الأربعاء 23 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البيان الذى انتظرناه من رئيس الجمهورية

البيان الذى انتظرناه من رئيس الجمهورية


انتظرت ثلاثة أيام أملا فى أن يصدر الرئيس محمد مرسى بيانا حول حادث السويس.. يهدئ فيه الشارع ويؤكد أن الدولة ومؤسساتها لن تصمت على هذه الجريمة مهما كانت انتماءات وأفكار مرتكبيها.
 
منذ وقوع الجريمة وقبل القبض على الجناة سادت حالة من الخوف فى الشارع المصرى، هل أصبحنا عرضة لهجمات متطرفين يعتدون على أولادنا وبناتنا لمجرد هوس دينى تملكهم وهيأ لهم أنهم ظل الله على الأرض.. ويده لإشاعة الفضيلة حسب رؤاهم الخاصة؟!
 

 
صحيح أن وزير الداخلية أكد بعد القبض على الجناة أنهم لا ينتمون إلى تيارات دينية أو أحزاب سياسية، ولكنه قال الأخطر.. إنهم فقط «ملتزمون دينيا ومتدينون»، وهى عبارة أرفضها تماما.
 
هؤلاء الجناة ليسوا ملتزمين ولا متدينين والإسلام يمنع الاعتداء على الآخرين ولم يعط لأحد وصاية على المجتمع.
 
كلمة وزير الداخلية تعطى أى مواطن رخصة الاعتداء على الآخرين، إذا رأى أنهم يرتكبون من وجهة نظره أمورا تخالف الدين، كلمة تجعل التدين والالتزام مرادفا للقتل والاعتداء.
 
أعتقد أن الوزير حاول تهدئة الشارع وإزالة مخاوفه فوضعه دون قصد فى دائرة الرعب.
 
 

 
لقد شعر المواطن بالخوف من عودة جماعات كانت فى أواخر التسعينيات تعتدى على دور السينما والمسرح.. وتحرق نوادى الفيديو - التى كانت منتشرة وقتئذ - وتعتدي على كل من يخالف تعاليمها وأوامرها، ولكن نفى وزير الداخلية بانتساب هؤلاء القتلة إلى جماعات دينية يثبت أن هناك أشياء لابد أن نتحسب لها، ما الذى يجعل ثلاثة شباب عاديين - حسب كلام وزير الداخلية - يعتدون على شاب يسير مع خطيبته أو حتى كان الاثنان فى وضع غير لائق - «وهو كلام أشك فى صحته ومحاولة من القتلة لتبرير جريمتهم».
 
ومن أين نبتت وترعرعت داخلهم هذه الأفكار الشريرة؟
 
لقد قال الوزير إن كثيرا من الإعلاميين تحولوا إلى رجال مباحث وألصقوا القضية إلى جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وأنه لا وجود لهذه الجماعة.. ويبدو أن الوزير لا يعرف أن هناك صفحة على «الفيس بوك» باسم هذه الجماعة وأنه تم إغلاقها بعد القبض على الجناة الثلاثة، إننى لا أتهم الجماعة بارتكاب الجريمة، لكن يظل الأمر محل تساؤل هؤلاء الملتزمين دينيا والمتدينين، حسب تعبير الوزير: ما الذى دفعهم إلى ارتكاب الجريمة ومن الذى غذى لديهم فكرة أنهم يصلحون المنكر بأيديهم وليس عن طريق أولى الأمر؟.. إن محاولة تهدئة مخاوف قطاع عريض من الشارع من استغلال بعض التيارات صعود الإسلام السياسى ووصول د. محمد مرسى لرئاسة الجمهورية لن تكون بمسكنات أو محاولة تخفيف الأمر، ولكن بالمواجهة والشفافية، وإعلان الحقائق، ومن هنا كنت أتمنى أن يصدر د. مرسى بيانا بعد الحادث.. يوضح فيه أنه لا أحد فوق العقاب، وأن الأمن سيعود إلى البلاد.. وسواء كان المجرمون ينتمون إلى فصيل إسلامى أم كانوا من المندسين بينهم أو المنتحلين لصفاتهم، فإنهم سينالون الجزاء.. كنت أتمنى من د. مرسى أن يقول إننا سنتصدى بكل حزم لكل من يحاول إثارة الرعب أو يحاول فرض رؤاه باسم الدين على الآخرين، لكنه لم يفعل.
 
لقد انتشرت فى الآونة الأخيرة ظاهرة سيئة وهى الاعتداء باللفظ والتهديد والوعيد للفتيات غير المحجبات سواء كن مسيحيات أو مسلمات.. وهؤلاء المعترضون معظمهم لا ينتمى لجماعات دينية أو مجموعات منظمة.. ربما أشعل حماسهم الزائد والزائف وصول د. مرسى إلى الرئاسة.
 
كنت أتمنى أن يبحث رئيس الجمهورية خطورة ما يحدث في الشارع الآن وأن يقدر جسامة حادث السويس، فهى ليست جريمة عادية، وإنما تمس إحساس المواطن العادى فى كل الجمهورية بالأمان، وكون المتهمين يتمسحون بالإسلام ويحاولون إضفاء مسحة دينية عليهم يجعل المسئولية أكبر على عاتقه.. نحن هنا لا نتحدث عن رئيس فرعون يتدخل فى كل أمر وإنما لخطاب مرسى فى هذه الواقعة شأن مختلف لكون المتهمين ينتمون حقا أو زيفا إلى تيار دينى، وبوصوله للحكم ربما شعرت هذه الفئة بالاستقواء فى الشارع، أتمنى بالفعل أن يكون المتهمون بلطجية، فهذا أهون كثيرا من كونهم متشبعين بأفكار متطرفة، وفى كل الأحوال كان بيان د. مرسى قادرا على تهدئة المخاوف ويخفف أحزان أسرة بسيطة فقدت ابنها.