
أسامة سلامة
الطرف الثالث
اسامة سلامة روزاليوسف الأسبوعية : 26 - 11 - 2011
اكشفوا عنه أو اعترفوا بالجريمة
الطرف الثالث
«الطرف الثالث»، مسئول غائب تتردد الإشارة إليه في كل الأحداث الأخيرة.. وأصبح مرادفا للأشباح التي تنتقل بين الأماكن التي تشهد مصادمات وعنفا، ويسميها الشارع ساخرا «اللهو الخفي».
لست ضد أن تكون هناك معلومات تقول إن هناك طرفا خفيا هو الذي أطلق الرصاص الحي علي الثوار والمتظاهرين وعلي قوات الشرطة، ولكن هذا الكلام الذي ردده وزير الداخلية قبل استقالة الوزارة بنفسه وعدد من السياسيين والمفكرين لابد أن يتبعه القبض علي هؤلاء.. وإذا كانت وزارة الداخلية وعلي لسان وزيرها - القائم بعملها - أكدت أن عناصر شغب أطلقت النار علي المتظاهرين واستخدمت الأسلحة البيضاء وألقت المولوتوف.. وقال العيسوي أيضا إن قناصة فوق أسطح المباني أطلقوا النار علي الطرفين.
إذن المعلومات متوافرة والقناصة لابد أنه تم تصويرهم لمعرفتهم وأنه يمكن تتبعهم ومعرفة أهدافهم ومن وراءهم.. الأشباح التي تظهر في كل حدث تحدث عنها اللواء مختار الملا عندما قال: الشرطة لم تستخدم الذخيرة الحية أو الخرطوش.. مشيرا إلي طرف آخر عندما قال: لابد أن نضع في الاعتبار وجود خمسة آلاف مسجون مازالوا هاربين، وإذا كانت شخصية بحجم المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية، قالت إن لديها معلومات أكيدة عن تورط عناصر خارجية فيما يجري بالتحرير، فإن الثوار محاطون بمجموعة مارقة تقوم بتنفيذ مهام استخبارية سرية تهدف إلي الوقيعة بين الجيش والشعب.. فإن هذه المعلومات لابد أن نأخذها بجدية.. المؤامرة نفسها تحدث عنها الناشط شادي الغزالي الذي قال إن لديه معلومات مستمدة من ضباط شرفاء بوجود بلطجية من السيدة زينب من أنصار د. فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب السابق في نظام مبارك، تم تجميعهم ومنح كل واحد منهم ثلاثة آلاف جنيه لضرب الثوار.. كل هذا الكلام يشير إلي الطرف الثالث تصريحا أو تلميحا.. ولكن من هو؟!
لقد تردد مثل هذا الكلام في أحداث ماسبيرو، وأكده تقرير لجنة تقصي الحقائق عندما قال: هناك طرف ثالث أطلق النار علي المتظاهرين الأقباط وقوات الجيش.. وظهرت الإشارة أيضا في أحداث إمبابة والسفارتين السعودية والإسرائيلية.
منذ شهور ونحن نتحدث عن هذا الشبح ، البعض يشير إلي المسجونين في طرة وأتباعهم من الفلول الموجودين خارج السجن، آخرون يرون أيدي خارجية ومخابرات دول عربية وغربية وراء ما يحدث.
والبعض الآخر يؤكد أن هناك مؤامرة عالمية لتفتيت مصر.
وإذا كان المجلس العسكري علي لسان بعض أعضائه ووزارة الداخلية أكدت وجود الطرف الثالث، فمن المؤكد أن هناك معلومات لديهم بذلك، فلماذا لا يعلن عنها بشفافية ووضوح؟ وهل أمسكت الأجهزة ببعض المنتمين لهذا الطرف الخفي أم.. ولماذا؟!
أم أننا منذ شهور نبحث عنه ولا نجده.. يشارك في كل الأحداث ثم يختفي دون أن نلحق به؟ هل لديه القدرة علي الفرار السريع أو الاختفاء قبل أن تدركه الأبصار والأيدي، وإذا كان بكل هذه القوة غير العادية والقدرات المذهلة هل علينا أن نفتح «المندل» لكي نعرفه ونمسك به أم نلجأ إلي الشيوخ والقساوسة المشهورين بفك الأعمال والقدرة علي مطاردة الجان والأشباح؟! فربما استطاعوا أن يطردوه من جسد بلدنا كما يطردوا الجان من جسد الملبوسين بهم!
إنني هنا لا أسخر من جهود الجهات الأمنية، ولكنني أريد أن أصل إلي حل ينقذنا مما نحن فيه، فهذا الطرف الثالث يهددنا في كل وقت دون أن نحرك ساكنا.. لقد سئمنا من الكلام حول هذا الطرف الذي يسبب لنا جميع الأزمات ويجعلنا نتهم الشرطة بقتل المتظاهرين.. واستخدام الداخلية للرصاص الحي وغازات محرمة دوليا ضد الثوار، ونتهم المجلس العسكري بعدم حماية المتظاهرين.. وإذا كانت المعلومات مؤكدة فلماذا التباطؤ في القبض علي الجناة أو علي الأقل الإعلان عن هذه الجهات والأشخاص المحركين للفتنة، وفي نفس السياق أدعو المستشارة تهاني الجبالي والناشط شادي الغزالي لتقديم ما لديهما من معلومات مؤكدة إلي النائب العام وجهات التحقيق.
أمام الداخلية فرصة حقيقية لتبرئة نفسها من قتل المتظاهرين، عليها فقط أن تعلن ما لديها من معلومات أو تعترف بخطئها وارتكابها العنف المجرم، وأنها ستحاكم القتلة.
فقط نريد الحقيقة وإلا ستظل المسئولية في أعناقكم.