الأربعاء 23 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الذين ذبحوا «الطبقة الوسطى»!

الذين ذبحوا «الطبقة الوسطى»!


تبدو مصر فى الإعلانات التى تذاع على شاشات الفضائيات خلال شهر رمضان كأنها بلدان: «مصر العشة»، و«مصر القصر»!.. تدعو الإعلانات عدداً كبيراً من المواطنين للعيش فى منتجعات راقية، الحياة تبدو فيها من خلال ما نشاهده وكأنها الجنة، أينما توجهت فيها ترى الخضرة والماء والوجه الحسن، تغمرك الراحة وتحيطك الفرحة وتملؤك السعادة، فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين.

لو شاهد «أجنبي» هذه الإعلانات، لتبادر إلى ذهنه - على الفور - أننا بلد بلا أزمات، نبحث فقط عن الرفاهية ونسعى إليها، أموالنا لا تعد ولا تحصي، ليس بيننا فقير ولا محتاج.
فى المقابل تظهر إعلانات الحض على التبرع من أجل الفقراء، الذين يعيشون كما ظهروا فى الإعلانات فى بيوت هى أقرب إلى العشش، لا يتمتعون فيها بالحد الأدنى للمعيشة الإنسانية. لا ماء نقياً يشربونه، ولا طعام كافياً يأكلونه، ولا علاج لأمراضهم يجدونه.. حياة تعيسة بائسة، ليس فيها إلا الأحزان والدموع، تنعدم فيها الابتسامة، وتختفى الفرحة، وتستحيل معها السعادة.. ولو رأى أى إنسان غير مصرى هذه الإعلانات لتأكد أننا نعيش تحت خط الفقر بكثير، وأننا شعب بائس يائس، تحيطه الدائرة الجهنمية المكونة من الفقر والمرض والجهل، أى البلدين نحن؟.. وأى مصر من الاثنين نعيش فيها؟.. وهل ثمة مصر ثالثة لم تظهر فى الإعلانات؟
بين الأثرياء «أصحاب الأموال الذين تخاطبهم إعلانات المنتجعات»، وبين الفقراء المعدمين «الذين تحاول إعلانات أخرى جمع تبرعات لهم»، اختفت الطبقة الوسطى من الخطاب الإعلانى إلا قليلا.. وحتى هذا القليل ظهر معظمه بصورة سيئة رجال ذوو رائحة كريهة تنفر منهم زوجاتهم، أو عديمو الحس يلطخون أرضيات المنزل بأحذيتهم عمدا.
لا أنكر أن الطبقة الوسطى تتراجع فى مصر منذ سنوات عديدة نتيجة سياسات نظام سابق، وأن غلاء الأسعار أكل مدخراتها، وأن دخل أفرادها تراجع بشدة، مما جعل عددا غير قليل منهم ينحدرون نحو الطبقة الفقيرة، وجزء من الأخيرة تحرك فى اتجاه الطبقة المعدمة.. فهل وضعت الإعلانات يدنا على أزمة مجتمعنا، وأننا نعيش بين طبقتين إحداهما مرفهة، والأخرى معدمة؟.. وهل يُمكن إصلاح هذا الوضع المختل؟
مثلا.. هل يُمكن أن تزيد الضرائب على ساكنى المنتجعات والكمبوندات؟ وألا يحظوا بدعم الكهرباء والغاز والماء ماداموا قادرين على شراء منازل، وفيلات وشاليهات بالملايين؟.. وهل يمكن أن تبدأ الحكومة برفع دعم المحروقات والبنزين عن كل من يمتلك مسكنا ثمنه عدة ملايين، قبل أن يتم رفعه عن الطبقة الوسطى والفقراء، أليس هؤلاء امتلكوا ثرواتهم داخل مصر؟.. فلماذا لا يساهمون فى إنقاذ اقتصادها ورفع شأن فقرائها؟.. هذه مجرد اقتراحات للحكومة للاستفادة من الظاهرة، التى كشفت عنها الإعلانات فى رمضان. 