الإثنين 19 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
عبد الناصر والسلفيون وكاتدرائية الأقباط

عبد الناصر والسلفيون وكاتدرائية الأقباط


هل يكفر السلفيون الرئيس الراحل جمال عبد الناصر؟ سؤال دار فى خلدى مع قرب الاحتفال بمرور 50 عاما على افتتاح كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس بالعباسية، والتى تم تدشينها فى 25 يونيو 1968.

والحكاية أن الزعيم الراحل عندما علم برغبة البابا كيرلس السادس فى بناء كاتدرائية جديدة على أرض تملكها الكنيسة بالعباسية، وافق على الفور وأمر بمساهمة الدولة فى تكاليف بنائها حيث تم دفع مبلغ نقدى بجانب مساهمة شركات المقاولات العامة فى أعمال البناء، والأكثر والأهم أنه حث أولاده على التبرع لبناء الكاتدرائية فى لفتة وطنية رائعة، وحسب الرواية التى حكاها محمد حسنين هيكل وسامى شرف وآخرون «أن البابا كيرلس كان يزور الرئيس عبد الناصر فى منزله بكوبرى القبة فقال له الرئيس: أنا علمت أولادى إن اللى يتبرع لكنيسة زى اللى يتبرع لجامع، والأولاد لما عرفوا أنك بتبنى كاتدرائية جديدة صمموا على المساهمة، وقالوا نحوش قرشين ولما يجى البابا كيرلس نقدمهم له.. وأرجو ألا تكسفهم.. وخد منهم تبرعهم!
 فأخرج البابا منديله ووضعه على حجره ووضع أولاد عبد الناصر تبرعهم فى المنديل وشكرهم البابا وباركهم»، ولعل ما جعل السؤال السابق يجول فى ذهنى هو تزامن  مناسبتين مهمتين فى العام القادم 2018 والذى ننتظره بعد ساعات قليلة، فهناك ذكرى مرور قرن على ميلاد عبد الناصر والذى ولد في15 يناير 1918.. وكذلك الاحتفال باليوبيل الذهبى لافتتاح الكاتدرائية.
ولكن ما دفعنى أكثر للسؤال هو الفتاوى التى تصدر من السلفيين مع اقتراب عيد الميلاد المجيد وتحرم تهنئة المسيحيين بمناسباتهم الدينية، ورغم رد الأزهر ودار الإفتاء على هذه الفتاوى المنسوبة ظلما للإسلام وهو منها بريء، وتأكيدهما على جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم والحث عليها، فإن السلفيين لا يملون من ترديد كلامهم القبيح كل عام، فى محاولة منهم لشق الصف الوطنى وإثارة النعرات الدينية البغيضة، وقياسا على كلام السلفيين وتكفيرهم للأقباط وتحريم تهنئتهم أو حتى توصيلهم من خلال وسائل المواصلات الخاصة مثل التاكسى والميكروباص إلى كنائسهم، حتى أن برهامى قال «إن توصيل مسيحى إلى الكنيسة أشد حرمة من توصيل شخص إلى خمارة»، فإننى أعتقد أن السلفيين كانوا سيحكمون بتكفير ناصر وأولاده الذين تبرعوا لبناء الكاتدرائية، ولأنه تجرأ وشجع على بناء كنيسة فى أرض الإسلام، وهو كلام يتعارض مع فتاوى الأزهر ودار الإفتاء التى تؤكد جواز بناء الكنائس ووجوب حمايتها على الدولة، ولكن السؤال الآخر: أين كان السلفيون أيام عبد الناصر؟ هل كانوا موجودين ومختفين خوفا منه حتى لا يلقوا مصير الإخوان الذين ألقى بهم فى السجون بسبب أفكارهم المتشددة، وتكفيرهم للمجتمع ومحاولتهم اغتياله؟ أم أنهم نبت شيطانى ظهر مع الرئيس الراحل أنور السادات وترعرع فى سنوات حكم الرئيس الأسبق مبارك ونجنى الآن ثماره المرة؟ إننا فى كل حادث طائفى نجد أفكارهم الهدامة وآخرها ما حدث فى أطفيح منذ أيام عندما تم الاعتداء على بيت فى قرية الواصلين كان يصلى فيه المسيحيون منذ 15 عامًا، وتحطيم محتوياته بدعوى أنه سيتم تركيب جرس عليه، ويبدو أن دقات أجراس الكنائس ترعبهم وتثير فيهم الخوف وتصيبهم بالهلع والجنون، فكان أن أشاعوا بتحريم تعليقه وكأنه ضار جدا بالإسلام بينما الإسلام يأمر بحماية دور العبادة لغير المسلمين.
وما بين عبد الناصر الذى تبرع لبناء الكاتدرائية ولم نجد من يكفره وقتها، وبين الاعتداء على بيت الصلاة فى أطفيح وتكرار الاعتداء على الكنائس وخاصة فى المنيا سنوات ممتدة علينا أن نعرف ماذا جرى فى تلك السنوات؟ وكيف وصلنا إلى هذه المرحلة السيئة؟ فى عيد الميلاد بعد أيام سيقيم البابا تاوضروس قداس عيد الميلاد فى الكاتدرائية الجديدة بالعاصمة الإدارية الجديدة والتى تبرع الرئيس السيسى بـ100 ألف جنيه من أمواله لبنائها هى والجامع معًا.. ولا أدرى بماذا سيفتى السلفيون لو سئلوا عن جواز بناء هذه الكاتدرائية، ولكنى أعتقد يقينا أنهم بداخلهم يكفرون ذلك حتى ولو لم يصرحوا بفتواهم علنًا.. وردًا عليهم أقول لكل المسيحيين: مبروك الكاتدرائية الجديدة.. وعيد ميلاد مجيد.. وكل عام وأنتم بخير.