الجمعة 8 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كسوة الكعبة تشغل العالم الإسلامى بعد وفاة سادنها الذى تلقى تعليمه فى مصر مصر تحظى بشرف كسوة الكعبة منذ عهد عمر بن الخطاب إلى ستينيات القرن الماضى

نفر من البشر يصطفيهم الله لينالوا شرف القيام بخدمة مقدساته، آل الشيبى من هؤلاء الذين توارثوا مهمة سدانة الكعبة المشرفة بعد أن أودع النبى محمد عليه الصلاة والسلام مفتاحها لديهم بمقولته الخالدة، «خذوها يا بنى طلحة خالدة تالدة، لا ينزعها منكم إلا ظالم» قالها الرسول عليه الصلاة والسلام لعثمان بن طلحة بن أبى طلحة الحجبى وأعطاه مفتاح الكعبة بعد فتح مكة وتطهير الكعبة من الأصنام لينال آل الشيبى بتلك المقولة الخالدة شرف خدمة وسدانة الكعبة من بعده وحتى الآن.



انشغل قطاع عريض من المسلمين حول العالم طيلة الأسبوع الماضى بعد وفاة الشيخ الدكتور صالح بن زين العابدين الشيبى السادن (الحاجب) السابع والسبعين للكعبة المشرفة فى العهد الإسلامى، والسادن العاشر فى العهد السعودى الحالى، ورقم 109 منذ انطلاق مهنة السدانة قبل 16 قرنًا على يد قصى بن كلاب، الجد الرابع للرسول محمد عليه الصلاة والسلام.

 وأخذت وفاة العالم الكبير الشيخ صالح الشيبى الذى تلقى تعليمه الأولى فى مصر اهتمامًا إعلاميًا واسعًا بسبب تزامن الوفاة مع نهاية موسم الحج الحالى، وشهد عدد كبير من الحجاج الذين لم يكن قد غادروا بعد المشاعر المقدسة فى مكة المكرمة، تشييع الشيخ الشبيبى فى المسجد الحرام، قبل دفنه فى مقبرة المعلاة.

جرت العادة أن يوضع مفتاح باب الكعبة المشرفة الذى يبلغ طوله 35 سم والمصنوع من الحديد لدى أكبر السدنة سنًا، وهو السادن الأول، وعند فتح الكعبة يخبر السادن الأول جميع السدنة الكبار منهم بوقت كافٍ، ليتمكنوا من الحضور جميعًا ليقوموا بغسلها بمعية ولاة الأمر والأمراء والضيوف وفى الوقت الحاضر تغسل الكعبة من الداخل مرتين، وذلك بمعية السدنة بعد القيام بفتح باب الكعبة.

ومنذ بناء إبراهيم الخليل عليه السلام الكعبة المشرفة، ظلت السدانة بيد ابنه إسماعيل عليه السلام، الذى تولى رفع القواعد من البيت مع والده إبراهيم، كما قال تعالى: [وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ]. وبقى إسماعيل بجوار بيت الله الحرام يقوم على خدمته.

وتذكر كتب السير والتاريخ أن السدانة انتقلت بعد ذلك إلى أبناء إسماعيل عليه السلام مدة طويلة، ثم أخذها عنوة منهم جيرانهم وأخوالهم جرهم، ثم انتزعتها خزاعة من جرهم، ثم استردها منهم قصى بن كلاب وهو من أبناء إسماعيل، وهو الجد الرابع للنبى (صلى الله عليه وسلم)، ثم صارت من بعده فى ولده الأكبر عبد الدار، ثم صارت فى بنى عبد الدار جاهلية وإسلامًا.

ولم تزل السدانة فى ذريته حتى انتقلت إلى عثمان بن طلحة بن أبى طلحة بن عبدالله بن عبد العزى بن عثمان ابن عبد الدار بن قصى. وقد مات عثمان ولم يعقب، فصارت إلى ابن عمه شيبة بن عثمان، ولا تزال فى يد ولده إلى الآن.

ولما أشرقت شمس الإسلام يوم فتح مكة المكرمة، أخذ الرسول (صلى الله عليه وسلم) من عثمان بن طلحة بن أبى طلحة الحجبى سادن الكعبة المفتاح، وفتح بابها، ودخلها بعد تطهيرها من الأصنام.

وأعطى النبى المفتاح لعثمان بن طلحة بعد أن خرج من الكعبة المشرفة، وقال: «خذوها يا بنى أبى طلحة (أى السدانة) خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم».

وأقر العهد السعودى عائلة الشيبى على إرثهم التاريخى، وظلوا سدنة للكعبة يحضرون مراسم ارتدائها كسوتها وغسلها، ويتولون فتحها للمسئولين والزائرين، بالتنسيق مع الجهة المعنية بخدمة الحرم المكى والعناية بشئونه، وكان صالح الذى يحمل درجة الدكتوراه من جامعة أم القرى، تسلم منصب السدانة الشرفى خلفًا لعمه عبدالقادر عام 1980، وظل ممسكًا به حتى وافته المنية، مما جعله يحظى بشرف غسل الكعبة نحو 100 مرة.

وتكلف أسرة آل الشيبى فى اجتماع عائلى موسع أكبر الأحياء سنا من ذكور أفراد أسرة آل الشيبى بالقيام بمهمة كبير السدنة الجديد، وتبدأ مراسم الاجتماع بحضور ورثة كبير السدنة السابق إذ يقومون بتسليم عهدة الكعبة المشرفة لكبير السدنة الجديد، ومن ضمن العهدة التى تقدم لكبير السدنة الجديد مفتاح الكعبة المشرفة، قبل أن يقوم جميع أفراد الأسرة بتهنئة عميدهم الجديد بشرف الريادة، ويقتصر الاجتماع ومراسمه على أفراد أسرة آل الشيبى.

وجرت العادة بأنه «بعد إجراء مراسم تسلم عهدة الكعبة المشرفة لكبير سدنة بيت الله الحرام الجديد، يُرفع بذلك لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لسماع توجيهاته وتعليماته».

وجرت العادة بأن يوضع مفتاح باب الكعبة المشرفة لدى أكبر السدنة من عائلة الشيبى سنًا، وهو السادن الأول الذى يتكفل بتغيير كسوة الكعبة المشرفة التى تبلغ نحو 25 مليون ريال سنويًا (6.7 مليون دولار)، بينما باب الكعبة الخارجى صنع من 278 كيلوجرامًا من الذهب الخالص.

ويفتح باب الكعبة المشرفة مرتين فى العام، ويعطر ويبخر داخلها بنوع من العود يستخدم لغسل الكعبة يبلغ سعر الكيلوجرام الواحد منه 40 ألف ريال سعودى، أى أكثر من 10 آلاف دولار أمريكى.

ونالت مصر شرف صناعة وكسوة الكعبة المشرفة منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب ثانى الخلفاء الراشدين حتى  توقفت فى ستينيات القرن الماضى فى عهد الدولة السعودية وبعد ظهور النفط، وتذكر كتب التاريخ أن عمر بن الخطاب كان يطلب من والى مصر عمرو بن العاص صناعة كسوة الكعبة فى مصر وتوالت تلك العادة فى عهد الخليفة العباسى هارون الرشيد وفى الدولة الفاطمية التى اهتمت أيضا بإرسال كسوة الكعبة كل عام من مصر، وكانت الكسوة بيضاء اللون، وفى الدولة المملوكية، تحديدا فى عهد السلطان الظاهر بيبرس استمرت الكسوة ترسل من مصر، حيث كان المماليك يرون أن هذا شرف لا يجب أن ينازعهم فيه أحد، حتى ولو وصل الأمر إلى القتال، فقد أراد ملك اليمن «المجاهد» فى عام 751 هجرية أن ينزع كسوة الكعبة المصرية ليكسوها كسوة من اليمن، ولما علم بذلك أمير مكة أخبر المصريين فقبضوا عليه، وأرسل فى الأغلال إلى القاهرة.

كانت هناك أيضا محاولات لنيل شرف كساء الكعبة من قبل الفرس والعراق، لكن سلاطين المماليك لم يسمحوا لأى أحد أن ينازعهم هذا الشرف، وللمحافظة على هذا الشرف أوقف الملك الصالح إسماعيل بن عبد الملك الناصر محمد بن قلاوون ملك مصر فى عام 751 هجرية وقفا خاصا لكسوة الكعبة الخارجية السوداء مرة كل سنة، وهذا الوقف كان عبارة عن قريتين من قرى القليوبية هما باسوس وأبو الغيط، وكان يتحصل من هذا الوقف على 8900 درهم سنويا، وظل هذا هو النظام القائم إلى عهد السلطان العثمانى سليمان القانونى، واستمرت مصر فى نيل شرف كساء الكعبة بعد سقوط دولة المماليك وخضوعها للدولة العثمانية، فقد اهتم السلطان سليم الأول بتصنيع كسوة الكعبة وزركشتها وكذلك كسوة الحجرة النبوية، وكسوة مقام إبراهيم الخليل.

وفى عهد السلطان سليمان القانونى أضاف إلى الوقف المخصص لكسوة الكعبة سبع قرى أخرى ليصبح عدد القرى الموقوفة لكسوة الكعبة تسع قرى وذلك للوفاء بالتزامات الكسوة، وظلت كسوة الكعبة ترسل بانتظام من مصر بصورة سنوية يحملها أمير الحج معه فى قافلة الحج المصرى، وفى عهد محمد على باشا توقفت مصر عن إرسال الكسوة بعد الصدام الذى حدث بين الوهابيين فى الأراضى الحجازية وقافلة الحج المصرية فى عام 1807م، ولكن أعادت مصر إرسال الكسوة مجددا بعد ذلك بـ(6) سنوات ليستمر ذلك إلى ما بعد منتصف القرن الماضى.

 

أكثر من 1300 حالة وفاة بين الحجاج 83% منهم غير مصرح لهم بالحج وزير الصحة السعودى: الإجراءات الوقائية لم تميّز بين الحجاج وحدّت من التداعيات

 

كشفت السلطات السعودية أن عدد الوفيات من المتأثرين بالإجهاد الحرارى خلال موسم حج هذا العام بلغ 1301 حالة، 83 % منهم غير مصرح لهم بالحج، بسبب قطعهم مسافات طويلة تحت أشعة الشمس، بلا مأوى ولا راحة، وبينهم كبار سن ومصابون بأمراض مزمنة.

وأكد وزير الصحة السعودى فهد الجلاجل، أن الجهات المختصة بذلت جهودًا كبيرةً فى التوعية بمخاطر التعرض للإجهاد الحرارى، والتأكيد على ضرورة التقيد وتنفيذ إجراءات الوقاية، مبينًا أنه جرى حصر جميع البلاغات، والتواصل مع ذوى المتوفين، والتعرف عليهم، حيث تطلب ذلك وقتًا، نظرًا لعدم حمل كثير منهم أى بيانات أو بطاقات تعريفية، وقد تمت الإجراءات اللازمة للتعرف على هوياتهم، ودفنهم وإكرامهم بمكة المكرمة، وصدرت شهادات الوفاة الخاصة بهم.

وأشار إلى نجاح جهود الإدارة الصحية للموسم بالتكاتف بين جميع الجهات المعنية، حيث لم تُسجل أوبئة أو أمراض متفشية، وكانت الحالة الصحية للحجاج مطمئنة، خصوصًا فى ظل ما سجلته المشاعر المقدسة من درجات حرارة مرتفعة، لافتًا إلى الأثر الإيجابى لتعامل الجهات المعنية، وكذلك المساندة الفعالة من قوات أمن الحج مع حالات الإجهاد الحرارى للحد من تداعياتها.

وكشف الجلاجل عن تقديم أكثر من 465 ألف خدمة علاجية تخصصية مجانية للحجيج، كان نصيب غير المصرح لهم بالحج منها 141 ألف خدمة، وذلك تأكيدًا لتوجيهات القيادة السعودية بوضع صحة الإنسان أولًا فوق كل اعتبار، مبينًا أنها تنوعت بين عمليات القلب المفتوح، والقسطرة القلبية، وغسيل الكلى، والخدمات الإسعافية، والنقل الجوى لتقديم خدمات صحية متقدمة فى المدن الطبية بالسعودية.