
محمد جمال الدين
محاولات للفهم!
فى حياتنا اليومية نمر بالعديد من المواقف، البعض منها لا نعيره انتباهًا ونمر عليه مرور الكرام، والبعض الآخر يتطلب منا التوقف أمامه لتأثيره المباشر على حياتنا فنسعى لمحاولة فهمه ومعرفة طرق وأساليب مواجهته، لعل وعسى يغير من حياتنا شيئًا، التى تعثرت بفعل الظرف الاقتصادى الصعب الذى تمر به البلاد، من أجل هذا قررت أن أحاول فهم ما يجول حولى وبخاطرى من مشاكل وأزمات تمر بى بصفتى مواطنا مصريا للتعرف على أسبابها لأن مجرد طرحها قد يكون مفيدًا لى ولغيرى.. الأسطر التالية تتضمن نماذج وأمثلة لبعضها فقط نظرا لظروف المساحة.
حاولت أن أفهم السر فى رفع مكافآت أعضاء مجلس النواب بـ10 آلاف جنيه (حتة واحدة) دون باقى خلق الله من عموم الشعب المصري، الذى لم يصرف أغلبه سوى مبلغ 130 جنيهًا بالتمام والكمال رغم ارتفاع أسعار السلع على الجميع، اللهم إلا إذا كان أعضاء مجلس النواب لهم ميزة ينفردون بها عن باقى الشعب (بعيدا عن الحصانة طبعا)، ألم يكفهم عدم تحصيل ضرائب على ما يتقاضونه من البرلمان من أموال طبقا للائحتهم الخاصة التى هى بالمناسبة من صنع أياديهم ومن بنان أفكارهم؟!
حاولت أن أفهم السبب وراء عدم تقديم أى استجواب فى دوريّ الانعقاد الأول والثانى للبرلمان وكأن كل الأزمات والمشاكل فى مصر انتهت ولا تستدعى استخدام أداة مهمة من أدوات الرقابة التى يتيحها القانون لنواب البرلمان، وفى النهاية يطالبون الوزراء بتقديم معلومات وافية لهم مثل التى تعرض أمام الرئيس متناسين أنهم ممثلو الشعب الذين يستمدون منه السلطة والشرعية.
حاولت أن أفهم سبب عدم قيام أجهزة الدولة، خصوصًا الرقابية منها، بدورها على الوجه الأكمل محتذية فى ذلك برجال الرقابة الإدارية الذين يعملون وفق نظام الهيئة التى تضع نصب أعينها شعار «مصر دائمًا» فهم يقومون بعملهم فى مطاردة الفسدة والمفسدين ومصاصى دماء الشعب بكل همة ونشاط للقضاء على وباء الفساد الذى استشرى فى جسد المجتمع ولم يعد هناك بد سوى القضاء عليه وتطهير البلد من رجاله.
حاولت أن أفهم السر فى فشل وزارة الداخلية فى العثور على وزير الداخلية الأسبق «حبيب العادلي» وكأن الرجل يرتدى «طاقية الإخفاء» لدرجة وصل معها الأمر أن محاميه الخاص صرح بأنه لا يعرف مكانه، رغم اعترافى واعتراف الجميع بالدور النشط والفعال الذى تلعبه أجهزة البحث الجنائى فى العثور على المجرمين والهاربين والمطلوبين أمام القضاء حتى ولو كان بدرجة غفير وليس وزيراً!
حاولت أن أفهم حقيقة ما طلبه أحد شيوخ السلفية بضرورة ضم الشيخين «ياسر برهامى ومحمد حسان» إلى المجلس القومى لمواجهة الإرهاب والتطرف بحجة أن الشيخين مشهود لهما بالاستقامة والمحافظة على الوطن وأنهما قدوة لشباب الإسلام الوسطى الصحيح وتلاميذهما هم الأبعد عن التطرف، وتناسى هذا الشيخ أغرب فتاوى الرجلين بعدم جواز تهنئة المسيحيين فى أعيادهم.. إنه مجلس لمكافحة الإرهاب والتطرف يا مولانا الذى أسستموه أنتم ومن هم على شاكلتكم.
حاولت أن أفهم سر انقطاع الكهرباء فى مطار القاهرة فى واقعة لم أر لها مثيلاً فى مطارات العالم، والأدهى أن نعرف من خلال التحقيقات أن المولدات الكهربائية المفروض أن تعمل أتوماتيك فى حال انقطاع التيار هى أيضا لا تعمل.. ما حدث فى المطار يجعلنا نطالب بأعلى صوت بضرورة البحث عن الخلايا النائمة فى جميع جهات العمل المصرية ولنبدأ بالعاملين فى المطار البوابة الأولى للقادمين إلى مصر.
حاولت أن أفهم ما سبب روح القوة والبلطجة والاعتراض على الحكام التى تمكنت من العديد من لاعبى كرة القدم فى مصر وتحديدا فى الأهلى والزمالك والتى ظهرت بقوة فى البطولة العربية المقامة الآن فى مصر من لاعبين مثل باسم مرسى وشيكابالا وصالح جمعة وحسام عاشور وغالى كمان.. بالمناسبة لو كانت البطولة رسمية ما فعل أى منهم هذه التصرفات التى تسيء إلى أنديتهم قبل أن تسيء إليهم.
وأخيرا حاولت أن أفهم ما حاولت أن أفهمه فاتضح لى أن السبب يعود إلى غياب الشفافية فى جل التعاملات، سواء مع بعضنا البعض كأفراد أو كجهات حكومية فقررت بينى وبين نفسى أن أعتمد منهج عدم الفهم حتى أريح وأستريح.