
أسامة سلامة
رئيس.. ترفضه الأغلبية
قالت لى مثقفة وصاحبة دار نشر التقيتها صدفة.. إنها ستنتخب عدوا.. وستضطر لاختيار العدو الأقل شراسة، وقال لى صديق صحفى: هل يختار الإنسان بين الكوليرا والطاعون.. ربما يكون الأول أفضل لأنه يوجد له علاج إذا تمت مواجهته سريعا.
وضحكت صديقة صحفية وهى تسخر عندما تكون مهددا بالدهس من شاحنة كبيرة وسيارة صغيرة أختار الأخيرة.. لأن هناك احتمالا أن أصاب ولا أموت، الخيار فى انتخابات الرئاسة عند قطاع عريض من المواطنين بين السيئ والأسوأ، وهناك عدد غير قليل يدعو للمقاطعة.. ومع احترامى للاثنين المرشحين اللذين سيصبح أحدهما خلال أيام معدودة رئيسا لمصر، فإن علامات الشك التى تحيط بالاثنين تجعل كليهما محلا للرفض.
يقينا أحترم المواطنين الذين سينتخبون أحدهما، ولهؤلاء المواطنين مبررات قوية فى هذا الاختيار.. ولكن على المرشحين أن يعرفا أن الفائز منهما يمثل الأقلية، وأن الأغلبية ترفضه.. وإذا كانت النتيجة ستأتى لصالح شفيق مثلا فلابد أن يدرك أنه إذا وضعت أصوات مرسى مع الرافضين والممتنعين عن التصويت والذين أبطلوا أصواتهم عمدا، فإن المعارضين له يمثلون أغلبية الشعب المصرى ونفس الأمر إذا كانت النتيجة لصالح مرسى.
إذن كلا الرجلين إذا جاء فأمامه أغلبية ترى أنه غير جدير بالمنصب.. ولهذا فإن أمامه مهمة صعبة وهى إقناع هذه الأغلبية أنه يستحق هذه المكانة وأنه يعمل على تحقيق طموحاتهم.. وأن أهداف الثورة أمانة بين يديه، عليه أن يؤكد فعلا لا قولا أنه يمثل الأغلبية التى ترفضه الآن وأنه لا يرد جميلا لأقلية اختارته.. ليس أمام الرئيس القادم حل آخر للحصول على الشرعية الحقيقية، وليست شرعية الصندوق فقط فأصوات الأقلية التى أوصلته إلى الكرسى لن تحميه من غضب الشعب.. ولن تنجيه إذا تجاهل مطالب الثورة ولم يعمل على تحقيقها.. وإذا تصور أن المعركة انتهت مع إعلان النتيجة فإنه واهم.. فالشباب الذى ضحى بحياته ولم ترهبه طلقات الرصاص لن يصمت على ضياع الثورة ولن يعود مرة أخرى للسلبية.. ولن يسمح بعودة نظام قمعى فاسد.. ولا بحكم فاشى دينى.
إننى أقدر مشاعر وأفكار الذين صدمتهم نتيجة المرحلة الأولى من الانتخابات.. وأعرف مخاوف الأغلبية من الشعب من المرشحين اللذين وصلا للإعادة.. إلا أننى لست مع الخائفين المتشائمين.. فهذه الانتخابات ليست النهاية، ولن يستطيع محمد مرسى أن يفرض هو وجماعته أفكاره علينا ولن تتحول مصر إلى أفغانستان أو إيران أو حتى السعودية.. ولن يقدر شفيق أن يعيد نظام مبارك مرة أخرى.. ولن نسمح باستخدام نفس الآليات القديمة التى سقطت بلا عودة.. حقيقة يملك كلاهما أسلحة متعددة مثل السلطة والمال، والمنافقين الذين يصفقون لكل سلطة مهما تغيرت.. إلا أن شباب ثورة يناير لن يقفوا مكتوفى الأيدى، ومن قدموا الشهداء فى ميدان التحرير وشوارع محمد محمود ومجلس الوزراء والعباسية على استعداد لتقديم شهداء آخرين من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.. ومخاوف الكثيرين لها مبرراتها، لكننى لست معهم فى أن تسيطر عليهم هذه المشاعر لدرجة أخشى منها أن تجعلهم عاجزين عن المواجهة إذا احتجنا إليها ضد أى رئيس من الاثنين.. فلا يوجد شعب حصل على حريته دون مقاومة وتضحية.. أمامنا المشوار طويل ولابد لنا أن نمشيه.. لكن علينا ألا نخاف وأن نتذكر دائما أن الأغلبية تعارض الرئيس القادم.. ودائما الأغلبية تنتصر.