السبت 9 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مخاوف كبيرة من قدرة «بايدن» على إدارة شئون الدولة والقيام بمهامه قبل الانتخابات فى نوفمبر المقبل أمريكا.. بين «مأزقين»

لم يعد الأمريكيون فى حالة اهتمام باستعدادات الانتخابات الرئاسية القادمة فى نوفمبر المقبل والمرشحين من الحزبين «الجمهورى» و«الديمقراطى» بقدر الانشغال بوقوع بلادهم فى «مأزقين» لهما علاقة بالرئيس الحالى «جو بايدن» مرتبطين بشكل مباشر بحالته الصحية، المأزق الأول يخص قدرة الرئيس الحالى على اتخاذ وصناعة القرار، وسط عدم الاقتناع بدور وفاعلية نائبته «كامالا هاريس»، وهو ما يؤثر على مصالح الولايات المتحدة ودورها الدولى وسط ما يعج به العالم من مشاكل من جهة وتهديدات تتعلق بالبلاد فى صدارة ذلك أزمة «تكساس» التى تحمل فى جعبتها مسارًا مستقبليًا لحرب أهلية أو أشكال انفصال للولايات.



 

أما المأزق الثانى فيذهب إلى جدية المؤسسات فى التأكد من شرط فى غاية الأهمية يتعلق بأوراق الترشح فى الانتخابات الرئاسية ليس فقط فى الوضع الصحى وقت الترشح، ولكن الآثار الصحية المستقبلية للمرشح إذا أصبح رئيسا ومدى قدرته على استمرار القيام بمهامه على أكمل وجه، ومن ثم المتابعة الدورية لصحة الرئيس الأمريكى من الفريق الطبى وإحاطة الجهات المعنية باستمرار بحالته الصحية وأى مستجد يطرأ عليها.

العديد من التساؤلات تدور فى هذا الإطار فى ظل انتقادات كبيرة فى الأوساط الأمريكية تتعلق بعدم قدرة الرئيس الأمريكى على اتخاذ القرار فى الوقت الذى ظهرت فيه تأثر حالته الصحية لا سيما الذهنية، فضلا عن التشكيك أيضا فى قدرة نائبة الرئيس على القيام بدورها، ومن ثم مدى اعتبار الرئيس الأمريكى فى الوقت الحالى بمثابة «صورة» فقط بينما يتخذ القرار أشخاص آخرون، بجانب خضوع الرئيس الأمريكى بصفة دورية للكشف الطبى للتأكد من قدرته على القيام بمهامه وكيفية تعامل القانون فى حالة وجود عارض صحى واضح يظهر عدم قدرة الرئيس على القيام بمهامه وهذا ما وضح فى «زلات اللسان» المتكررة منذ فترة طويلة.

عدد قياسى من «الهفوات» تخرج من «بايدن»، فى البداية كان يتم التعامل معها من جانب وسائل الإعلام على أنها نوع من «المزاح» وأن الرجل من المؤكد أنه يعى ما يقوله، فهو رئيس واحدة من أكبر دول العالم وليس هناك مجال للجدل حول سلامة صحته العقلية والبدنية فى ظل وجود فريق طبى على أعلى مستوى يكون حاضرا بالتقارير التى تعطى تنبيها للجهات المسئولة فى حالة وجود أى عارض صحى لـ«سيد البيت الأبيض»، ولكن مع زيادة تلك «الهفوات» بشكل لا يوحى تماما بأن الأمر «مزاح»، تم التأكد بأن الرئيس الأمريكى صاحب الـ81 عاما، يعانى من أمر صحى يتعلق بما يصدر منه أو يعبر عنه مع خروج تصحيح رسمى من حين إلى آخر عن «البيت الأبيض» لتصريح أو هفوة أو تخبط صدر عن «بايدن» وقت خطاب ما أو مناسبة شارك فيها.

الهفوات والسقطات التى وقع فيها «بايدن»، صاحبها عدة تساؤلات منها ما هو متعلق بمدى التزامه بساعات النوم المطلوبة يوميا والتى تتناسب مع عمره، وأيضا حول شكل التقصير من جانب الفريق الطبى بالبيت الأبيض، والتى منها ما صدر عنه فى مارس الماضى، عندما قدم «بايدن» أثناء إلقاء كلمته أمام البرلمان الكندى، التحية إلى الصين بدلا من تقديمها إلى كندا التى كان يزورها، الأمر الذى وضح عبر نص الكلمة المنشور على موقع البيت الأبيض الرسمى، بأن التحية كانت لـ«كندا» وليست بـ«الصين»!

وفى عام 2022، أخطأ «بايدن» فى اسم «كمبوديا» التى كانت تستضيف قمة فى شرق آسيا، قائلا إنها كولومبيا، وتحدث عن أن عدد الولايات الأمريكية 54 فى حين أنهم 50 ولاية، وفى 2023، قال «بايدن» إن الرئيس الروسى يخسر الحرب فى العراق فى حين أن المعارك العسكرية فى أوكرانيا، وفى عام 2024 تحدث عن أنه التقى الرئيس الفرنسى ميتران الذى توفى من 28 عاما فى حين أنه يتحدث عن الرئيس الحالى إيمانويل ماكرون، وأيضا قال خلال مناسبة انتخابية مؤخرا، إنه التقى المستشار الألمانى «هيلموت كول» الذى توفى عام 2017 بدلا من القول إنه التقى المستشارة السابقة أنجيلا ميركل.

مخاوف كبيرة تنتشر فى مختلف الأوسط الأمريكية من عدم قدرة «بايدن» على إدارة شئون الدولة والقيام بمهامه قبل الانتخابات فى نوفمبر المقبل، الأمر الذى يقوى وجود «الجمهوريين» فى البيت الأبيض قريبا، ليتزامن ذلك مع استطلاعات رأى أظهرت أن %96 من الناخبين بينهم %54 من الديمقراطيين، أكدوا على قلقهم من عدم تمتع «بايدن» بالصحة الذهنية والجسدية اللازمة لأداء مهامه خلال الأشهر القليلة المتبقية من ولايته الحالية.

من لوس أنجلوس، يؤكد خبير السياسات الدولية د. أشرف سنجر، أن هناك انتقادات كبيرة بالأوساط الأمريكية تتعلق بتصرفات الرئيس «بايدن» غير المتزنة وتأثير ذلك على إدارة الدولة، وبات الحديث يتردد عن ما توقعته منذ عام تقريبا، بأن حاكم «كاليفورنيا» من الممكن أن يحل مكان «بايدن» فى ظل ما يوجه أيضا من انتقادات كبيرة لنائبة الرئيس «كامالا هاريس» تتعلق بالتعامل مع منصبها، حيث أصبح من الواضح أن هناك أمورا تتعلق بـ«الإدراك الذهنى» لدى «بايدن» الذى يستدعى أسماء رؤساء سابقين رحلوا عن الحياة وخلط قضايا وملفات بأخرى، مشيرا إلى أن معضلة أمريكا بالفعل هى كبر سن المترشحين للرئاسة سواء «بايدن» أو حتى الرئيس السابق والمرشح الجمهورى المنتظر «دونالد ترامب» الذى لديه هو الآخر بعض «الهفوات» وأمور تتعلق بالإدراك وضحت وقت سنوات ولايته.

واستكمل «سنجر» بأن التشكيك فى إدراك «بايدن» وما يتعلق بحالته الصحية بدأ يتزايد، لا سيما مع «هفوات» جاءت علنا بالفترة الأخيرة، حيث ظهر فى خطاباته الأخيرة وكأنه مشبع بأحاديث قديمة فى عقله ومنها ما قاله إن حركة حماس قطعت رؤوس أطفال إسرائيليين فى حين أن فريقه خرج ونفى هذا الأمر، مما يوضح أن بعض الأصوات بالإدارة الأمريكية لها هوى ورغبة بدعم إسرائيل وبالتالى تستخدم «بايدن» وتشتت عقله لتذهب به إلى تخيلات وأوهام مستغلة وضعه الصحى.

وأوضح «سنجر» فى هذا الصدد، أن «مؤسسية» صنع القرار فى البيت الأبيض لها عدة مستويات ولكن أهمها مجلس الأمن القومى الذى يعتبر القلب النابض للبيت الأبيض والذى يضم تشكيله الرئيس ونائبه ووزراء الدفاع والخارجية والطاقة ورئيس الاستخبارات ومستشار الأمن القومى ورئيس الأركان مع الاستعانة بخبراء على مستوى عالٍ، ولذلك أظن أن تأثير الرئيس الأمريكى فى صنع القرار ليس بالدرجة الكبيرة فى ظل هذه المؤسسية مع وجود مؤسسات مهمة مثل وكالة الاستخبارات ووزارة الخارجية، ولذلك فأن ما نفهمه أن «بايدن» مع وضعه الصحى الحالى ليس مؤثرا مثل «ترامب» حيث إن كل رئيس يكون له خصائص معينة تخص علاقته بمستشاريه ومن ثم اتخاذ القرار بحسب صلاحياته، متطرقا إلى مدى خضوع الرئيس الأمريكى بصفة دورية للكشف الطبى ورسم الدستور كيفية التعامل مع ما يستجد من وجود عارض صحى له، بحسب المادة 25 التى شهدت إضافة تشريعية تمت الموافقة عليها عام 1967، تتعلق بمن له صلاحية الحسم فى أن الرئيس الأمريكى غير قادر على ممارسة مهامه، تكون من خلال اعتراف الرئيس شخصيا أو نائبه بعدم القدرة على ممارسة المهام، وأيضا أعضاء بمجلس الأمن القومى أو أعضاء بالسلطة التنفيذية، وذلك يكون متسقا مع الكشف الطبى الدورى، وفى حال الاستقرار على عدم قدرة الرئيس الأمريكى على القيام بمهامه، يستكمل نائب الرئيس المهام لحين انتهاء فترة الولاية، ويكون ذلك بإعلان المتحدث باسم مجلس النواب والشيوخ بأن الرئيس غير قادر على القيام بمهامه وتنقل تكليفات الرئاسة إلى النائب. 

ومن نيويورك، قال المحلل السياسى د. ماك شرقاوى، إن الداخل الأمريكى وأروقة السياسة من الحزبين الجمهورى والديمقراطى ينتقدون الكثير مما يفعله «بايدن» بالفترة الأخيرة، خاصة أن الحالة الصحية تظهر مرض «الخرف» أو الزهايمر الذى يعانى منه كما هو واضح للجميع ما بين النسيان والخلط بين الأمور والمضى يمينا ويسارا على المنصة عند إلقاء الكلمة ومحادثة ومصافحة أشخاص غير موجودين وندائه على والدته فى أكثر من مرة فى اجتماعات رسمية وهى متوفاة منذ عام 2010، أيضا عندما قام بمناداة نائبة ديمقراطية كانت قد قتلت فى حادث سيارة قبل 4 أشهر وقد قام بنفسه بنعيها بجانب «زلات اللسان» فيما يتعلق بالأشخاص بأنه التقى الرئيس الفرنسى فرانسوا ميتران الذى توفى منذ أكثر من 28 سنة وكان يقصد بالطبع الرئيس الحالى إيمانويل ماكرون، لذلك من الواضح أن هذه الوقائع العلنية تنبئ أن الحالة الصحية لـ«بايدن» ليست على ما يرام والكثيرون يشككون فى قدرته على استكمال الفترة الرئاسية الأولى وليس خوضه الانتخابات مجددا لولاية ثانية علاوة على أن نائبته «هاريس» لم تكن فى الصورة خلال الـ3 سنوات الماضية فى أى من المهام المنوط تنفيذها كنائب للرئيس فى هذا المنصب المهم ومعاونة الرئيس فى إدارة الدولة، حيث لم يكن لها دور ملموس يطمئن الشعب الأمريكى بأنها قادرة على قيادة أمريكا حال خلو منصب الرئيس لأى سبب من الأسباب.

وأشار «ماك» إلى أن البيت الأبيض لا يحكمه سيده ولكن فريق العمل هم من يتخذون القرارات، وعلى رأسهم وزير الخارجية أنتونى بلينكن ومستشار الأمن القومى جيك سوليفان، وشاهدنا قرارات من المفترض أن تكون من سيد البيت الأبيض ولكنها كانت من «بلينكن» و«سوليفان»، وهذه حالة طبيعية منتظرة مع الأخطاء و«زلات اللسان» لـ«بايدن» التى وصل بها الأمر إلى التهديد بإشعال حرب مع الصين مثلا عندما صرح «بايدن» أنه يستطيع إرسال قوات عسكرية إذا حاولت الصين ضم تايوان بالقوة ثم يخرج البيت الأبيض حتى يعدل تلك التصريحات. 

الباحث فى السياسات والعلاقات الدولية بجامعة ليبرتى فى فيرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ماركو جيمى، أوضح أن الانتقادات للرئيس «بايدن» قاسية فيما يتعلق بتصرفاته المرتبطة بالحالة الصحية، وآخر مثال على ذلك التقرير الصادر عن المدعى الخاص روبرت هور، المكلف بالتحقيق فى اتهام الرئيس الأمريكى بسوء التعامل مع وثائق سرية، والذى أوصى بعدم ملاحقته جنائيا بخصوص عدم الكشف عن تلك الوثائق التى وجدت فى منزل الرئيس، مرجعا سبب عدم الملاحقة الجنائية إلى أن السبب فى عدم إفصاح «بايدن» عن تلك الوثائق للجهات المختصة، هو حالته الصحية العقلية والنفسية التى وصفت بأنها فى خطر شديد على الأمن القومى، الأمر الذى جاء بهجوم مضاد، لتخرج نائبته «هاريس» وتقول إن الرئيس بصحة جيدة وحتى يتم إسقاط وتفريغ تأثير هذا التقرير على الرأى العام الأمريكى، ظهر «بايدن» لمخاطبة الشعب ليثبت أن صحته البدنية والنفسية على ما يرام، ولكنه أقدم على خطأ أكبر، مما أثبت للشعب أن التقرير صحيح وأن هناك بالفعل خطرًا شديدًا على الأمن القومى بسبب صحة الرئيس بايدن، مما دفع «الجمهوريين» إلى تفعيل مادة بالدستور وهى البند الرابع بالمادة 25، والتى تنص على إمكانية إقالة الرئيس إذا توفرت موافقة من نائب الرئيس والمجموعة الوزارية وأعضاء من الكونجرس وإذا رفض الرئيس هذا الطلب من الممكن أن يعود الرئيس لمنصبه لمدة 4 أيام لحين القيام بطلب آخر، ولكن فى هذه الحالة يجب موافقة نائب الرئيس ومجموعة وزارية وثلثى الأعضاء بالكونجرس كتابيا، والجمهوريون يدفعون بهذا القرار فى ظل نقاش سياسى حاد يزيد من الاستقطاب مع الديمقراطيين.

ولفت «ماركو» إلى أن الوحدة الطبية فى البيت الأبيض هى جزء من مكتب الجيش فى البيت الأبيض وتتحمل مسئولية الاحتياجات الطبية لموظفى البيت الأبيض والزوار،و تقدم أيضا الرعاية الطبية للرئيس ونائب الرئيس وعائلاتهم والشخصيات الدولية الزائرة إلى البيت الأبيض، مشيرا إلى أن الفحص الطبى للرئيس بايدن أظهر أنه «جاهز لتنفيذ واجبات الرئاسة بنجاح»، وفقا لطبيبه فى تصريحات لجريدة نيويورك تايمز فى فبراير 2023، كان ذلك عندما استكمل «بايدن» اختبارات طبية تمهيدا لترشحه فى الانتخابات الأمريكية.