الإثنين 5 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

جريمة المساس بالذات المقدسة لنجيب ساويرس

جريمة المساس بالذات المقدسة لنجيب ساويرس
جريمة المساس بالذات المقدسة لنجيب ساويرس


تُقطع يد من تمسه.. يُقصف قلم ورقبة من يتناول هفواته وسقطاته.. بوابات الجحيم مستعدة لاستقبال من يجرؤ على المساس بذات نجيب ساويرس المقدسة أو مساحات البيزنس والإعلام والسياسة التى يلعب فيها ويسخرها جميعا كمنصات هجوم على منتقديه!

لك أن تنتقد الكنيسة أو حتى البابا ولا يمكنك العبور على سيرة «سوبر مان» الأقباط كما يراه الشباب المسيحى، وأصبحت صورته الذهنية المرسومة فى مخيلتهم للرجل أنه بطل عائد من سطور وآيات العهد الجديد وعصور الكنيسة الأولى!

طالما وضع «نجيب» قدما مع نظام مبارك الذى شهد معه تضخم ثروته ونفوذه.. حتى أن جريدة الدستور فى إصدارها الأول أغلقت وذبح عادل حمودة على عرش «روزاليوسف» وقدم كل ذلك قربانا وتقربا لصنم «ساويرس» الذى أعلن تأييده لمبارك ورفض دعوات رحيله!

وقدمه الأخرى فى ميدان التحرير، حيث ادعى أن يوم تنحى مبارك كانت فرحة كبيرة وحمله المتظاهرون على الأعناق.. وبين قدميه مرت كل المصالح والأموال والاستثمارات والتعليمات حتى أصبح عضوا فى نادى أغنى أغنياء العالم!

لكن يبدو أن الوضع التشريحى الأكروباتى الذى احترفه لم يعد يحتمل زلاته وقفزاته الفجائية.. خانته قدماه.. لم تعد تسعفه أو تنقذه.. بدا مترنحا وحانت لحظة دفع الثمن!

بعد أن سقطت ثمرة الوطن فى حجر الإخوان بمباركة ومؤامرة أمريكية كان ضالعا فيها ومساندا ساويرس هرب خارج البلاد وأسرته إلى أمواله التى سبقته إلى هناك، تركنا نواجه مصيرنا وليالينا السوداء فى عهد الجماعة الإرهابية التى ابتزته ودفع مرغما وأسرته 7 مليارات جنيه رغم الوساطات والرسائل والتلميحات التى وصلته تطلب منه إرجاء دعم ودفع المبلغ الطائل لهذا النظام الذى كان مصيره إلى زوال.

لم يكن متحمسا لثورة 30 يونيو وما أفرزته من نظام حكم وطنى، بعد أن ألقى كل أوراق اللعبة وراهن على الإخوان كما سرب له الأمريكان، أنهم قابعون على أنفسنا لـ 500 عام قادمة!!

الفراغ الذى نشأ عن فوضى 25 يناير والدستور الجديد المرتبك فى ذاته وغير المتسق فى مواده أغرى أى قوى منظمة لديها تمويل سخى وظهير إعلامى ولها كيان سياسى يعبر عنها أن تختطف البلاد وتسطو على الحكم بشرعية الانتخابات البرلمانية لتسقط مصر فى تجربة الرأسمالى الإيطالى «بيرلسكونى»!
نموذج «بيرلسكونى» تجده مع اختلافات طفيفة فى نجيب ساويرس حيث يمتلك الثروة والوسيلة الإعلامية «أون تى فى» والظهير السياسى «حزب المصريين الأحرار»!

لنجد النخب التى ثارت على حكومات استعانت برجال أعمال هى نفسها من صاغت دستورا يمكن رجال الأعمال والرأسمالية المتوشحة من حكم البلاد والسيطرة عليها تشريعيا وتنفيذيا لتعود مجددا إلى المربع رقم واحد والذى كان أحد الأسباب المستخدمة فى إثارة الجماهير 25 يناير ويتعارض مع أهداف ثورة 30 يونيو وبين هذا كله يقف الرئيس عاجزا عن تحقيق برنامجه الذى يقوم أغلبه على مراعاة وتحقيق العدالة الاجتماعية!
«ساويرس» اليمينى الليبرالى قفز فوق كل المنابر السياسية من أقصاها إلى أقصاها لنجده ينسق مع أقاصى اليسار ويتحالف مع حمدين صباحى وأحزاب الكرامة والدستور والتحالف الشعبى، ويجتمع معهم ويتحدث نيابة عن الأقباط وكأنهم قطيع يسير فى ركابه وكتلة تصويتية محسومة لحزبه وتحالفاته إضافة إلى إغراءات الأموال التى يداعب بها المتنطعين سياسيا وسال لعابهم فى سبيل التحالف مع ساويرس وحزب المصريين الأحرار!
«نجيب» رأس حربة عائلة «ساويرس» المدلل والأشهر.. يتوارى خلف الأب «أنس» والشقيقين «ناصف» و«سميح» علمانى إلا كثيرا.. قبطى معتدل إلا قليلا.. سياسى غير متزن.. كان نجما ساطعا فى عهد مبارك وصار فجأة من حكماء 25 يناير.. جلس على كل الموائد، حاضرا كل الاتفاقات، لاعبا على كل الأحبال.
 

الطفرة الكبيرة لعائلة ساويرس كانت فى منتصف الثمانينيات عبر الابن «نجيب» الذى استطاع أن يحصل على الجنسية الأمريكية بطريقة ما، رفض الإفصاح عنها، وبعدها أسس شركة «كونتراك الدولية المحدودة» التى فتحت له الأبواب السحرية وأصبحت مؤهلة للحصول على عقود عديدة من المقاولات الممولة من الحكومة الأمريكية خاصة وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون»!
حيث حققت أرباحا فاحشة من وراء هذه الصفقات، فقد قامت شركة «كونتراك» بمعاونة أوراسكوم للإنشاء والصناعة من الباطن بتنفيذ عقود وزارة الدفاع الأمريكية فى الفترة من 2002 حتى 2005 أصبحت «كونتراك» أكبر مقاول لتشييد المنشآت والقواعد العسكرية الأمريكية فى أفغانستان بعقود قدرت بـ 800 مليون دولار، وتحصلت على عقد بقيمة 325 مليون دولار لإعادة بناء الطرق وشبكات النقل بعد الحرب الأمريكية فى العراق!
الواجب يقتضى أن نسأل ونفتش، ونستفسر ونبحث عن إجابات شافية وشفافة عن كيفية حصول «نجيب ساويرس» على رخصة شبكة المحمول الأولى فى مصر «موبينيل» وسمح له احتكار الاتصالات النقالة لسنوات وكيف لم تطله البلاغات التى قدمت تتحرى عن شبهات فساد طالت منح الرخصة حصريا له.. والأهم تورط شركة «موبينيل» التى كان يشغل فيها منصب عضو مجلس الإدارة فى قضية تجسس لحساب الموساد واتهامها بشأن تسهيل عملية تمرير المكالمات المصرية الدولية لإسرائيل عبر إقامة شبكات تقوية عملاقة بمنطقة العوجة على الحدود المصرية الإسرائيلية والتى يقطنها 400 مواطن فقط والتى صدر فيها حكم الأسبوع الماضى بحبس المهندس الأردنى بالسجن لمدة 10 سنوات رغم أنه فى دفاعه عن نفسه قال إن الأمر كله بيدى ساويرس!!
 

لم يعرف عن «نجيب ساويرس» تدينا لافتا، أو حضورا مكثفا للكنيسة القبطية، ومع ذلك تجده يحمل لافتة الأقباط على كتفه ويتحدث نيابة عنهم، ويدخل فى مساحات الطائفية الشائكة.. مات البابا شنودة غاضبا منه وعليه بسبب مواقفه السياسية التى كان يراها البابا إنها تسبب ضررا للوطن وتعادى الأنظمة الوطنية لصالح أجندات أجنبية ولم يشفع له تخصيص طائرته الخاصة لرحلات علاج البابا الراحل!
فى كل أزمة يكون طرفها «نجيب» تسن الرماح الإعلامية للدفاع عنه خصوصا أن أذرعه الإعلامية طالت وتشابكت فى تكوين مصيدة للنيل من كل من تسول له نفسه الاقتراب من ذاته.
فمن شبكة on tv ودورها فى أحداث يناير واحتضانها لأصحاب الأفكار والتيارات المعارضة لثورة 30 يونيو، وكذا أسهم فى جريدة المصرى اليوم، ودخوله عالم الإعلانات عبر وكالة خاصة أنشأها «بروموميديا» ليصبح فاعلا ومؤثرا فى تشكيل وتوجيه الرأى العام المصرى!
ساويرس من الذكاء بمكان أن أدخل صفا طويلا من الإعلاميين لحظيرته ليس فقط عبر قنواته وصحفه ولكن بفتح قريته وفنادقه السياحية فى الجونة وغيرها لعدد كبير متنوع الأفكار والتوجهات ليحل ضيفا فى الإجازات والحفلات من رأس السنة حتى أعياد الأضحى التى على الأبواب!
 

عليه أن يدرك حاليا أن قواعد اللعبة اختلفت ووسائل حمايته التقليدية تتآكل، والعيون المغمضة عن هفواته اتسعت عن آخرها، وأنه حان الوقت أن يقفل قدميه عن آخرهما، ويحدد موضع الخطوة القادمة بمنتهى الحرص فلم يعد فى قوس الصبر منزعج!