الخميس 26 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

تضمنت قواعد سرية لمسيرات مفخخة وأسلحة متطورة وأسطول نقل ووحدات قوات خاصة خطة «داجان» هكذا اخترق الموساد الأمن القومى الإيرانى

أثار الدور البارز لعملاء جهاز الموساد الإسرائيلى فى تنفيذ ضربات نوعية داخل الأراضى الإيرانية تساؤلات عديدة حول أسباب إخفاق الأجهزة الأمنية الإيرانية فى كشف وتعقب جواسيس الاستخبارات الإسرائيلية طوال السنوات الماضية وتظهر المعلومات التى كشفتها مصادر إسرائيلية أن الهجوم على طهران لم يكن رد فعل عابر بل ثمرة خطة محكمة وعمليات استخبارية طويلة الأمد تضمنت زرع طائرات مسيرة مفخخة داخل العمق الإيرانى وتجهيز بنى تحتية سرية تم تفعيلها فى اللحظة المناسبة وإنشاء فرع للموساد فى طهران وفتح هذا التطور الباب أمام احتمالات تصعيد أمنى خطير فى المنطقة وسط مساعٍ إقليمية ودولية مكثفة لاحتواء الموقف ومنع انزلاقه إلى مواجهة أوسع.



وفى عملية وصفت بأنها من أكثر مهام التجسس تعقيدا وجرأة فى تاريخ الصراع الإيرانى – الإسرائيلى نفذ جهاز الموساد الإسرائيلى خطة سرية استطاع من خلالها إدخال طائرات مسيرة مفخخة إلى عمق الأراضى الإيرانية مستخدما وسائل مدنية تمويهية مثل حقائب سفر وشاحنات تجارية وحاويات شحن؛ ووفقا لتقرير لصحيفة وول ستريت چورنال الأمريكية، جرى التحضير للعملية على مدار سنوات بمشاركة شبكات تجارية عالمية يعتقد أن بعض أطرافها لم يكونوا على دراية بهدف العملية. وتم تهريب مكونات الطائرات المسيرة إلى داخل إيران، حيث تولى عملاء الموساد عملية التجميع والتركيب والتوزيع على فرق صغيرة تمركزت قرب مواقع استراتيچية مثل بطاريات الدفاع الجوى ومخازن الصواريخ.

 لم تعتمد خطة الموساد على الطائرات الشبحية أو الصواريخ بعيدة المدى بل على بنية جيش خفى من الداخل؛ ومع بدء الهجوم الجوى الإسرائيلى بدأت هذه الفرق بتنفيذ مهام دقيقة شملت تدمير منصات إطلاق الصواريخ وتعطيل الدفاعات الجوية الإيرانية، ما سهل للطائرات الإسرائيلية فرض سيطرة جوية سريعة وفعالة ؛ ومن النقاط المفصلية فى العملية أن إيران رغم امتلاكها مخزونا ضخما من الصواريخ تعتمد على عدد محدود من الشاحنات لنقلها إلى منصات الإطلاق وقد استغل عملاء الموساد هذه الثغرة بتفجير تلك الشاحنات ما أدى إلى شلل فى قدرة إيران على الرد السريع.

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست بدأت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية قبل أشهر عمليات تهريب لطائرات مسيرة وصواريخ إلى داخل إيران تم من خلالها إنشاء قاعدة داخلية للطائرات المفخخة فى الأراضى الإيرانية وهو ما يمثل اختراقا أمنيا غير مسبوق للسيادة الإيرانية ومع انطلاق الهجمات تم تفعيل الطائرات المخبأة التى استهدفت مواقع صاروخية بالقرب من العاصمة؛ كما قام عناصر من الموساد بزرع أسلحة دقيقة قرب بطاريات الدفاع الجوى الإيرانى تم تفعيلها بالتزامن مع بدء القصف ما ساهم فى تحييد تلك الأنظمة. كما أضافت مصادر استخباراتية بأن الموساد جهز مركبات داخل إيران بأنظمة هجومية متقدمة تم تركيبها سرا لاستهداف القدرات الدفاعية الإيرانية من الداخل. وبرز ذلك من خلال مقطع مصور بثته وسائل إعلام إسرائيلية يظهر عناصر يرتدون خوذات مزودة بكاميرات أثناء تركيب أسلحة فى منطقة مهجورة داخل إيران.

اختراق واسع النطاق

والاختراقات الإسرائيلية فى إيران ليست وليدة اللحظة بل تعود إلى سنوات مضت وتعمقت تدريجيا مع تصاعد التوترات بين البلدين كما استطاعت إسرائيل أن تفتح فرعا للموساد فى طهران لجمع معلومات عن قادة الحرس الثورى والجيش وعلماء الذرة وزرع أجهزة عديدة فى عشرات المواقع ونفذ عملية تفجير فى قواعد إطلاق الصواريخ وبالقرب من المنشآت النووية وتجنيد عملاء داخل مؤسسات إيرانية حساسة ليس فقط داخل الأجهزة الأمنية بل حتى فى صفوف الحرس الثورى ومؤسسات الدولة العليا ما يفسر قدرة الموساد على تنفيذ هجمات دقيقة داخل إيران مرارا آخرها استهداف مواقع لتصنيع أجهزة الطرد المركزى فى كرج وأصفهان بطائرات مسيرة ومن المرجح أن غالبية العملاء من الإيرانيين الذين تم تجنيدهم لكن لا يستبعد وجود عناصر إسرائيلية فاعلة على الأرض أيضا بالنظر إلى هذا الاختراق العميق؛ وتمكنت إسرائيل من رصد تحركات قيادات بارزة مثل إسماعيل هنية الذى اغتيل داخل مقر للحرس الثورى بنفس الطريقة التى تم بها تصفية علماء ومهندسين إيرانيين فى السابق، ما يكشف حجم الثغرات داخل المنظومة الأمنية الإيرانية.

الجذور العميقة

بحسب ما ورد فى كتاب التاريخ السرى للاغتيالات المستهدفة فى إسرائيل للمؤلف الإسرائيلى رونين بيرجمان فقد رسم رئيس الموساد الأسبق مئير داجان منذ توليه رئاسة الجهاز عام 2002 استراتيچية تضع البرنامج النووى الإيرانى فى صدارة التهديدات الوجودية لإسرائيل وانطلاقا من هذه الرؤية أعاد داجان هيكلة عمل الموساد ليتركز على هدفين رئيسيين: الأول، منع خصوم إسرائيل، وفى مقدمتها إيران، من امتلاك قدرات نووية؛ والثانى مواجهة التنظيمات المسلحة كحزب الله وحماس وتضمنت الخطة التى وضعت عام 2003 استخدام مزيج من أدوات القوة الخشنة والناعمة شملت أنشطة تخريبية داخل إيران واغتيالات دقيقة لعلماء نوويين إلى جانب دعم جماعات معارضة وأقليات بهدف زعزعة الاستقرار الداخلى فضلا عن دور دبلوماسى مكثف وعقوبات اقتصادية محكمة؛ كما سعت الخطة إلى عرقلة حصول طهران على المعدات والتقنيات اللازمة لتطوير برنامجها النووى عبر عمليات اعتراض دولية وتخريب مباشر وهو ما تجسد فى سلسلة طويلة من الهجمات السيبرانية والتفجيرات فى منشآت نووية.

وتضمنت هذه العمليات نشر أسلحة دقيقة التوجيه فى مناطق مفتوحة قرب مواقع أنظمة صواريخ سطح-جو إيرانية؛ واستخدام تقنيات متطورة ضد أنظمة الدفاع الجوى الإيرانية؛ وإنشاء قاعدة لطائرات هجومية مسيرة قرب طهران؛ ونفذت إسرائيل عملية عسكرية مكثفة استهدفت مواقع حساسة فى إيران؛ وأعلنت وسائل إعلام إسرائيلية أن مصادر أمنية رفيعة كشفت عن أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلى الموساد أنشأ قاعدة عسكرية داخل إيران، حيث تم تخزين مسيرات مفخخة هربت إلى الداخل الإيرانى منذ وقت طويل واستخدمت هذه الطائرات فى الهجوم على منشآت عسكرية ونووية إيرانية؛ ونجحت إسرائيل بالفعل فى إحداث خرق جسيم فى الأمن القومى الإيرانى بالنظر إلى حجم الأضرار التى نجمت عن الهجوم الإسرائيلى ومستوى القادة العسكريين وعلماء الذرة الذين اغتيلوا فى بداية الهجوم

اختراق المسيرات

أقام جهاز الموساد منظومات سرية فى إيران من أجل استهداف مواقع الصواريخ الاستراتيچية ومن ضمنها قاعدة للمسيرات المفخخة وكان ذلك قبل وقت طويل من بدء الضربة الأولى؛ وعن هذا الاختراق يقول رئيس نقابة مديرى مراكز الأبحاث والدراسات الإيرانية عماد آبشناس إن معظم عمليات الاغتيال التى نفذتها إسرائيل خاصة فى مدينة طهران تمت عبر المسيرات التى هربها عملاء إسرائيل إلى الداخل الإيرانى؛ وأن هذه الهجمات تكشف عن وجود جواسيس ناشطين فى الداخل الإيرانى, مؤكدا أن ذلك يشير أيضا إلى وجود استهانة واستهتار فيما يتعلق بالأمور الأمنية التى أدت إلى وقوع هذه الكارثة؛ وعن تفاصيل تفعيل المسيرات مع بدء الهجوم، أشار الإعلام الإسرائيلى إلى أن هذه الطائرات دخلت بشكل سرى قبل الهجوم وعملت على تدمير منظومات الدفاع الجوى الإيرانى بشكل كامل مما سمح بحرية العمل أمام سلاح الجو الإسرائيلى؛ كما كشفت المصادر الأمنية الإسرائيلية كذلك عن أن الموساد أقام مواقع تحتوى على المسيرات بالقرب من العاصمة طهران وتحديدا قرب معسكر مسيرات إيرانية وتم تفعيلها لاستهداف منصات إطلاق صواريخ إيرانية كانت تشكل خطرا مباشرا على إسرائيل.

أسباب الاختراق

وفى تحليل عميق لأسباب الاختراق نجده يرجع إلى جهد استخبارى إسرائيلى عميق داخل الأراضى الإيرانية سواء فى المؤسسات أو المنظومة العسكرية وحالة من عدم اليقين والفشل فى تفسير النوايا الإسرائيلية والأمريكية إذ ساد تفاؤل داخل أوساط الساسة الإيرانيين مصاحب للمحادثات الأمريكية الإيرانية المتعلقة بالنووى الإيرانى وانعكس ذلك على مستوى الإجراءات الأمنية؛ والإطباق المبكر على مجموعة من الأهداف الإيرانية البشرية والإدارية وذلك بالاختراق البشرى والمراقبة التقنية والأقمار الصناعية، حيث وضعت جميعها تحت المجهر الإسرائيلى بشكل مستديم لضمان عدم غيابها عن رادار الاستهداف وتعاون استخباراتى من عملاء محليين مع ضباط الموساد وشعبة أمان الإسرائيلية حيث تم نقل معدات عسكرية إلى العمق الإيرانى لاستهداف أصول بشرية وإدارية من الداخل؛ وعنصر المباغتة فى الوصول إلى أهداف بهذا الحجم كانت لها تداعيات كبيرة على منظومات السيطرة والقيادة فى إيران وهذا تسبب فى شلل القدرات العسكرية وعدم تشغيلها بالطريقة الصحيحة.

 

 

3 عمليات سرية

نفذ عملاء الموساد عمليات مكثفة لتهريب كميات كبيرة من الأسلحة المتخصصة إلى إيران ونشرها فى مواقع مختلفة وإطلاقها نحو أهداف محددة بدقة وفعالية؛ ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلى عن مصدر أمنى إسرائيلى قوله إن الموساد نفذ 3 عمليات سرية فى عمق إيران بالتزامن مع الغارات الجوية الإسرائيلية وقال المصدر الأمنى إلى جانب الهجمات الواسعة لسلاح الجو قاد الموساد سلسلة من عمليات إحباط سرية فى قلب إيران؛ هذه العمليات هدفت إلى الإضرار بمنظومة الصواريخ الاستراتيجية لإيران وبقدراتها فى الدفاع الجوى..  ويعد نشاط الموساد على الأراضى الإيرانية قديمًا لكنه اكتسب زخما خاصا قبل سنتين، عندما بدأ التحضير لهذه الحرب حيث أقام الموساد عمليا قاعدة له وفرع فى طهران وانتشر على مساحة شاسعة من الأرض فى إيران ويمتلك أجهزة عدة متطورة وأسطول وسائل نقل. وتضمنت عمليات الموساد التالي:

 

عملية فى وسط إيران: وحدات كوماندوز إسرائيلية نشرت أنظمة أسلحة دقيقة التوجيه فى مناطق مفتوحة بالقرب من منظومات صواريخ أرض-جو إيرانية عند بدء الهجوم الجوى الإسرائيلى أطلقت هذه الصواريخ فى وقت واحد نحو أهدافها بدقة عالية.

عملية لتدمير أنظمة الدفاع الجوية الإيرانية: استخدم الموساد تقنيات متطورة ضد أنظمة الدفاع الجوى واستخدمت بدورها فى تدمير الدفاعات الجوية الإيرانية بمجرد بدء الهجوم.

عملية بالطائرات المسيرة المفخخة: أنشأ الموساد قاعدة داخل إيران للطائرات الهجومية المسيرة قرب طهران جرى إدخالها مسبقا وخلال الهجوم تم تفعيل هذه الطائرات المسيرة وأطلقت باتجاه منصات إطلاق صواريخ أرض-أرض متمركزة فى قواعد الدفاع الجوى.