الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الجبرتى ليه؟!

الجبرتى ليه؟!


وأظن أن حاجتنا الآن لمشروع «جبرتى» جديد تقل عن حاجتنا لمشروع قومى عميق ينبت الأرض وينبت الرجال معا، وما تعيشه مصر من أحداث كبرى فى الثلاث سنوات الأخيرة يجبرنا على فعل ذلك، ويجعلنا نبحث بجدية فى أقسام التاريخ بالجامعات والكليات عن طلاب وأساتذة عشاق للتاريخ وعباقرة فى البحث والتقصى والتدوين لتسجيل أخطر وأهم 3 سنين نعيشها منذ أول ,2011 وربما يعيشها العالم أيضاً معنا ومن خلالنا، وأن نعتمد منهج الجبرتى حرفياً فى التدوين والدقة والاستقصاء مثلما ورد تماماً فى كتابه «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار»، والمشهور باسم «تاريخ الجبرتى»، والذى رصد تاريخ مصر أثناء الحملة الفرنسية وما بعدها بسنوات.
 
لماذا الجبرتى؟
 
لأن كتاب «عبد الرحمن بن حسن برهان الدين الجبرتى» المولود عام 1756م، كان يرصد ويترصد كل شاردة وواردة وهمسة وزلة وهنة وهمهمة، وكان رحالا استقصائيا يترك مكاناً أو شبراً فى أرض مصر إلا وارتحل إليه بحثاً عن معلومة أو وثيقة أو خريطة أو شخص، وكأن يسند الشهادات الى مصادر ثقة وشهود عيان، لدرجة أنه كان يفتش فى الشواهد والأكفان ويزور المدافن ليقرأ أسماء الموتى وتواريخ ميلادهم ورحيلهم ثم يبحث فى شجرة عائلاتهم عن إجابات دقيقة وأكيدة وصادقة لحدث لم يستطع هو الوصول إلى دقة وشفافية فى تدوينه!
 
كما أننا نريد أن نفك هذهِ اللخبطة التاريخية وهذا الالتباس الثورى فى تدوين الأحداث التى تعيشها مصر الآن وليس التى كان يعيشها أجدادنا الفراعنة! أو تلك التى يعيشها أهل موزمبيق! يعنى عايزين نفهم، نريد أن نكتب ونترك للأجيال القادمة تاريخا صادقاً حقيقياً لمصر خلال ثورتين بما يشرف ذلك التاريخ وبما ينتقص منه أو حتى بما يعيبه. ولأن 3 سنوات شديدة الأهمية مثل تلك التى نعيشها يجب أن نتركها هكذا للصبية وللنشطاء أو الجهلة والمغرضين والعابثين بأمن البلاد أو أولئك المدونين اللوزعيين على تويتر وفيس بوك، فليس معقولا أن حادثة واحدةً منقولة على الهواء فضائيا وصحفيا و جنائيا وحقوقيا وجماهيريا تتم كتابتها على 20 نحو أو شكل أو يزيد.
 
لماذا الجبرتى؟
 
لأنه كان عالما أزهريًا ودارسا لعلوم اللغة والفقه والفلك والحساب والهندسة شأنه شأن الفلاسفة الأقدمين، والأهم أنه أثناء دراسته الأزهرية كان رافضاً لأخلاق وسلوك بعض زملائه وأقرانه مثل افتتانهم بالدنيا وعدم إخلاصهم للعلم وحرصهم على جمع الأموال ومخاصماتهم الكثيرة مع بعضهم البعض.. ولم يدون أحداث كتابه المهم هذا فى الشأن السياسى المصرى فقط بل الاقتصادى والاجتماعى والثقافى والفنى والدينى أيضاً، وكان «الجبرتى» معارضاً لحكم «محمد على» منذ توليه السلطة وحتى انشقاقه عن الدولة العثمانية، ولهذا قتلوا ابنه «خليل» فظل يبكيه طويلا حتى فقد بصره ومات بعدها بسنوات ثلاث.