الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
انتصار أكتوبر 1973: التعبير المسرحى لا يتوازن مع النصر العظيم

انتصار أكتوبر 1973: التعبير المسرحى لا يتوازن مع النصر العظيم


نصر أكتوبر 1973 التجسيد العبقرى الحى على إرادة المصريين فى الانتصار، رغم محاولات عديدة للتعبير المسرحى عنه، لعل أبرزها (حدث فى أكتوبر) لإسماعيل العادلى إخراج كرم مطاوع، فإن التعبير الفنى عنه لم يزل ومنه التعبير المسرحى لا يتوازن مع حجم الانتصار الكبير للجيش والشعب المصرى  1973.

هذا وقد حدث عبر الفنون التعبيرية المتعددة اهتمام واضح بأكتوبر، إلا أن الأمر الغائب تماما عنه  هو ترسيخه الضرورى فى ذهنية وعقل وخيال وثقافة الطفل المصرى لأن أجيالاً جديدة متعاقبة وأجيالاً قادمة لم تعاصره، ولم تكن قريبة من تفاصيله.
ولذلك يبقى أكتوبر بعيدا عن فنون الطفل، وعن مسرح الطفل كبيت مهم لتعليم وصناعة الصور الذهنية الوطنية للأطفال والناشئة.
بعض الموسوعات المترجمة الموجهة للأطفال مثل موسوعة الطفل الصادرة عن (لونجمان) والمستقرة منذ سنوات فى مكتبات المدارس والهيئة العامة لقصور الثقافة ومراكز الطلائع بالشباب والرياضة تتجاهل الانتصار تقريبا، وهى تحتاج لمراجعة ضرورية.
المسابقات المدرسية والأدبية المتعددة، يتم تنظيمها بشكل اعتيادى دورى، دون نشر الأعمال الفائزة أو ترويجها.
هذا وإن كان نصر أكتوبر 1973 قد لاحظ البعض أن الأعمال الدرامية عنه أقل بكثير من حجمه وتأثيره، فإن هذا التأثير يكاد يكون منعدما فى مسرح الطفل، والأعمال الدرامية الموجهة له وفى مجال ثقافة الطفل.
إن ثورة 1952 قد تم الاهتمام بتسجيلها ورصدها والتعبير عنها فنيا، وهى حاضرة فى ذاكرة فنون الطفل لأن الدولة كانت صاحبة الذراع القوية فى الإنتاج  الفنى، أما أكتوبر وما أعقبه من تغيير فى السياسات الاقتصادية والتراجع التدريجى للدولة عن دورها فى الإنتاج الفنى والثقافى، فأدى إلى رصيد قليل من الأعمال، وإلى غياب علامة بارزة خاصة فى المسرح المصرى عن  انتصار   أكتوبر 1973.
الملاحظة المهمة والتى سبق الإشارة إليها فى كتابات متعددة عن فنون أكتوبر يمكن الإشارة إليها عبر الإيجاز بأن المسرح المصرى أنجز أعمالا عبقرية فيما بين 1967 حتى 1970 فى إطار المقاومة ورفع شبح الشعور بالهزيمة والتعبير عن صلابة الشخصية، ولذلك فتعليم الأجيال الجديدة ما هو أكتوبر المعبر عن مقدرة واستطاعة مصر ضرورة لترسيخ صورة مصر المنتصرة، ليعرفوا مصر التى خرجوا من صلبها ومات أجدادهم شهداء من أجل وجهها المبتسم،... أناشيد الصباح فى المدرسة، قصص الأبطال فى الكتب المدرسية، كفاح الجيش الوطنى والمقاومة الشعبية، أساطير حرب الاستنزاف قبل انتصار أكتوبر 1973، ثم المسرح المدرسى الذى عليه استعادة بهجة المدرسة ودورها فى دروس التاريخ والوطنية الأولى، قصص الأطفال والتى كانت لدار المعارف المصرية مع مكتبة الكيلانى أدوار فاعلة فى شرح معنى وجوهر مصر، وشرح ثورة 1952 لعالم الطفولة.
لأن عدم معرفة الأطفال بهذا النصر التأسيسى لمصر الحرة المسيطرة على كامل أراضيها يمكن أن يفتح أبوابا لأخطار على سلوك الأجيال المستقبلية، أقله خطر إشاعة ثقافة المصلحة الذاتية الضيقة، والبحث عن المكاسب المادية المباشرة فقط، وهى أفكار شديدة الخطورة على فكرة الانتماء للأفكار الكبرى وللجماعة الوطنية، وهى أفكار يجب استعادة تعليمها عبر مؤسسات صناعة الوعى المتعددة بما فيها الوسائط التكنولوجية الحديثة، بل ألعاب الأطفال البسيطة وأغنياتهم المرحة.
ولفنون الطفل  وعلى رأسها المسرح أدوار غائبة فى هذا الشأن، بل يحتاج الشباب الذى تعرضت طفولته لموجات متعاقبة متلونة متعددة المظاهر من التجاهل والتهميش لتاريخه الوطنى الحديث، أقلها خطرا عرض المواد الفنية ذات الصلة بطريقة تقريرية غير جاذبة وغير ممتعة ولا يمكن لها أن تستقر فى الوجدان، تحتاج أجيال جديدة إذن لمن يصلح لها ثقوب الذاكرة ويصحح المفاهيم الملتبسة ويمنع عنها الاضطراب فى العاطفة الوطنية، خاصة مع إدارة الصراعات السياسية فى مصر الآن بطرق مبتكرة جوهرها التوازن بين الثوابت الوطنية وضرورة الحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعى أثناء عملية التغيير الشاملة.
ولذلك فمن الضرورى وضع انتصار السادس من أكتوبر المجيد فى ذاكرة  الأجيال القادمة عبر برامج جادة منظمة وكثيفة الطابع من خلال التنسيق بين مؤسسات صناعة الوعى فى الدولة والمجتمع المدنى.