الإثنين 26 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
المكاسب «المصرية» من منتدى شرم الشيخ

المكاسب «المصرية» من منتدى شرم الشيخ


مع نهاية يوم افتتاح «منتدى شباب العالم» (الأحد الماضى)؛ جلس شابٌ (رائع) من شباب البرنامج الرئاسى، ليقول لنا بزهوٍ [مُستحق] : إنّ كل ما رأيتموه اليوم هو مجهود شبابى [خالص] .. وكل من شارك به لم يتجاوز «الثلاثين» من عمره.

من حق «الشاب» أن يزهو - فعلاً - بما تم تقديمه.. ومن حقنا - نحن أيضًا - أن نزهو معه بجيلٍ يخطو بثبات نحو المُستقبل.. جيلٌ واثق الخطى.. جيلٌ يرسم على جدران «معابد الوطن» أسمى لوحات اليقين.. جيلٌ لا يخشى «الغد» بل يُقدم عليه بصدرٍ رحب.
قبل بدء «فاعليات المنتدى» راهنا فى «روزاليوسف» على نجاح «المشهد العام» للمنتدى.. وقلنا: إنّ «الشباب» يُمثل - يقينًا - ركيزة المستقبل.. وإنّ الشباب «طاقة» حقيقية.. طاقة «إيجابية»..  إذا أحسنا توجيهها وتوظيفها؛ كانت وقودًا أساسيًا للتنمية.
ونبهنا إلى أنّ «الشباب» يحمل ذاتيًا «جينات» الأمل، ومثبطات الألم.. إذ يرسم ملامح  أيامٍ تالية بأحلام أيام آنية.. وأنّ استثمار «أحلام الشباب» هو الجوهر الحقيقى للإدارة الرشيدة (أى إدارة).
 وقلنا كذلك: على أرض «شرم الشيخ» اليوم؛ يخرج الحلم من نطاق «المحلية» إلى فضاء العالمية.. إذ تطورت الفكرة من رأس «الشباب» أنفسهم.. أبدعوا عندما واتتهم الفرصة للقاء دورى مع الرئيس.. واقترحوا أن يصل حوارهم مع القيادة السياسية نحو العالمية.. وأن يتحاوروا مع أصحاب الثقافات الأخرى.. فكان أن استجاب الرئيس للاقتراح.
وشددنا على أنّ «الحوار العالمى» لا يقرب المسافات بين الثقافات وحسب.. بل ينشط «العملية الإبداعية» فى حد ذاتها.. ويفتح آفاقًا أكثر رحابة للتفكير.. إذ يضبط إيقاع عملية التغيير، ويخرجها من حيز «الفوضى» إلى حيز البناء والتعمير.

بحكم «التقارب الجيلى» بين الكاتب، والشاب (المُبهج)؛ تطرقنا لبعض «الملاحظات» (لا الانتقادات).. كان الحديث يستهدف الوصول لأقرب درجة من الكمال، والاكتمال.. إذ كان المشهد يستحق «الاحتفاء» يقينًا.
قال الشاب بـ«لغة واثقة»: إنّ الفاعليات التالية ستكون أكثر روعة.. تحقق للشاب ما أراد بالفعل.. وبدا التكامل بين البدايات، والنهايات، أقرب لـ«سيمفونية» متناغمة، راعت فى تفاصيلها كافة؛ ما تخلل المنتدى من فاعليات.. إذ يُمكننا هنا (من باب التذكير) التأكيد على أنّ فاعليات «المنتدى» دارت، فى حد ذاتها، حول خمسة محاور [أساسية]، هى:
(أ)- قضايا شبابية عالمية؛ مثل: «الإرهاب» ودور الشباب فى مواجهته.. و«تغير المناخ».. و«الهجرة غير المنتظمة».. و«أزمة اللاجئين».. ومساهمة الشباب فى «بناء وحفظ  السلام» فى مناطق الصراع.. وكيفية توظيف طاقات الشباب من أجل التنمية.
(ب)- التنمية المستدامة، والتكنولوجيا، وريادة الأعمال؛ إذ تم خلال هذا «المحور» التعرف على رؤى الشباب لتحقيق التنمية المستدامة حول العالم.. واستعراض «التجارب الدولية» فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة.. وعرض تجارب شبابية [مبتكرة] فى مجال ريادة الأعمال.. مع مناقشة تأثير التكنولوجيا على واقع الشباب.
(ج)- الحضارات والثقافات؛ مثل: الفنون، والآداب، و«الهوية الثقافية».. وكيفية تكامل الحضارات، والثقافات، والاستفادة من تنوعها واختلافها.. وكيف تصلح الآداب والفنون ما تفسده  الصراعات والحروب.
(د)- صناعة «قادة المُستقبل»؛ عبر استعراض التجارب الدولية البارزة فى تأهيل، وتدريب الشباب.. ودور الدول والمجتمعات فى صناعة «قادة المستقبل».
(هـ)- نموذج مُحاكاة الأمم المتحدة؛ بمشاركة أكثر من 60 شابًا من مختلف الدول؛ لـ«معايشة» ما يختبره ممثلو دول مجلس الأمن بـ«الأمم المتحدة».. والتعرف على مختلف وجهات النظر والحلول أثناء مناقشة موضوعات متنوعة تدور حول مجابهة المخاطر التى تهدد السلم والأمن العالمى.. والتحديات التى تواجهها الدول نتيجة لموجات الهجرة غير المنتظمة.. و«الحروب السيبرانية»، وتهديدها لأمن الدول.

لمس «المنتدى» - إذًا -  عددًا من الأوتار «المُهمة» فى الشئون: (المحلية/ الإقليمية/ الدولية).. وكيف يُمكن لشريحة عمرية، تمثل ثُلثى السكان (نحو 65 %) أن تساهم فى صناعة مستقبلها بنفسها.
فى حواره المنشور بجريدة «الشرق الأوسط» (يوم الثلاثاء الماضى)؛ أكد الرئيس «عبدالفتاح السيسى» على المعنى نفسه.. وقال عندما سأله الصحفى الكبير «غسان شربل» عما  تريده مصر من «منتدى شباب العالم»: إننا حين نتحدث عن المستقبل، فهذا يعنى أننا نتحدث عن الشباب.. لذلك؛ لدينا حرص دائم على اللقاء بالشباب، والاستماع إلى آرائهم وتطلعاتهم، وهواجسهم، والتحاور معهم حولها.. فبناء الجسور مع «الشباب» أمرٌ ضروري؛ لإشراكهم فى التنمية، ولإبعادهم عن التطرف، وتمكينهم من لعب دور فى صناعة الازدهار والاستقرار.. ونحن نتحدث فى مصر عن [مجتمع شاب]؛ إذ إن 65 % (خمسة وستين فى المائة) من المصريين دون سن الأربعين.. ومن ثمَّ.. بدأنا تجربة شملت محافظات مصرية عدة.. إذ كان يشارك فى اللقاء نحو ألف شاب، وتذاع المداولات مباشرة على الهواء؛ ليكون المجتمع شريكًا فى التعرف على هواجس الأجيال الجديدة.
وأضاف الرئيس: لا أبالغ إذا قلت إن النتيجة كانت رائعة، وأتاحت فرصة المشاركة فى الهموم والآمال والتطلعات.. وفى ضوء هذه النتيجة؛ قررنا توسيع المناسبة.. فشبابنا جزءٌ من شباب العالم، ويتطلع مثلهم إلى فرصة عمل والعيش بكرامة، وأن تكون له مساهمته فى مستقبل وطنه.. واليوم - وفى ضوء التطورات العلمية والتكنولوجية - يملك الشباب خبرات كثيرة لا يجوز تجاهلها.
وفى سياق «الحوار» نفسه؛ أردف الرئيس: [فى اعتقادى أن عدم التواصل مع الشباب كان من أهم أسباب «الثورات»، التى حصلت فى مصر وليبيا وسوريا].

تُلخص العبارة الأخيرة - يقينًا - جُملة الاضطرابات التى شهدتها المنطقة (طوال 7 سنوات مضت).. وللاضطرابات، قطعًا، جذور ممتدة، تتجاوز فى امتدادها السنوات السبع تلك.. إذ كان ما شهدته المنطقة العربية، منذ العام 2011م، نتيجة [منطقية] لعديد من سنوات التجاهل.
تقدير الرئيس (ونحن معه) أن عدم التواصل مع الشباب، هو الذى أدى لتلك النتيجة.. والنتيجة كانت موجعة لا ريب.. إذ اقتربت «الموجات الاحتجاجية» من جدران «الدول الوطنية»، ومؤسساتها الرئيسية (لا أنظمتها الحاكمة وحسب).
عدم التواصل مع «الشباب» [بشكل قطعي]، خلال سنوات خلت؛ خلق «فراغًا» شغلته عديدٌ من الأجندات، شكلت - فى مُجملها - وعيًا [زائفًا] لدى قطاع لا بأس به من العناصر الشبابية.. ومن ثمَّ.. فإنّ ما أسهمت «الدولة المصرية» فى تحقيقه على أرض «شرم الشيخ»، يرتقى - يقينًا - إلى أقصى درجات «تصحيح الوعى» [واستعادته] لدى القطاعات الشبابية ذاتها.
لذلك.. ففى اعتقادى أنّ أهم المكاسب «المصرية» من منتدى شرم الشيخ (بعيدًا عن لغة الرسائل المُستهلكة)، هو أنّ مصر كسبت مستقبلها (قطعًا)، برسالة واحدة [لا غير].