أسرار ليالى الأنس فى «مقام إمبابة»: الكشف الربانى فى قضية الشيـخ التيجانى
عبدالله رامى
اسمح لى عزيزى القارئ فى البداية أن ألفت نظرك إلى خطأ فى العنوان.. فالمدعو صلاح الدين محمود أبوطالب ليس شيخًا. هو طبيب جراحة عظام على المعاش.. اعتاد مريدوه مناداته بالشيخ صلاح التيجانى. بينما يناديه بعض مريديه بـ«الحب كله».. ولأن بحور أوصافه قد تغرقنا؛ استخدمنا فى العنوان «الخطأ الشائع» فى مناداته.
أما الخطأ الثانى ففى الحقيقة ليس منى ولكن مرده لسوء فهمك أو ربما لسوء نيتك (لا أستطيع الجزم)؛ حيث قرأت العنوان التمهيدى «ليالى الأنس فى مقام إمبابة» باعتباره إشارة -حاشا لله- إلى ليالى مجون وفسق تحدث داخل زاوية إمبابة. هذه صورة من وحى خيالك يا عزيزى القارئ ولا يعلم حقيقتها إلا الله والشيخ التيجانى نفسه. لذلك أؤكد لك أن هذه السطور عن التيجانى والمقام الذى بناه (فى إمبابة وفى نفوس مريديه)، وليست عن عودة الشيخ إلى صباه لا سمح الله.
ربما تستغرب وتسأل: أليس سبب الحديث عنه أنه متحرش؟!
من حقك طبعا أن تسأل. ولكننى أؤكد لك أن هذا ليس سبب كتابة هذه السطور، وحتى الآن لا يوجد دليل على صحة المنشور الذى تسبب فى الفتوحات الفيسبوكية على الرجل. فقط نطالب بالتحقيق العادل والسريع والعلنى ليرد الحق إلى أصحابه. ومن المهم الإشارة إلى أن الرجل قد حرر محضرًا بوحدة مكافحة جرائم تقنية المعلومات ضد الفتاة صاحبة المنشور، وحمل البلاغ رقم 9 أحوال لسنة 2024 اتهام السب والقذف والتشهير. وبالتالى فالقضية الآن ستكون محل تحقيق وتدقيق. وليس من حقك أو حقى وصف الرجل بأوصاف لا تليق.
جنون الشيخ لا مجونه
أعرف أنك تعبت معى ومنى يا عزيزى القارئ..
فإذا كانت هذه السطور لن تتناول ليالى الأنس ولا قضية التحرش فعن ماذا ستكتب إذا؟ ألا تتابع التريند؟ أقول لك بكل وضوح أننى لن أكتب عن مجون الشيخ ولكن عن جنونه وجنون أتباعه ومريديه..
لا أريد كتابة سطور فضائحية فى هوجة التريند ولكن أتمنى بشكل ما أن نعرف ماذا حدث لنا؟ كمجتمع ونخبة ورجال دين؟ عن الدور الغائب للدين والدين المغيِّب لعقولنا.
هل يمكن أن أعترف لك بسر؟.. قبل شهور قليلة كنت أفكر فى حضور جلسات وحضرات الزاوية التيجانية ليس رغبة فى الانتماء لطريقة صوفية ولكن حتى أحصل كـ«صحفي» على أكبر قدر من المصادر كالفنانين والكتاب من مريدى الشيخ وأتباعه.. هذا هو الحال: كثير من نخبة مصر من مريدى الشيخ أو أولاده.
الكثيرون من أتباعه -العاملين فى المجال العام- غيروا أسماء حساباتهم الشخصية على فيسبوك منذ فترة ليصبحوا أبناء للشيخ فيصبح الاسم: فلان التيجانى وفلانة التيجانى.
وقتها لم يكن معروفًا على ذلك الرجل سوى صورته بابتسامة خفيفة تلك التى وصفها البعض بأنها هيئة ذات جمال أنثوى بعض الشىء فيما اعتبرها آخرون صورة تحمل نورًا من أنوار الأقطاب والأولياء.
لم يُعرف عن التيجانى طوال الفترة الماضية حتى فى أحاديثه القليلة التى رأيتها حضور ولا بلاغة حتى المدعين من الصوفية، فحديثه فاتر أقرب إلى أحاديث المقاهى وفض المجالس. لكنّ مريديه أقرب إلى مشجعى الكرة والخدم للملوك فى بلاط الخلافة.
إهانة علماء الدين والمؤسسة الدينية
طبعا جميعنا توقفنا عند تعريف التيجانى على موقعه المجانى (طبعا له موقع وتطبيق إلكتروني) سواء كان هو من كتبه أو أحد مريديه، وبجانب السخرية التى أثارتها جمل على شاكلة: «محدث العصر علاّمة مصر» و«نادرة عصره فى مصر» و«عالم الأشراف وشريف العلماء».. فكلها جمل ساخرة ومسخرة، حتى أن كثيرين من رواد السوشيال ميديا وضعوها تحت بند «الجمل المزيفة فى السير الذاتية». فكلها جمل وتعريفات تجعل من الجميع كتابًا ساخرين. لكن فى الحقيقة ما يدعو أكثر للسخرية أن تكون فى الأساس كاتبًا ساخرًا لكنك واحد من المريدين!
طبعا كل إنسان حر فى اختياراته.. لكن كيف أستمع لسخريتك وآرائك وحتى انتقاداتك بعد الآن. ليس لأى شىء غير أنك حجبت عنا هذا الكم من أسباب الضحك طوال هذه المدة. كيف تنتقد أى شىء وأنت لا تستطيع انتقاد شخص يعرف نفسه بهذه الطريقة؟
بغض النظر عما فات.. فقد توقفت عند الجملة الكارثة فى تلك السطور حيث يعرف الرجل نفسه على موقعه بجملة: «طأطأ له علماء عصره الرؤوس لعلو سنده ومضاء هممه».
ألا تنطوى هذه الجملة على إهانة واضحة لكل علماء الدين وعلى رأسهم شيخ الأزهر نفسه كونه «من علماء العصر»؟
لكن الكارثة الأكبر أنها تعنى (أو هكذا فهمتها) أن الرجل لا يعترف أصلا بالمؤسسة الدينية.. ولا بالعلماء ولا بأى شىء.. هو أصلا غير معترف بالطريقة التيجانية الأم. ويرى أن «مشايخها يتعاملون بالطريقة الكلاسيكية فى تربية المريدين» أما هو فيتعامل بـ«الطريقة الجديدة المناسبة للعصر فى تربية مريديه وأولاده» هذا بحسب تعبيره.
التيجانى لا يعترف بالطريقة التيجانية!
بالطبع أعلنت مشيخة الطريقة التيجانية، فى بيان الأربعاء الماضى، تبرؤها من أفعاله وعدم الاعتراف به. لكن المفاجأة أنه أيضا لا يعترف بها. الطريقة التى ابتكرها الرجل معترف بها من المجلس الأعلى للطرق الصوفية والذى امتنع حتى الآن عن التعليق.
لكن ما سر قوة التيجاني؟
حالة هذا الرجل تخفى الكثير من المصائب، ففى حديثه من الزملاء فى المواقع الإلكترونية الذين ذهبوا إلى زاويته قال نصًا: «أنا اللى علمت كتير من العلماء الموجودين الآن»، و«اللجان الإلكترونية بتهاجمنى لأن أولادى (يقصد مريديه) لهم أدوار وطنية». و«المفتى السابق كان يستعين بى فى حل بعض الفتاوى».
كل سطر مما قاله التيجانى كارثة كاملة مكتملة.
فالرجل يحاول إظهار الهجوم عليه باعتباره هجومًا على رموز وطنية وأن من يسخر منه هم أعداء الوطن.
لكن لعبة التيجانى مفضوحة. يستغل موجة الصوفية التى شاعت وانتشرت بشكل طبيعى كرد فعل على جماعات الإسلام السياسى والمتطرفين ليلعب هو بالـبيضة والحجر.
أما حديثه عن لجوء مفتى رسمى له ليحل الفتاوى فهو أمر يجب الرد عليه من المؤسسة الرسمية.
يستمد التيجانى إذن حصانته من مكانة أتباعه فى المجتمع؛ مريدوه يعتبرونه صاحب مفتاح الجنة وهو يتخذ منهم مفاتيح لرخاء دنياه!
صحيح.. ما الفرق بين التيجانى وحسن الصباح؟!
أنا ممن يظنون أن حكايات الدجالين متشابهة على مر التاريخ. طبعا الصباح تورط فى القتل والتيجانى لم يفعل. لكن كليهما استغل النص الدينى لترويض الأتباع وتجنيدهم، ووضع نفسه فى مكانة الأنبياء والآلهة.
ففى أحد ڤيديوهات الشيخ يقول: «لا يجوز للمريد الشرك فى حب الشيخ يعنى المريد يحب شيخه وما يشركش فى حب الشيخ مخلوق آخر، والدليل من القرآن هو قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ)».. وفى مقطع آخر يحدث أتباعه عن عبادة النظر إلى وجهه. ويبرر ذلك: «لو نظرتم بالبصر لرأيتمونى أما بالبصيرة لرأيتم الله»!!
بالتأكيد.. التيجانى فكرة موجودة فى كل عصر وفى كل مصر..
لكن ربما فداحة هذه المرة أن بعضا ممن يعتبرهم المجتمع قادة رأى كانوا منقادين لدجال. لكن القاعدة التاريخية تقول: «طالما المغفل موجود فالنصاب بخير»..
ونحن مجتمع اكتفى من المغفلين ولا يحمى النصابين
أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم.