
أسامة سلامة
الجريمة «المضاعفة».. نسيان أطفال أوتوبيس الدير!
انفض سرادق العزاء، وذهب كل مُعزٍ إلى حاله.. وسائل الإعلام بحثت عن قضايا أخرى مثيرة تجذب بها المشاهدين والقراء.
الحكومة شغلتها مهام كثيرة داخلية وخارجية صعبة وخطيرة. الكنيسة اهتمت باجتماع المجمع المقدس والقضايا المطروحة فيه وخلافات الأساقفة ومحاولات الإصلاح الكنسى والملفات العديدة المفتوحة، التى يدور حولها النقاش داخل الكنيسة وخارجها.
الأزهر أصدر بيانا قويا ثم انصرف لحاله وقضاياه.
فقط هم الذين بقوا مع أحزانهم وآلامهم وجروحهم التى لن تندمل بسهولة.
عن أطفال حادث المنيا الإرهابى، الذى وقع منذ أسبوعين فى طريق دير الأنبا صمويل؛ أتحدث. هؤلاء الأطفال الذين رأوا آباءهم وأمهاتهم وهم يُقتلون غيلة وغدراً أمام أعينهم، منهم من فدته أمه وخبأته تحت كرسى الأوتوبيس وحجبته عن أعين الإرهابيين بالحقائب قبل أن تستشهد، ومنهم رأى طلقات الرصاص وهى تخترق أجساد أبيه وأخيه وعمه وخاله وجاره وتسرق منهم الحياة، وتبعدهم عنه إلى الأبد.
ماذا فعلنا لهؤلاء الأطفال؟ ولماذا نسينا واجبنا تجاههم؟ لا أقصد هنا الواجب المالى فقط رغم أهميته، ولكنى أعنى كيف نعالجهم نفسيا من آثار الحادث الدموى الرهيب؟ من المؤكد أنهم يحتاجون إلى رعاية صحية حتى يعود لهم التوازن النفسى مرة أخرى. التجربة المريرة التى مروا بها أقسى من أن يعبروها وحدهم فهم يحتاجون إلى مساعدات عاجلة. كنت أتصور أن الزيارات من جميع الجهات المعنية لهم لن تنقطع وأنهم سيكونون محور الرعاية والاهتمام حتى يخرجوا من الأزمة النفسية التى ستلازمهم طويلا. لماذا لم يزرهم وفد من المجلس القومى للطفولة والأمومة مصطحبا معه أطباء نفسيين يجلسون معهم ويقيِّمون حالتهم، وهل يحتاجون إلى علاج نفسى مطول أم جلسات بسيطة وعلى فترات؟
أليس من مسئولية المجلس رعاية هؤلاء الأطفال، ومن غيرهم أولى بالعناية والاهتمام؟!
الأمر نفسه ينطبق على وزارة الصحة التى كان من الواجب عليها أن ترسل قافلة طبية للكشف على هؤلاء الأطفال وعلاجهم مما أصابهم جراء الحادث البشع. لماذا لا تقوم كل جهة بواجبها تجاه هؤلاء الضحايا؟! أتمنى أن تقوم وزارة السياحة بتنظيم رحلات لهم يشاهدون فيها بلدهم ويعرفون كم هى جميلة ورائعة وتستحق الانتماء إليها، وأن تساعدها فى ذلك وزارات الشباب والتعليم والتضامن الاجتماعى. لديَّ أمل أن يقوم الأزهر والأوقاف بزيارة هؤلاء الأطفال بالتعاون مع الكنيسة والحديث معهم وشرح أن الإسلام بريء من هذه الجريمة وأنه دين المحبة والسلام وليس دين القتل والكراهية، إننى لا أريد أن نشارك جميعا فى الجريمة التى ارتكبها الإرهابيون بأن نترك أطفال الضحايا لمصيرهم.
ما أقوله هنا ينطبق أيضا على كل أطفال ضحايا العمليات الإرهابية من أبناء ضباط وجنود الجيش والشرطة والمدنيين مسلمين ومسيحيين والذين يجب أن تشملهم كل الوزارات والمجالس والهيئات المعنية بالرعاية الواجبة حتى نخفف عنهم آلام الفقد، ونهيئ لهم مستقبلا مشرقا يستحقونه بقدر تضحيات أبائهم.