارفور» إحدى نقاط الارتكاز [الرئيسية] فى تطور تلك العلاقة.. إذ بدأت الجهات الأمنية [التركية] حينها، فى التحرك تحت مزاعم «أعمال الإغاثة»؛ لتدشين تواجدها فى السودان، ومنها إلى مناطق أخرى بالقارة (إثيوبيا نموذجًا).. وفى المقابل قامت «الوكالة» بتدشين المستشفى التركي/ السودانى للأبحاث والتدريب (بدأت عملها فى فبراير 2014م) بمدينة نيالا.
وفى سياق الارتماء «السودانى» الكامل بين أذرع «المشروع العثمانى الجديد»؛ كان أن سمحت السلطات السودانية للأتراك بتدريب نحو 3800 ضابط من ضباط «الشرطة السودانية» على أيدى «وزارة الداخلية التركية»، نفسها، خلال الفترة الأخيرة.
>>>
وخلال ديسمبر الجارى (الموشك على الانتهاء)؛ كان ثمة خبر مثير فى مضمونه، يقول إنه تمت إدانة منسق «وكالة التعاون والتنسيق التركية» (TiKA) بقطاع غزة (محمد مرتجى)، بعد توقيفه من قِبَل جهاز «شين بيت» الإسرائيلى فى مارس الماضى.. وبحسب وسائل إعلام عبرية، فإن هذا الأمر تم خلال تخزين «مرتجى» لعددٍ من «الأسلحة»، كانت فى طريقها لبعض العناصر المتطرفة.. وأيًا كانت صحة الاتهام الموجه لمنسق الوكالة فى غزة؛ فثمة شواهد متنوعة على أن أعمال «الوكالة» تنشط بقوة، حيث يوجد تيار الإسلام السياسى (أفغانستان نموذجًا).
وبحسب «أجندة الوكالة» داخل القارة السمراء أيضًا؛ فإن برامجها للعام المقبل تبدأ من «زامبيا».. وذلك بعد لقاء جمع [خلال الأيام القليلة الماضية] بين مسئول العلاقات الخارجية الزامبى «بواليا نوندو» (Bwalya Nondo)، ونائب رئيس الوكالة «على مسكن» فى تركيا.. إذ من المنتظر أن يزور وفد من الوكالة زامبيا خلال الفترة من 20 إلى 28 يناير المُقبل.
كما ستستكمل «الوكالة» أنشطتها الرامية للسيطرة على «إثيوبيا»، بعد أن وصل إجمالى الاستثمارات التركية هناك لنحو 3 مليارات دولار.. وذلك عبر ضخ نحو 1.7 مليار دولار [جديدة]؛ لتوظيفها فى أعمال إنشاءات متنوعة؛ إذ كان - أيضًا - ثمة أموال تركية من بين إجمالى 4.8 مليار دولار أنفقتها «أديس أبابا» خلال السنوات الستة المنصرمة (أى: منذ بداية الاضطرابات التى شهدها العالم العربى منذ العام 2011م)؛ لتمويل بناء «سد النهضة».
.. لكن، قطعًا.. يُمكن أن يكون للقارة السمراء رأىٌ آخر فى [أوهام] الحالم بالخلافة.. وحليفه «الزول».