
أسامة سلامة
وقائع «اغتصاب مصر»
هذه أكبر جريمة تمت فى حق مصر.. مجموعة من المجرمين أهانوا الشعب المصرى وزيفوا إرادته واستباحوا القوانين.. وانتهكوها.. وعملوا على إشعال الحرائق وإثارة الفتنة فى المجتمع.
أتكلم هنا عما شاب الانتخابات من تزوير وخروقات وانتهاكات وأعمال تمثل جرائم متعددة.. يجب معاقبة مرتكبيها مهما كان وضعهم أو انتماءاتهم.. أو حصانتهم.
ما حدث لا يمكن الصمت إزاءه أو التغاضى عنه، فالجرائم التى ارتكبت ستؤدى بالبلد إلى كارثة ستظل آثارها السلبية موجودة لفترة ليست بالقليلة أقلها أن الرئيس القادم سيأتى مشكوكا فى شرعيته.
أكتب هذا المقال قبل إعلان النتيجة وتحديد الفائز أو إبطال الانتخابات وإعادتها ولكنها أفعال ثابتة ومؤكدة وبعضها موثق .
أخطر هذه الجرائم ما يتردد بشأن طبع ما يقرب من مليون بطاقة اقتراع زيادة فى المطابع الأميرية وتسويدها لصالح المرشح الإخوانى د. محمد مرسى.. ورغم أن التحقيقات فى هذه الواقعة لم تنته حتى كتابة هذه السطور، فإن الأمر لن يخرج عن احتمالين كليهما يمثل جريمة كبرى، الأول أن تكون هناك أوراق بالفعل تم طبعها لصالح مرسى بغرض تزوير الانتخابات، وهو ما تؤكده حملة الفريق أحمد شفيق التى تقول إن هناك ما يقرب من 3 ملايين صوت تم تسويدها لصالح مرسى بينها 008 ألف تم طبعها فى المطابع الأميرية، وإذا ثبتت صحة هذا الكلام.. فإن التحقيقات لا يجب أن تتم فقط مع بعض عمال المطابع الأميرية المتورطين فى الجريمة،ـ إن ثبت ذلك ـ لكن يجب أن يمتد الأمر إلى كل قيادات جماعة الإخوان وأعضاء مكتب إرشادها، فلا يمكن أن تتم مثل هذه الواقعة بإرادة منفردة من عضو أو اثنين من الجماعة، ولكن بموافقة جميع القيادات وأولهم د. محمد بديع مرشد الإخوان ود. محمد مرسى الذى من المحتمل أن يكون رئيسا بالتزوير.
الاحتمال الثانى أن تكون الواقعة كاذبة، وهنا أستعيد ما قاله عمال الأميرية خلال مظاهراتهم وقطعهم الطريق يوم الخميس الماضى: لماذا تم طبع أكثر من نصف أوراق الاقتراع خارج الأميرية لأول مرة فى الانتخابات وبالتحديد فى مطابع الشرطة.. مشيرين إلى أنهم لن يكونوا كبش فداء ومطلوب من اللجنة العليا للانتخابات الإجابة عن سؤال عمال الأميرية وتوضيح لماذا تم طبع بطاقات الاقتراع لأول مرة بعيدا عن الأميرية؟!
الإخوان المسلمون يقولون لا علاقة لنا بالبطاقات المزورة ويشيرون إلى أن جهات أمنية وراءها.. وفى كل الأحوال، فإن هناك أوراقا تم ضبطها ومن زورها يجب ألا يفلت من العقاب.
علما بأنه من السهل للغاية معرفة الجانى، وعندما سألت بعض خبراء المطابع أكدوا أن مراحل تجهيز وطبع استمارات الانتخابات تكشف الجريمة إن وجدت، حيث تنقسم عمليات الطباعة إلى ثلاث مراحل، الأولى تتم فيها طباعة تذاكر الانتخابات مجمعة على أفرخ عن طريق ماكينات طبع تعمل بنظام اللفات مجهزة بأجهزة قص وهذه الماكينات مجهزة بتكنولوجية حديثة وبها عدادات لبيان الكميات المطلوبة من المطبوع.
الثانية تتم خلالها ترقيم الاستمارات بأرقام مسلسلة ويتم تجميعها فى دفاتر وختمها بالأختام المضغوطة وذلك بأقسام التجليد.
الثالثة يتم تغليف الدفاتر على ماكينات تغليف بلاستيك ثم توضع داخل كراتين وتغلف أيضا على ماكينات التربيط البلاستيك تمهيداً لإرسالها للمناطق.
وبهذا فإنه من خلال عدادات البيانات الخاصة بالكميات المطبوعة وترقيم الاستمارات يسهل معرفة متى تم طبع الكميات الإضافية ومن أى ماكينات وهل فى الأميرية أم خارجها.
الجريمة الثانية هى الأقلام التى يتطاير حبرها بعد فترة قصيرة وتعود الورقة بيضاء كما كانت، وتداولت فى هذا الشأن عدة روايات عن القبض على مجموعة وهى توزع هذه الأقلام أمام اللجنة بقصد إبطال أكبر قدر من بطاقات الاقتراع بعد التصويت، وقيل فى بعض وسائل الإعلام إنه تم القبض على مستوردها.
ولكن حتى الآن لم تعلن جهات الأمن وجهات التحقيق عن الملابسات، محامى الفريق شفيق قال إن هناك أكثر من مليون صوت باطل، 07٪ أي ما يقرب من .007 ألف صوت منها أوراق بيضاء وطالب بإحالتها إلى الطب الشرعى لمعرفة هل تم محو حبرها وتطاير أم لا.
من المستفيد من هذه الواقعة؟ وإذا كانت غير حقيقية فمن المسئول عن ترويجها؟!
إن كثيرا من الأمور لابد من توضيحها للشعب المصرى مثل: هل تم القبض فعلا على من يقومون بتوزيع هذه الأقلام وإلى أى جهة ينتمون؟ وهل فعلا تم القبض على مجموعة ومعها سيديهات لاقتحام القصر الجمهورى إذا فاز شفيق وإلى أى شىء انتهت التحقيقات؟ كيف يمكن أن يقوم أنصار د. مرسى بوضع البطاقات المزورة المطبوعة فى الأميرية فى صناديق الانتخابات؟ وهل تواطأ معهم القضاة فى بعض اللجان؟ وكم عدد هؤلاء القضاة إن كان ذلك صحيحا؟ وهؤلاء ماذا سيجرى بشأنهم: هل يكفى إحالتهم إلى عدم الصلاحية وإبعادهم عن القضاء أم أنهم مجرمون ارتكبوا تزويرا ويجب التحقيق الجنائى معهم مهما كان عددهم وهل تواطأ بالفعل موظفون فى اللجان العامة وكتبوا فى تقاريرهم أرقاما غير صحيحة لصالح د. مرسى، خاصة أنه نشرت أخبار حول التحقيق مع موظفين بالفعل ثم اختفى الخبر ولم يتم الإعلان عنه مرة أخرى ولا تفاصيل التحقيقات.
لقد طعن كل مرشح على الانتخابات وقالوا إن هناك بطاقات اقتراع تزيد أو تقل فى بعض الصناديق عن عدد الناخبين الحاضرين.. وهو ما يعنى أن هناك يدا عبثت فى هذه الصناديق،فكيف لم يقم القضاة بإبطال هذه الصناديق طبقا للقانون، الطعون تقول أيضا إنه تم التصويت لبعض المتوفين وتكرار تصويت بعض الناخبين وتوجيه موظفين وقضاة للناخبين لصالح مرشح بعينه، واستخدام الورقة الدوارة وشراء الأصوات، وكلها أفعال تمثل جرائم خطيرة تعبث بالعملية الانتخابية كلها وتبطلها.
الجريمة الثالثة إعلان النتائج بالمخالفة للحقيقة، وإذا كان ما أعلنه الإخوان غير صحيح وأنهم أضافوا أرقاما لمرشحهم وخصموا أرقاما أخرى من المرشح المنافس لهم وأوهموا المواطنين بأنهم حصلوا عليها من اللجان الفرعية والعامة ونشروا ما يفيد ذلك، فإننا أمام جريمة تزوير فى أوراق رسمية فيما يخص محاضر اللجان.. والأخطر أنهم بذلك يحاولون إثارة الجماهير بأكاذيب، نفس الأمر مع حملة شفيق التى لم تعلن أرقاما تفصيلية، ولكنها قالت إن مرشحهم حصل على 25٪، وهو ما يؤدى إلى نفس النتيجة، إذ إنه تم خداع المواطن ببيانات كاذبة.
الجريمة الرابعة: خطيرة.. وهو ما أعلنه البعض فى وسائل الإعلام من أن الإخوان منعوا المسيحيين من التصويت فى بعض قرى الصعيد حتى لا تذهب أصواتهم إلى شفيق.
هذه هى جريمة السكوت عنها جريمة أكبر.
منع مواطنين مصريين من حقهم فى اختيار رئيسهم وإبداء رأيهم هو نهاية وطن وإعلان وفاة الدولة المدنية، وإذا لم يتم التحقيق فى هذه الجريمة ومعاقبة المتورطين فيها سواء كانوا أفرادا من هذه القرى أو امتد الأمر إلى قيادات الإخوان، فإن ذلك إقرار من القائمين على أمر البلد بأن هناك مواطنين مصريين حقوقهم منقوصة أو يحصلون عليها بأمر مواطنين آخرين، وأن الحقوق على الهوية وليس بالجنسية، أما إذا كانت الوقائع كاذبة ولم تحدث، فإن من أطلق الشائعة يهدف إلى تكدير السلم العام، وإشعال الفتنة الطائفية، وليست هناك جريمة أبشع من حرق وطن يبنى مستقبله، بينما هناك من يقتله حتى يصعد على جثته إلى كرسى الرئاسة.
سواء أعلن فوز د. محمد مرسى أو الفريق أحمد شفيق أو تم إبطال الانتخابات وإعادتها، فإن مصر لن تصبح دولة لها مستقبل إلا إذا تم التحقيق فى هذه الجرائم البشعة وعقاب من ارتكبوها، أما إذا تم التغافل والتجاهل والصمت أو تقديم البسطاء ككبش فداء عن الكبار، فإننى أذكرهم بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إنما هلك قوم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد». لا تهلكوا مصر ولا تخافوا وقدموا المجرمين مهما كانوا إلى المحاكمة.