الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس التحرير يكتب : عودة رجال مبارك

رئيس التحرير يكتب : عودة رجال مبارك




اسامة سلامة روزاليوسف الأسبوعية : 21 - 05 - 2011


هل يعود رجال مبارك للحياة الاقتصادية والسياسية؟
هذا السؤال ليس افتراضيا، ولكنه تردد بين عدد غير قليل من المواطنين الذين انزعجوا من أنباء الإفراج المتلاحقة عن بعض المتهمين من رجال النظام السابق.. وعلي رأسهم د. فتحي سرور وسوزان مبارك وإبراهيم كامل مهندس عملية «التوريث» وزكريا عزمي، ورغم أن الأخير عاد مرة أخري إلي «محبسه» من جديد، بعد اكتشاف رجال الجهاز أدلة جديدة علي تضخم ثروته بطريقة غير مشروعة، فضلا عن مخاوف تلاعبه بمستندات الدعاوي التي لايزال رهن التحقيق بها.. إلا أن هذا الأمر لم يهدئ المخاوف لدي بعض فئات الشارع المصري.. الخروج المتتالي لبعض رجال مبارك قبل الانتهاء من محاكمتهم يعني لدي الكثيرين عودة هؤلاء الذين أفسدوا الحياة الاقتصادية والسياسية إلي الواجهة مرة أخري.
رغم أن قرارات الإفراج لا تعني عدم استمرار توجيه الاتهامات ومساءلتهم، ورغم الثقة الكاملة في القضاء المصري إلا أن المخاوف لها ما يبررها.. فالإفراج يعني أن قضاة التحقيق والمحاكمة التي تنظر تجديد الحبس رأت أن الثروة التي جنوها لها ما يبررها، ومعني هذا أن البراءة أقرب من الإدانة، وعلي سبيل المثال فإن قرار الإفراج عن زكريا عزمي، قبل قبول طعن النيابة وجهاز الكسب غير المشروع، تضمن حيثيات خطيرة، إذ قالت محكمة جنح مستأنف مدينة نصر - كما نشرت الصحف - أنها تأكدت من صحة إقرارات الذمة المالية التي قدمها بما يتنافي مع حبسه احتياطيا علي ذمة تضخم ثروته من كسب غير مشروع، حقيقة تم قبول الطعن علي قرار المحكمة، ولكن يبقي شك لدي المواطنين أن زكريا عزمي استطاع ترتيب أوراقه بشكل يؤدي إلي براءته، وهذا أمر لا ذنب للمحكمة فيه، إذ تصدر أحكامها من خلال الأوراق.
المثير أن الحكم تضمن أن ثروة عزمي جني بعضها من هدايا وأموال حصل عليها من ملوك وحكام عرب بسبب منصبه. فهل يسمح القانون بهذا أم أن هذا الأمر يمثل جريمة يعاقب عليها القانون؟ وهل مباح له الاحتفاظ بهذه الهدايا أم لا؟ وإذا كان عزمي قدم للمحكمة ما يؤيد حصوله علي هدايا وأموال من حكام عرب.. فماذا قدم هو مقابلا لها وما الخدمات التي أسداها لهم؟ وهل يبيح القانون المصري للموظف التربح من منصبه ولو كانت بأسلوب الهدايا؟.. إن هذا الأمر يحتاج إلي تحقيق عاجل..وفيما جري من تمديد حبس زكريا عزمي 30 يوما، فإنني أعتبر حيثيات حكم جنح مستأنف مدينة نصر بمثابة بلاغ للنائب العام يجب التحقيق فيه.
إنني هنا لا أعترض علي أحكام القضاء ولا أعلق عليها، فأنا أثق تماما في عدالة قضائنا، ولا أستنكر براءة أي شخص مادام قد ثبت أنه لم يرتكب جرما، ولكنني أشرح مخاوف بعض المواطنين من إفلات مجرمين أفسدوا حياتنا من العقاب بسبب قدرتهم علي ترتيب أوراقهم وهم في السلطة أو استعانتهم بخبراء ومحامين يجيدون استغلال ثغرات القوانين والتي تمكنهم من الحصول علي البراءة من التهم المالية، هذه البراءة لا تعني فقط عودتهم لإدارة أعمالهم الخاصة، وإنما أيضا للحياة السياسية، إذ إنه ليس هناك قانون يحاكم علي الفساد والإفساد السياسي.
ولهذا من الممكن أن نري رجال مبارك قد عادوا إلي قيادة الحياة السياسية وقد يؤسس بعضهم حزبا سياسيا يستعين فيه بأعضاء الحزب الوطني المنحل بحكم قضائي، وبضوابط المنتفعين من النظام السابق وربما استطاعوا الوصول إلي مقاعد البرلمان بأموالهم وعلاقاتهم العائلية وقد نراهم وهم يناقشون القوانين ويفسرونها بعد أن تعودوا - علي مدي سنوات - علي سلق القوانين وتفصيلها علي مقاس مصالحهم الخاصة!
عودة رجال مبارك ليست هاجسا مرضيا عند البعض، بل له مبرره فما الذي يمنع زكريا عزمي لو خرج من محبسه من العودة لمباشرة عمله في القصر الجمهوري؟ ومن يستطيع منع د. فتحي سرور من العمل بالمحاماة والترشح للبرلمان، بل رئاسته أيضا؟ وما القوة التي تحجب أحمد عز عن إدارة شركاته ومصانعه وممتلكاته التي صنعها بالاحتكار والاستحواذ علي السوق، خاصة أنه قال للمقربين منه إنه لا يوجد شيء يدينه وأنه سيخرج قريبا من السجن، وربما يصل ذات يوم إلي موقع أمين عام حزب سياسي أيضا.
وإذا تمت تبرئة صفوت الشريف وأنس الفقي هل سيجلسان في منزليهما أم يعودان إلي أعمالهما التجارية التي أسساها هما وأبناؤهما أثناء وجودهما في السلطة، وربما عادا إلي دوريهما السياسي.
أما أحمد نظيف فمن المحتمل أن يأتي وقت ويترأس الوزارة.
إنني هنا أتكلم عن مخاوف مواطنين فقدوا أبناءهم في سبيل إسقاط نظام مبارك، أعرف أن المجلس العسكري وأثق في أنه يحارب فلول النظام السابق، ولكن من حق أسر الشهداء أن تطمئن أن دماء أبنائهم لم تذهب هدرا.. حقيقة كل من اشتبه في تورطه في قتل المتظاهرين موجود الآن في سجن مزرعة طرة في انتظار استكمال التحقيقات، ومن تتم إدانته دون استثناء فسوف يلقي جزاءه وعقابه، إنني أثمن ما أعلنه المجلس العسكري من أنه لن يصدر عفوا عن مبارك وذلك عقب ما تردد عن نية مبارك الاعتذار للشعب المصري مقابل العفو عنه وتصريح المجلس العسكري يعني أنه لن يفلت مجرم مهما كان من العقاب، وهذا ما يطمئن المواطنين إلي جدية التحقيقات والمحاكمات، ولكنني هنا أتحدث عن جرائم متعددة، هناك جرائم فساد مالي، وهذه يمكن أن يحدث حولها نقاش مجتمعي موسع حول إمكانية المصالحة مع بعضهم واسترداد الأموال التي نهبوها بغير وجه حق مقابل العفو عنهم، ولكن مع وضع ضوابط وشروط لهذه المصالحة إن تمت الموافقة عليها ورأي الخبراء أنها لصالح الاقتصاد المصري، وهناك جرائم قتل، وهذه لا يمكن العفو عن مرتكبيها، فمن شارك في قتل المتظاهرين يجب القصاص منه، وهناك تقرير لجنة تقصي الحقائق التي أكدت ضلوع مسئولين من الحزب الوطني والشرطة في المشاركة في الاعتداء علي المتظاهرين، وتبقي جرائم الفساد السياسي هل نعفو عن مرتكبيها؟ إنني أخشي من أن يؤدي التصالح في الفساد المالي وعدم مشاركة البعض في الاعتداء علي المتظاهرين أو عدم وجود أدلة تدينهم إلي عودة هؤلاء إلي الحياة السياسية، فهل يجب أن تشمل المصالحات إن تمت عزلا سياسيا لمن أفسدوا الحياة السياسية؟.. إن هناك تقارير لمحكمة النقض تدين المزورين في الانتخابات البرلمانية والتزوير من التهم المخلة بالشرف والتي تمنع مرتكبيها من ممارسة الحياة السياسية فهل نفتح حوارا موسعا حول العزل السياسي قبل أن نجد رجال مبارك وقد عادوا إلي الحياة السياسية مرة أخري؟!