
محمد جمال الدين
موت «چَنَى» مسئولية من؟
ماتت الطفلة الصغيرة «چني» فأراحت واستراحت من جراء ظلمنا لها نحن البشر ولطفولتها التى لم تتشكل بعد.. معاناة «چني» بدأت مع طبيب لم يرع ضميره الطبى والقَسَم الذى أقسم عليه عقب تخرجه فى كلية الطب، مروراً بمستشفى لم يلتزم بقرارات وزير الصحة بضرورة استقبالها فى المستشفى نظرًا لحالتها الطبية الطارئة، سواء كان حكوميًّا أو خاصًّا أو تابعًا لمؤسسة أهلية، ثم عاد وردد مسئولو هذا المستشفى أكاذيب على والد الطفلة بأنه يقف أمام المستشفى ليتاجر بمرض ابنته فى الإعلام.
لم يرحموا الطفلة أو والدها الذى لم يدخر جهدا فى علاج فلذة كبده، ولم تشفع له توسلاته التى عرضت على شاشات الفضائيات، ولم يستجب لها نائب فى البرلمان أو وزير فى الحكومة أو حتى غفير، حتى كانت إرادة الله التى تدخلت لترحم الطفلة من عذاب البشر وقسوتهم التى تفوق فى حدتها وقسوتها آلام مرض السرطان الذى ابتليت به.
فى البلاد التى تحترم الإنسان وتعرف ما له وما عليه لا بد أن يكون موت «چني» سببا فى فتح الباب على مصراعيه لمناقشة وبحث كل ما له علاقة بالعلاج والطب فى مصر، وهذا ما يجب أن نقف أمامه ونأمله، ونبحثه بدقة حتى يكون درسا لنا ولكل الجهات المعنية بالإنسان والإنسانية فى مصر، بداية من وزير الصحة الرجل المكلف برعاية صحة وعلاج عموم المصريين، الذى لم نسمع أو نقرأ له ولو تصريحا واحدا فى هذا الشأن، رغم أن سيادتك تعلم قبل غيرك الحال المزرى الذى وصل إليه حال المستشفيات فى مصر سواء كانت حكومية أو خاصة أو حتى تعليمية وما يحدث فيها من إهمال وقتل خطأ ومشاجرات فى غرف العمليات، ويكفى أنك لم تطلب من أجهزة وزارتك التحقيق مع المسئولين عن المستشفى الذى رفض استقبال «چني» متحدين بذلك قرارك الذى اتخذته بضرورة استقبال الحالات الطارئة والذى خرجت مسرعًا تبشر به رجال الإعلام والفضائيات وكأنه أكبر إنجازاتك، إلا إذا كان فى الأمر سِرٌّ لا نعلمه أو أن قراراتك تطبق حسب الهوى وعلى مستشفيات دون أخرى.. سيادة الوزير أتمنى أن تفوق من غفوتك وتهتم بوضع منظومة صحية سليمة يخضع لها الكبير قبل الصغير، وإلا فلتعد إلى عيادتك أو منزلك أو لأى مكان آخر، لأننا هنا نتحدث عن الصحة وليس عن أمر كمالى أو ترفيهى أو عن رشاوى وفساد وإهمال ميز دولاب العمل فى وزارتك.
أما نواب الشعب الذين فوضناهم فى إدارة شئوننا العامة والتى منها الصحة بالطبع فلم نسمع لهم صوتًا سواء كان مؤيدًا أو معارضًا فى موت طفلة بريئة بسبب تعنت وجبروت البعض ممن يعملون فى مهنة الطب، اللهم إلا البيان العاجل الذى تقدم به النائب «أحمد عبده الجزار» لوزير الصحة عن الواقعة مطالبا فيه الوزير بكشف حقيقة ما حدث للرأى العام ومحاسبة المسئولين إن كان هناك تقصير. (ملحوظة).. بيان عضو البرلمان صدر بعد وفاة الطفلة، ولكنه نبه من ناحية أخرى عن حالات الإهمال التى يعانى منها المواطن المصرى فى جميع المستشفيات الحكومية، وهو الشيء المعلوم لوزير الصحة وللنواب أيضا، الذين وللأسف لم نر منهم تحركا يذكر بعد فى رعاية المصريين صحيا، إلا بعد وقوع الكارثة وفوات الأوان.
نأتى إلى المستشفى الذى حرم طفلة من تلقى العلاج بحجة أنها تلقت علاجا فى الخارج وبروتوكول المستشفى يمنع ذلك، نقول: هذا المستشفى ليس ملكا لمن يديرونه وإنما هو مِلك لكل المصريين الذين تبرعوا له بملايين الجنيهات والتى من خلالها تأخذون رواتبكم، لذا يعد رفضكم استقبال الطفلة جريمة مهنية وأخلاقية تستوجب حسابكم من قبل الدولة والشعب الذى يجزل التبرع لكم، ومن نقابة الأطباء التى لم نرها تفتح ولو تحقيق واحد فيما حدث، بعيدا عن دورها فى مساندة الأطباء رغم حالات القتل الخطأ والإهمال التى انتشرت هذه الأيام، لهذا لم يكن مستغربا ألا نسمع عن إجراء واحد تم اتخاذه من قبل أى جهة فى الدولة ضد المخالفين من الأطباء لقوانين مهنة الطب وآدابها، وليرحم الله «چني» التى لم تجد من يحنو عليها.>